الروائي اللبناني جبور الدويهي رحل هرباً من «سم في السماء»

جبور الدويهي
جبور الدويهي
TT

الروائي اللبناني جبور الدويهي رحل هرباً من «سم في السماء»

جبور الدويهي
جبور الدويهي

من النادر أن يعكف أديب على كتابة الرواية متأخراً كما جبور الدويهي، ويحصد ما جناه من ألق وحب وتعلق من قرائه. وقليل أيضاً أن يصدر كتاب يكاد يضاهي كل ما سبقه لأديب وهو على فراش الموت، ذاك لأنه بقي ينحت ويجتهد حتى النهاية. لكن للأسف، لم يمهل الوقت جبور ليفرح بروايته الجديدة «سم في الهواء» ويوقعها لمحبيه، يقرأ ما يكتب عنها، وما يقال حولها من أصدقائه كما العادة. رغم معاناته الطويلة مع سرطان الدم، جاءت وفاته مفاجئة. كنا نظن أن جبور قائم بيننا، وهو البعيد القريب، الذي لا يغيب عن المقاهي وإطلالاته العجلى على الأصدقاء، دون أن يدنو كثيراً من الصحافة واجتماعيات الأدباء. كان يفضل «مقهى الأندلس» في طرابلس، وجلسات «الباندور»، وتلك الوجوه التي ألفها وعاشرها. زغرتا مسقط رأسه، ومقامه المفضل الذي لم يبارحه إلا ليذهب إلى مصيفه إهدن. «زغرنا هي العمل وإهدن هي الراحة، وللولاها لكنت شخصاً آخر» كما كان يقول. أما طرابلس فكان يقضي فيها يومه، بين الرفاق، يلملم شتات الفكرة، وبقية الصور، ويغزل الحبكات الصغيرة لرواياته. طرابلس التي عرف تاريخها وقصص أحيائها أكثر من الطرابلسيين أنفسهم، ومن تفاصيلها نسج أجزاء من رواياته مثل «شريد المنازل» و«حي الأميركان».
هو حقاً ابن الشمال اللبناني، حيث كان يباهي بأنه يعرف عكار أيضاً أحسن من العكاريين. وابن المتوسط وامتداده الجبلي، بثلجه وشلالاته ومغاوره وكنائسه، وأحيائه الصغيرة، فمن نهر رشعين حيث سبح صغيراً، انطلقت رواية «ريا النهر». ومن يقرأ رواياته، يعرف أنه يصف ما تقع عليه عينه ببراعة الحكاء.
التصق جبور الدويهي الذي توفي عن 72 عاماً، عاش ربع قرن منها روائياً، وقبلها أستاذاً جامعياً، بسحر المكان. وتدور غالبية رواياته، كما يتحرك أبطاله في هذا الحيز الذي لم يحب أن يبارحه كثيراً، دون أن ينسى بيروت. لكنه في واقع الأمر، كان ماهراً في تحويل هذه البقعة الجغرافية إلى مكان نموذجي لقص حكايات، لها أبعادها التي تتجاوز الحدود، وتجد عمقها الإنساني الأوفى في سير أبطاله وشخصياته. وهو ما يجذب القراء، وحرض على ترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية، والإيطالية، والألمانية والتركية. واستحق بحق أن ينال جائزة البوكر على اللائحة القصيرة أربع مرات، دون أن يصل أبداً إلى الجائزة الأولى.
نال الدويهي كذلك عدداً من الجوائز الأدبية، منها جائزة سعيد عقل 2015 عن روايته «حي الأميركان»، وجائزة الأدب العربي عام 2013 عن روايته «شريد المنازل». وحصل الدويهي على جائزة «سانت إكزوبيري» الفرنسية عن روايته «روح الغابة» التي صدرت بالفرنسية عام 2001.
من يعرف جبور الدويهي، يدرك أنه هو نفسه شخصية روائية تستحق أن تروى، بمثابرته، وبتناقضاته التي تجمع بين الهدوء الظاهري والغليان الداخلي، بين قدرته على التوغل في حكايا أبعد من الجغرافيا، مع بقائه في أمكنة محدودة. هو الأستاذ الجامعي الذي قضى عمره في تدريس طلابه الأدب الفرنسي في الثانويات والجامعة اللبنانية، ليصبح بعد ذلك اسماً روائياً بارزاً في الأدب العربي بفضل لغته التي اشتغل على تثقيفها وتطويعها، وأسلوبه الوصفي الذي يشبه عمل نساج لا يمل ولا يتعب. هو صاحب الرأي السياسي الحاد والصريح الذي لا لبس فيه، لكنه يكتب في رواياته ما هو أبعد من حدود اللحظة الآنية والتباساتها وغموض حساباتها. تلك حنكة تحسب له وهو من جيل عاش الحرب الأهلية وعرف مرارتها وتقلب قادتها، وضحاياها الكثر وهم يسقطون بالمجان. في كل رواياته بقي جبور الدويهي مشغولاً بالصراعات البائسة التي عرفها عن كثب في بلدته زغرتا قبل أي شيء، ولم يكن ما حدث في لبنان والمنطقة إلا ما يشبهها. يقول: «أنا من بلدة أصيلة لا عمر لها. وليس في ذاكرة أهلي أي ترحال سوى نزوحهم الشتوي إلى بلدة لهم في السهل، تطل بحياء على البحر». ويصف أهالي منطقته قائلاً «كأنهم نبتوا هنا مستظلين السماء وبشجر الجوز على كتف وادٍ سحيق يسكنه الضباب». والأهم أنهم «يتوارثون الأرض ويتنازعون عليها بقساوة وطول أناة، لا يأتمنون الكتب على تاريخهم، لأن تفاصيل القرون الغابرة لا تزال شاخصة في حياتهم. يخبرون قصصهم منذ ألف من السنين، يحفظونها عن ظهر قلب، ويوم يكتبونها تكون بداية نهايتهم».
