الجائحة تلقي بظلالها على «طوكيو 2020»

قيود وتدابير صارمة في شتى المناطق... و غابت الحركة والضجيج في القرية الأولمبية

رجل أمن يمر بجانب لوحة إرشادات لمكافحة «كورونا» في طوكيو (أ.ف.ب)
رجل أمن يمر بجانب لوحة إرشادات لمكافحة «كورونا» في طوكيو (أ.ف.ب)
TT

الجائحة تلقي بظلالها على «طوكيو 2020»

رجل أمن يمر بجانب لوحة إرشادات لمكافحة «كورونا» في طوكيو (أ.ف.ب)
رجل أمن يمر بجانب لوحة إرشادات لمكافحة «كورونا» في طوكيو (أ.ف.ب)

ثمة شعور غريب يتملك الزائر منذ اللحظة التي يطأ فيها مطار «هانيدا» في العاصمة اليابانية. الصمت سيد المكان، والكلام ينسحب تدريجياً أمام النظرات والإشارات، والفراغ يجول في شوارع المدينة التي تعد أكثر من 20 مليون نسمة عشية افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المؤجلة من العام الماضي.
وكما في أي مكان آخر من العالم منذ مطالع العام الماضي، «كوفيد – 19» هو الحاضر الأكبر في هذا الأولمبياد الذي سيُرفع الستار عنه اليوم، لأول مرة في التاريخ، وراء الأبواب الموصدة بوجه الجمهور على أرض الملعب الوطني في طوكيو التي تبدو خارجة من شريط وثائقي عن غزوة فضائية أو كارثة طبيعية.
المهرجان الرياضي الأكبر في العالم، والعيد الشعبي الوحيد الذي يجمع الرياضيين والهواة من كل بقاع الأرض مرة كل أربع سنوات، ينطلق في هذه الدورة في بحر من الصمت ومشدوداً بين الفراغ والغياب.
قيود وتدابير صارمة كيفما اتجهت ولا مجال لأي استثناء على الإطلاق. غابت الحركة التي تضج بها عادة القرية الأولمبية، حيث باتت الحياة بالنسبة لما يزيد على 11 ألف رياضي من 205 دول أقرب إلى التنسك في صوامع لا تواصل بين ساكنيها الذين يمضون ساعات وراء النوافذ في المراقبة والتأمل.
يقول مسؤول فني في اللجنة الأولمبية الدولية وصل إلى طوكيو أواخر الشهر الماضي: «الجائحة غيّرت كل شيء. ثمة برودة غير مألوفة تنسدل على هذا المكان، وشعور بأن هذه الألعاب ستكون أقرب إلى التمرينات منها إلى المنافسات التي تحلم بها النخب الرياضية في العالم».
كم من الأرقام القياسية ستتحطم خلال هذه الدورة في غياب الجمهور الذي يوقد بحماسه وهتافاته اندفاعة الرياضيين الأخيرة نحو التفوق؟ أي نكهة سيشعر بها المتنافسون على ذهب الميداليات في غياب التصفيق وأمام الكاميرات الصامتة والباردة؟ أي مشهد سيرى العالم عند تعليق الميداليات على صدور الفائزين وعزف الأناشيد الوطنية على مسمع المدرجات الخاوية؟ هل سنرى دموع التأثر تتدحرج على خدود المنتصرين؟ وماذا سيحصل إذا اندفع الرياضيون إلى العناق المحرم تحت طائلة العقوبات؟ أسئلة كثيرة نطارحها أنفسنا على أبواب هذا الأولمبياد السوريالي الذي كان غالبية اليابانيين يطالبون بتأجيله أو حتى بإلغائه.
يقول العداء الإسباني مارتين فيز، بطل أوروبا والعالم بسباق الماراثون الذي يعتبر قمة المنافسات الأولمبية: «أجمل ما في السباق هو الاندفاعة الإضافية التي تأتيك من الجمهور الذي يهتف ويصفق على جانبي الطريق، ويحثك على مواصلة الجهد حتى النهاية. لا شك في أن هذه الألعاب ستكون مختلفة جداً عن كل ما عرفناه حتى الآن».
الاختصاصيون في علوم النفس الرياضية يقولون من جهتهم إن الهدوء سيكون عاملاً مهماً في هذه الألعاب، وإن الذين يعتمدون كثيراً على التأثر بحماس الجمهور ويجدون صعوبة في التعامل مع القيود والتدابير الصارمة سيدفعون ثمناً لذلك. إذاً، هذه ستكون ألعاب الصبر والقدرة على التكيف مع الظروف الجديدة.
لكن في المقابل ثمة من يرى أن ظروف الجائحة حفّزت الرياضيين على المزيد من التنافس والتفوق، وأن عدم وجود الجمهور قد يساعد أحياناً في المنافسات التي تحتاج إلى درجة عالية من التركيز. ولا يستبعد بعض الخبراء أن تتحطم أرقام قياسية كثيرة في هذه الألعاب بفضل غياب العنصر الخارجي، الذي غالباً ما يبدد تركيز الرياضيين.
أما الميدالية الأجمل التي علقتها «طوكيو2020» على صدرها قبل انطلاق الألعاب ومن غير منافسة، فهي مشاركة «فريق اللاجئين» لأول مرة في تاريخ الدورات الأولمبية، الذي يضم 29 رياضياً و16 مدرباً بمبادرة وتمويل من اللجنة الأولمبية الدولية. وسيشارك أعضاء هذا الفريق في 12 منافسة، وسبق لبعضهم أن شارك في دورة ألعاب ريو دي جانيرو عام 2016 ضمن الفرق الوطنية لبلدانهم، مثل السباحة السورية يسرى مارديني، ولاعبة التايكوندو الإيرانية كيميا اليزاده، التي حازت الميدالية البرونزية في الألعاب السابقة ثم فرت من بلادها العام الماضي ولجأت إلى ألمانيا. ويقول لاعب البادمينتون السوري آرام محمود، الذي هرب من بلاده في عام 2015 ولجأ في هولندا، حيث واصل تدريبه بفضل منحة من اللجنة الأولمبية: «لهذه الدورة نكهة خاصة جداً بالنسبة إلينا، وأنا في أقصى جهوزية للفوز الذي أتمنى أن أهديه لكل السوريين والعرب».


