الخزانة الأميركية تستقصي «الامتثال» اللبناني لمكافحة غسل الأموال

وفد يضم مسؤولين عن «العقوبات» يزور بيروت

رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الخزانة الأميركية تستقصي «الامتثال» اللبناني لمكافحة غسل الأموال

رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس (الوكالة الوطنية)
رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمس (الوكالة الوطنية)

لم يشف الخبر «المفاجئ» عن وصول وفد من مكتب مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية إلى بيروت، الفضول التلقائي لقيادات مصرفية ومالية سعت إلى استنباط فحوى الزيارة وأهدافها وجدول المواعيد الذي أعدته السفارة الأميركية في لبنان، من دون الوصول إلى أجوبة وافية.
وزاد في الغموض المتصل بالزيارة، اكتفاء السفارة بإصدار بيان مقتضب ورد فيه أن الوفد «يزور بيروت في الفترة ما بين 19 و21 يوليو (تموز) الحالي. وسوف يجتمع مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب». وما يزيد في أهمية الزيارة، المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط»، أن الوفد يضم مسؤولين عن ملف العقوبات في الخارجية الأميركية، ما يوحي بالإطار المرسوم لهذه الزيارة.
ورغم عدم الإفصاح عن «تشكيلة» الوفد وهويات «المحاورين» الذين سيلتقيهم، رجح الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور جو سرّوع، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن تتناسب الاجتماعات مع المستويين الإداري والتقني لأعضاء الوفد، بخلاف المهمات ذات الطابع المالي - السياسي التي كان يتولاها مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شينكر، ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل.
وتوقع سرّوع أن تشمل لقاءات الوفد مسؤولين في مؤسسات رسمية وخاصة، لا سيما في القطاع المالي من مصارف ومن مكونات السلطة النقدية كحاكمية البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة، بوصفها معنية بتطبيق معايير الامتثال ومكافحة غسل (تبييض) الأموال، وبما يشمل الفساد والتهريب وتجفيف تمويل الإرهاب وفقا لمنظومة قوانين العقوبات الأميركية والتي طال بعضها شخصيات سياسية وحزبية ومؤسسات لبنانية في مراحل سابقة، وكان آخرها «جمال تراست بنك» أوائل صيف عام 2019، إضافة إلى مؤسسات أمنية ذات صلة بالتصدي للجرائم المالية وملاحقتها. أما فيما يخص المجتمع المدني، فقد حدد الوفد مهمته مسبقاً بإجراء مناقشات حول مكافحة الفساد، وهو ما ينسجم مع مسار الدعم والتشجيع الدولي للمنظمات والهيئات غير الحكومية الناشطة في لبنان.
لكن الأهم، بتقدير الخبير المالي، يكمن في توقيت الزيارة ذات الطابع الميداني، وهي الأولى من نوعها بإدارة جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأميركية، وغداة تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن إعلان السياسي اللبناني سعد الحريري الخميس (الماضي) تخليه عن مساع يبذلها منذ شهور لتشكيل حكومة جديدة «تطور مخيب للآمال»، وبأنه «لا بد للزعماء في بيروت أن ينحوا على وجه السرعة الاختلافات الحزبية وأن يشكلوا حكومة تخدم الشعب اللبناني».
وجاء تصريح بلينكن بعدما لوّح مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، بالتحرك معا للضغط على المسؤولين عن الأزمة التي يغرق فيها لبنان منذ أشهر، و«نحن نعرف من هم». علما بأن فرنسا فرضت مؤخراً قيوداً على الدخول إلى أراضيها على قادة لبنانيين تعتبرهم مسؤولين عن الأزمة، دون الكشف عن أسمائهم.
ولاحظ سرّوع أن التحرك، ولو على المستوى التقني، من قبل وزارة الخزانة الأميركية تجاه لبنان ليس شأناً عابراً، نظير انكشاف ملفات محلية عابقة بالفساد الإداري والمالي، ومعززة بحملات اتهامات متبادلة بين الأفرقاء السياسيين الفاعلين برعاية الهدر والمحاصصة على حساب الإنفاق العام للدولة، ما تسبب بغرق البلاد في أزمات اقتصادية ومالية ونقدية حادة، بحيث فقدت العملة الوطنية نحو 93 في المائة من قيمتها الشرائية، وتسببت بتفشي الفقر ليطال نحو ثلثي إجمالي المواطنين والمقيمين.
وإلى جانب الملفات المحلية التي يفترض أن تخضع للتقصي والتحقق من قبل الوفد الأميركي الذي يدير الملف المالي اللبناني من خلال بنك معلومات واستقصاءات عن مجمل تحركات الأموال عبر الحدود في العالم أجمع، يلفت سرّوع إلى الموجبات المتصلة بقانون «قيصر» الذي يحظر أي تعاملات مالية واقتصادية يمكن أن يستفيد منها النظام السوري، بينما تتوالى التقارير المحلية عن «غزارة» عمليات التهريب للمواد النفطية التي لا تزال تحظى بالدعم التمويلي من قبل البنك المركزي اللبناني.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.