هل كان جبور يكتب ما بدا أنه ممنوع من الكتابة؟ وما يمكن أن يشكل بداية لنهاية عصر من النزاعات البدائية القبلية، والعصبيات المجنونة التي عصفت بطفولته وشبابه، ولم يرها إلا تزداد هستيريا وهو يغمض عينيه على الدنيا؟ ذاك ما يجيب عليه بطل روايته الأخيرة «سم في الهواء» الذي انتهى إلى يأس مطلق.
بدأ جبور الدويهي حياته الأدبية بمجموعة قصصية عنوانها «الموت بين الأهل نعاس» صدرت عام 1990، لتأتي بعدها روايته الأولى «اعتدال الخريف» سنة 1995، بعد ذلك، نراه يتمركز في حكاياه أكثر في طرابلس وزغرتا من خلال: «ريا النهر» (1998)، و«عين وردة» (2002)، و«مطر حزيران» (2006)، و«شريد المنازل» (2010)، و«حي الأميركان» (2014)، و«طبع في بيروت» (2016)، و«ملك الهند» 2019، ومن ثم «سم في الهواء». وهي روايته الأخيرة التي كتبها بضمير الرواي نفسه، وجاءت أشبه بسيرة ذاتية. فالخطوط العريضة للشخصية الرئيسية ليست بعيدة عن حياة جبور ومساره المهني والفكري. فالراوي مثقف، ثائر، يسعى إلى التغيير، وهو محاط بصراعات، يحاول أن يكون مصلحاً فيها، فيكتشف أن ما يحدث أكبر منه ومن رغباته البريئة. لكن الرواية مليئة في الوقت نفسه بالتخييل. فهي حكاية الابن الوحيد الذي يخشى عليه أبواه من كل شيء، أما والدته من آل الصباغ، فهي خائفة من غرابة طبعه، ومن خبل قد يمتد إليه من عائلتها. غرابة الطبع ستسوق هذا الوحيد في النهاية بعد مرارات وإحباطات وانكسارات، يخوض فيها تجارب شتى، ويدخل في تيارات مختلفة، إلى يقين بأن ما أفسده الدهر لا تصلحه الإرادات الطيبة، فيذهب إلى عزلة وانقطاع، ويملؤه الإحساس بالشر، وينتهي به الأمر إلى إحراق كتبه التي نهل منها معارفه، وشكل بفضلها شخصيته. إنها النهاية العبثية التي رآها جبور قبل أن يغمض عينيه ويرحل عن هذا العالم.
جبور الشيخا الدويهي، ولد عام 1949 في زغرتا، تعلم في مدارس طرابلس صغيراً، قبل أن ينتقل إلى كلية التربية في «الجامعة اللبنانية» في بيروت، حصل بعدها على دكتوراه في الأدب الفرنسي المقارن من جامعة السوربون الثالثة. وبقي أستاذاً في الجامعة اللبنانية حتى تقاعده، ليتفرغ بعد ذلك لكتاباته الأدبية، ويصدر بمعدل رواية كل سنتين ونصف السنة. فهو أديب متمهل، متمعن ومتأمل. يعشق التفاصيل، وينسج صوره كما وكأنه يغزل نسيجاً هشاً.
بدأت علاقته بالأدب باكراً من المرحلة الثانوية، حيث عكف على قراءة نهمة لكبار الأدباء، مثل دوستويفسكي، بلزاك وفوكنر، وتشارلز ديكنز، عدا الروائيين العرب. كتب النقد الصحافي في مجلة «لوريان لكسبرس» الصادرة بالفرنسية وفي ملحق صحيفة «لوريان لوجور» الأدبي، وبقي حلم الرواية يراوده على أن أقدم، لحسن حظ قرائه، واتخذ المبادرة. ورغم تعدد موضوعاته، إلا أن روايات جبور دويهي، هي حكاية الصراعات اللبنانية التي لا تنتهي، إذ بقيت الحرب الأهلية اللعينة، في عمق وجدانه، والبحث عن مخرج يؤرقه.
رحل جبور دويهي ونعاه طلابه الذين لا يزالون يتحدثون عن محاضراته الدسمة وهم يتمتعون بسماعها، وكذلك أهل الأدب والفكر، وأصدقاؤه الكثر، وغرقت إهدن في حداد عميق حزناً على ابنها الذي بنى من كل تفصيل وزقاق ومنزل وقرميد فيها بزل رواياته الأنيقة.
وقد كرمت الأديب مؤخراً «الجامعة الأنطونية» ضمن سلسلة «اسم علم»، حيث أطلقت المجلد الرابع عشر من السلسلة بعنوان «جبور الدويهي... روائي الحياة اللبنانية». وقال جبور في هذه المناسبة كلمته الوداعية الأخيرة: «إنها حياة حدثت لي، فيها الكتابة بموعد متأخر ولكن ثابت، فاكتفيت بها وألفت مع زوجتي عائلة جميلة ومتفائلة لا أطلب لها سوى الاكتفاء والهناء. وإذا كان من امتنان فلوالدي، وإذا كان من شكر فلعائلتي، وإذا كان من تواطؤ فمع أصدقائي». أصدقاؤه الذين كان يؤمن بحدسهم، ويستذوق آراءهم، قبل أن يرسل مخطوطاته للنشر. ومن غرائب الصدف أن يرحل صديقه الأثير فارس ساسين بعد ساعات منه. وداعاً جبور، لقد كان حضورك جميلاً في الجامعة كما في الرواية وفي صحبة السفر.



ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون
TT

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

أفلاطون
أفلاطون

في اليوم العالمي للتسامح الذي صادف أمس، ينبغي لنا، نحن العرب تحديداً، أن نتساءل: ما بال العالم كله ينعم بالسلام ويتقلب في رغد العيش، ونحن نخرج من حرب لنلبس لأمة الحرب من جديد؟ وإن كانت أوكرانيا قد خرقت القاعدة، إلا أن الأعم الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية، تختلف عما نراه في أفلام السينما. بمناسبة اليوم، سنمر بمحطات تاريخية ذات علائق بالموضوع، ولعل أول رمز للتسامح في تاريخ الفكر هو سقراط، كما تجلّى في محاورات تلميذه أفلاطون، وتجلّت معه روح التسامح في أسلوبه الحواري كجزء من بحثه عن الحقيقة.

في المحاورات، كان متسامحاً للغاية مع محاوريه، ويدعوهم للسعي وراء الحقيقة أينما انطلق بهم هذا السعي. ولطالما شجّع خصومه على تفنيد كل ما يقول، وأن هذه هي الطريقة المُثلى للكشف عن وجه الحقيقة. وفي إحدى المحاورات يصف نفسه بأنه يبتهج بدحض الآخرين لأقواله أكثر من ابتهاجه بدحضه أقوال الآخرين، لأن النجاة من الشر خير من إنقاذ الآخرين.

السعي وراء الحقيقة، بالنسبة إلى سقراط، مرتبط بالعقل المنفتح، وهذا الشكل من التسامح الحواري يفترض بالطبع أن يؤدي إلى رؤية موحدة للحقيقة. لا بد أن تشعر في بعض الأحيان بأن تسامح سقراط مبالغ فيه للغاية، لكن ربما هذا هو أساس فكرة «المحاورات»، أن تخلق الإنسان الكامل المرجعي في كل شيء، مع أننا نعلم أنه في النهاية إنسان، ولا بد أن يكون غضب ذات مرة، بل مرات.

محطة التسامح الثانية يمكن أن نراها واضحة وأكثر تطوراً في رواقية إبكتيتوس وماركوس أوريليوس وسينيكا، فالفكرة الرواقية هي وجوب التركيز على تلك الأشياء التي يمكننا التحكم فيها، مثل آرائنا وسلوكياتنا، مع تجاهل تلك الأشياء التي لا يمكننا التحكم فيها، وخاصة آراء وسلوكيات الآخرين. ترتبط الفكرة بالاستسلام واللامبالاة، كما هو واضح في حالة إبكتيتوس، الذي قد يفسر وضعه الاجتماعي نصائحه بالتحرر الذهني، لا الجسدي، فقد نشأ مستعبداً عند الرومان.