مقالات ذات صلة

رئيس «وادا»: واجهنا هجمات ظالمة وتشهيرية في عام مضطرب

رياضة عالمية رئيس وادا البولندي فيتولد بانكا (واس)

رئيس «وادا»: واجهنا هجمات ظالمة وتشهيرية في عام مضطرب

تعرضت الهيئة الرقابية الرياضية لانتقادات شديدة بسبب السماح لسباحين من الصين ثبتت إيجابية اختباراتهم لمادة تريميتازيدين.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
رياضة عالمية موريناري واتانابي (رويترز)

واتانابي المرشح لرئاسة «الأولمبية الدولية» يطالب بمراجعة خطط تسويق الألعاب

قال موريناري واتانابي، المرشح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية، اليوم (الأربعاء)، إنها يجب أن تعيد النظر في خططها التسويقية للألعاب الأولمبية لتقديم قيمة أعلى.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية شارلوت دوغاردان (أ.ب)

إيقاف البريطانية دوغاردان لعام بعد الاعتداء على حصان

أوقف الاتحاد الدولي للفروسية، الخميس، البريطانية شارلوت دوغاردان، وهي أكثر رياضية تحصد ميداليات أولمبية في تاريخ بلادها، لمدة عام واحد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو يكرم الرياضيين الفائزين في حفل الاتحاد الدولي لألعاب القوى (أ.ف.ب)

سيفان حسن وليتزيلي تيبوغو «أفضل رياضيين» في 2024

اختير البطلان الأولمبيان البوتسواني ليتزيلي تيبوغو (200م) والإثيوبية سيفان حسن (ماراثون) أفضل «رياضي ورياضية في عام 2024».

«الشرق الأوسط» (موناكو)
رياضة عالمية ماثيو ريتشاردسون (رويترز)

منع بطل الدراجات الأولمبي ريتشاردسون من تمثيل أستراليا

قال الاتحاد الأسترالي للدراجات، اليوم الاثنين، إنه لن يُسمح لماثيو ريتشاردسون بالعودة للانضمام إلى الفريق في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (كانبرا)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.