فيلم «مش أنا» يُخرج تامر حسني من إطار «الكوميديا اللايت»

لقطة تجمع تامر حسني مع حلا شيحة
لقطة تجمع تامر حسني مع حلا شيحة
TT

فيلم «مش أنا» يُخرج تامر حسني من إطار «الكوميديا اللايت»

لقطة تجمع تامر حسني مع حلا شيحة
لقطة تجمع تامر حسني مع حلا شيحة

يعود الفنان المصري تامر حسني إلى السينما مرة أخرى عبر فيلمه الجديد «مش أنا» الذي يحقق من خلاله حالياً إيرادات مرتفعة، متفوقاً على بعض النجوم البارزين. حبكة «مش أنا» الأساسية تعتمد على الظروف المأساوية التي يعاني منها «حسن» جسّد دوره تامر حسني، كشاب فقير للغاية، يحظى بمواهب شتى لكنه لا يجد فرصة عمل مناسبة، يسعى لتوظيف طاقاته بشكل إيجابي، لكنه محاط بعوامل عدة تدعو للإحباط. ثمة حزن دفين محفور في عينيه، ونبرة مهزومة تسكن صوته، لكنه يحاول أن يتماسك لأنه مسؤول عن أمه التي ليس لها غيره وتعاني من أوجاع الشيخوخة وحنينها لذكريات قديمة لا تعود. تتفاقم أزمة «حسن» عندما يصاب بمرض نادر هو «متلازمة اليد الغريبة» التي تتلخص ببساطة في عدم قدرته على التحكم في يده اليسرى التي تتحول إلى كائن منفصل عنه لها إرادتها الخاصة وقرارتها المستقلة. ومن هنا جاء اسم الفيلم، فكلما أوقعته يده في تصرف غير ملائم أو وضعته في مأزق، سارع ليصرخ مدافعاً عن نفسه قائلاً «مش أنا»، ويبدأ فاصل من السخرية حين يحاول أن يشرح للطرف الآخر أن يده خارج السيطرة.
فبعد ما يقرب من 15 دقيقة من التراجيديا الخالصة، تنفتح نوافذ الضحك اعتماداً على كوميديا الموقف النابعة من البناء الدرامي للعمل نفسه وليس كوميديا النكات والإفيهات، وتتفرع الخيوط الدرامية مثل الخيط الرومانسي مع فتاة يجد معها البطل الحب - جسّدت دورها حلا شيحة، وخيط الصداقة مع شخص محل ثقته ومستودع أسراره - جسّد دوره النجم ماجد الكدواني.
وأحدث الفيلم ضجة واسعة خلال الآونة الأخيرة بعد تبرؤ الفنانة حلا شيحة من بعض مشاهدها بالفيلم، خصوصاً التي جمعتها مع تامر حسني، وتسبب ذلك في حدوث سجال حاد بين البطل والبطلة، على خلفية اختيار حسني لمشاهد معينة في كليب الفيلم، وصفتها شيحة بأنها غير لائقة، مؤكدة أنها تغيّرت بعد زواجها من المنتج معز مسعود، وأن الفيلم صُور قبل الجائحة وقبل الزواج. لكن حسني أكد أنه لم يعدها بأي شيء فيما يخص حذف المشاهد، وأنه حاول الاتصال بها من دون جدوى خلال مونتاج الفيلم.
الجدل الذي رافق الفيلم لم يتوقف عند هذا الحد، بل اكتسب طابعاً طبياً أخلاقياً، إذ اعتبره البعض يمثل شكلاً من أشكال «التنمر» بالمصابين بهذا المرض من خلال تحويلهم إلى مادة للسخرية والضحك، كما اتهم آخرون صناع الفيلم باقتباس الملصق الدعائي للعمل من ملصق فيلم Me, Myself & Irene للنجم العالمي جيم كاري، وهو ما جعل صناع العمل يقدمون ملصقاً آخر ليصبح الملصق محل الجدل مجرد مقترح بديل.
ويرى نقاد من بينهم محمد البرعي أن الفيلم يمثل نقلة مختلفة في مسيرة النجم تامر حسني الذي جاء أداؤه متسماً بالنضج، حيث لم يقتصر على «الكوميديا اللايت» كما هو معتاد في أعماله السينمائية السابقة، بل أجاد توظيف الشق التراجيدي، ويقول البرعي، لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الفيلم لا يظهر تامر باعتباره الوسيم الأنيق القادر على إيقاع الحسناوات في شباكه بنظرة واحدة، بل هو شخص حزين، مهزوم اجتماعياً، مسؤول عن رعاية أم مريضة، وظهر ذلك جلياً حتى على مستوى ملابسه التي جاءت في معظمها عبارة عن بيجامة بسيطة أو جاكيت من الجلد المهترئ».
وعن الأغنيات التي طرحها تامر في الفيلم، يشير البرعي إلى أنها جاءت متناغمة مع السياق الدرامي العام، وهي وسيلة مهمة لاستثمار شعبية تامر كمطرب له ملايين من الجماهير التي تتابع بشغف كل جديد له على المستوى الغنائي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».