بطبيعة الحال، صبر المستعبد ليس مثل تسامح المتسامح الذي يملك القدرة على الرفض، قدرة لا يمتلكها المستعبد، فالتسامح فضيلة القوي، كما يقول الإمبراطور ماركوس أوريليوس. وقد يرتبط الأمر بفضائل أخرى مثل الرحمة والإحسان، غير أن نظرة الرواقيين إلى التسامح لا تصل إلى درجة احترام الاستقلالية وحرية الضمير، كما الحال في الليبرالية الحديثة، إذ لم تكن الحياة السياسية الرومانية متسامحة مثل الحياة السياسية الحديثة، وعلى الرغم من أن «تأملات» ماركوس تحتوي على نصوص كثيرة تستحضر روح التسامح، فإن ماركوس نفسه كان مسؤولاً بشكل شخصي عن سحق واضطهاد المسيحيين في زمنه.

ولم يصبح التسامح موضوعاً جدياً للاهتمام الفلسفي والسياسي في أوروبا حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر، بل قبل ذلك خلال عصر النهضة والإصلاح في القرنين الخامس عشر والسادس عشر رفع الإنسانيون من مثل إيراسموس ودي لاس كاساس ومونتين شعار استقلالية العقل البشري ضد دوغمائية الكنيسة التي كانت توقد نيران محاكم التفتيش وتلقي بالناس فيها وتقتل المخالف.

في أعقاب الانقسامات التي خلّفها مشروع الإصلاح اللوثري والإصلاح «الكاثوليكي» المضاد، دُمرت أوروبا بسبب الحرب التي أثيرت باسم الدين، حروب بلغت ذروتها في حرب الثلاثين عاماً (1618 - 1648). بسبب هذه الحرب الشنيعة، وكل الحروب كذلك، أدرك العلماء والحكماء حجم القوة التدميرية الكامنة في التعصب، فنهضوا لاجتثاث ذلك التدمير من خلال استعادة نصوص التسامح وإعادة النظر في العلاقة بين المعتقد الديني والسلطة السياسية.

لافونتين

وكان هناك تأثير ثقافي للتيار الذي قام من أجل تعريف معنى السيادة وتطهير الدين في بريطانيا مما علق به خلال الحروب الأهلية البريطانية (1640 - 1660)، ويضاف إلى كل ذلك تكاثر المعلومات عن الاختلافات الثقافية مع بداية عهد الرحلات واكتشاف العالم، وكان لاكتشاف الصين تحديداً أعظم الأثر، فقد صُدم المسيحيون صدمة فكرية عنيفة عندما وجدوا شعباً أخلاقياً لا يؤمن بدين، بمعنى أنهم وصلوا إلى أن الدين ليس مصدر الأخلاق. ورفع الإنسانيون في حركة الإصلاح شعاراً يقول: هل لديكم معرفة منقولة عن الله معصومة من الخطأ تبرر قتل من يُتهم بالزندقة؟ ولم يلبث هذا القلق بشأن قابلية الإنسان للخطأ أن فتح الطريق إلى ما يعرف باسم «التسامح المعرفي»، ومع اقتران الاعتراف بقابلية الإنسان للخطأ وانتقاد السلطة الكنسية، نشأت أشكال جديدة وأكثر عمقاً، من التسامح السياسي. وأخذ التسامح في القرن السابع عشر صورة الممارسة العملية في أجزاء معينة من أوروبا.

ربما حدث هذا نتيجة زيادة التجارة والحراك الاجتماعي. وصاغ سبينوزا حجة للتسامح ترتكز على 3 دعاوى، أولاً، تقييد حرية الفكر مستحيل. ثانياً، السماح بحرية الفكر لا يمس بسلطة الدولة. وثالثاً، يرى سبينوزا أن السلطة السياسية يجب أن تركز على التحكم في الأفعال، وليس على تقييد الفكر. هذا التركيز على الفرق بين الفكر والفعل أصبح قضية جوهرية في مناقشات المفكرين اللاحقة حول التسامح، خصوصاً عند لوك، وميل، وكانط. ويمكن العثور على صورة مختلفة إلى حد ما عن رؤى سبينوزا الأساسية في رسالة لوك الشهيرة حول التسامح (1689)، وهي مقالة كتبها أثناء منفاه في هولندا. وتركز حجة لوك بشكل خاص على الصراع بين السلطة السياسية والمعتقدات الدينية. لقد عبّر عن وجهة نظر مبنية على دعواه بأنه من المستحيل على الدولة فرض المعتقد الديني بالإكراه. وقال إن الدولة يجب ألا تتدخل في المعتقدات الدينية التي يختارها الأفراد، إلا عندما تؤدي هذه المعتقدات الدينية إلى سلوكيات أو مواقف تتعارض مع أمن الدولة. رسالة جون لوك اليوم لا تزال هي المانيفستو الأساس لكل مطالب التسامح، رغم أنها لم تكن كاملة في البداية.