ظهور النسخة الضائعة من لوحة «جمل المحامل»

النسخة المخصصة للبيع في مزاد دبي سيتم وصفها بـ«الإصدار رقم 3»

«جمل المحامل 2» للفنان سليمان منصور
«جمل المحامل 2» للفنان سليمان منصور
TT

ظهور النسخة الضائعة من لوحة «جمل المحامل»

«جمل المحامل 2» للفنان سليمان منصور
«جمل المحامل 2» للفنان سليمان منصور

نتيجة للاهتمام الكبير الذي نالته نسخة عام 2005 من العمل الفني «جمل المحامل» للفنان الفلسطيني سليمان منصور منذ شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي تاريخ إعلان دار «كريستيز» عن عرض هذا العمل للبيع في مزادها في دبي، فقد قام أحد مقتني الأعمال الفنية من المقيمين في لندن بالتواصل مع الدار وتأكيده امتلاكه العمل الأصلي الذي يحمل الاسم نفسه. وبعد زيارة لفريق اختصاصيي «كريستيز» لتقييم العمل، تؤكد «كريستيز» أن هذا العمل هو فعلا النسخة الأصلية التي تم رسمها في عام 1973.
وفي تعليقه على الموضوع، قال مايك جيها، المدير التنفيذي لدار «كريستيز» في دبي: «تتسم عملية بيع الأعمال الفنية في المزادات بأعلى مستويات من الشفافية، ونظرا للانتشار الكبير لكتالوجات المزادات سواء المطبوعة أو على شبكة الإنترنت، تتكشف دائما أخبار جديدة عن بعض الأعمال فنية، فقد تم التواصل معنا أخيرا وإعلامنا حول موضوع نجاة العمل الفني الأصلي، وهو ما نعتبره اكتشافا مثيرا بالنسبة لنا. ونتيجة لذلك، فإن النسخة المخصصة للبيع في مزاد دبي سيتم وصفها الآن بـ(الإصدار رقم 3) من هذا العمل، وليس (الإصدار رقم 2) كما سلف أن أعلنا. ويسعدنا جدا اكتشاف هذا الكنز من الموروث الفني الفلسطيني الذي اعتقد أنه مفقود».
النسخة التي كان يعتقد أنها العمل الأصلي المرسوم في عام 1973 وتم إهداؤها لاحقا إلى العقيد الليبي الراحل معمر القذافي ويعتقد أيضا أنه تم تدميرها خلال الضربة الأميركية على ليبيا سنة 1986، تعرف الآن بأنها «النسخة الثانية»، وتعود لعام 1975، مع وجود النسخة الأولى (1973) في يد المقتني المقيم في بريطانيا. ومنذ اكتشاف العمل الأصلي للفنان، أكد سليمان منصور أن هنالك 3 نسخ حصرا تم رسمها بيده.
وسيقدم مزاد «كريستيز» القادم في دبي يوم 18 مارس (آذار) الحالي أكثر من 150 عملا فنيا؛ حيث تمثل أكثر من 90 في المائة من هذه الأعمال لوحات لم تعرض في مزاد من قبل، ومنها «اللوحة رقم 8»، وسيعرض المزاد أيضا أعمالا من 20 مجموعة شهيرة من المقتنيات الخاصة، إلى جانب التركة الشخصية للفنانين أنفسهم من كامل منطقة الشرق الأوسط. ويلقي المزاد هذا العام الضوء على فنون مصر مع مدرسة الإسكندرية، وعلى الحركة الفنية اللبنانية مع 14 عملا من مقتنيات جوني مقبل، كما سيقدم المزاد عرضا أكثر تفصيلا حول التطورات الفنية في فلسطين.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».