«إم بي سي» تطلق «إكس فاكتور» بنسخته العربية

فريق «ليتل ميكس» البريطاني ضيف شرف إعلان موعد انطلاقته

لجنة التحكيم لبرنامج «إكس فاكتور» المكونة من النجوم راغب علامة وإليسا ودنيا سمير غانم ويتوسطهم مازن حايك المتحدث الرسمي
لجنة التحكيم لبرنامج «إكس فاكتور» المكونة من النجوم راغب علامة وإليسا ودنيا سمير غانم ويتوسطهم مازن حايك المتحدث الرسمي
TT

«إم بي سي» تطلق «إكس فاكتور» بنسخته العربية

لجنة التحكيم لبرنامج «إكس فاكتور» المكونة من النجوم راغب علامة وإليسا ودنيا سمير غانم ويتوسطهم مازن حايك المتحدث الرسمي
لجنة التحكيم لبرنامج «إكس فاكتور» المكونة من النجوم راغب علامة وإليسا ودنيا سمير غانم ويتوسطهم مازن حايك المتحدث الرسمي

«لا مجال للمقارنة بين برنامج تلفزيوني صنعته (إم بي سي) وبرنامج آخر عرض على محطة تلفزيونية أخرى»، بهذه الكلمات استهلّ مدير العلاقات العامة والمتحدّث الرسمي لمجموعة «إم بي سي» الإعلامية مازن حايك حديثه لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «سيتمتّع مشاهد (إكس فاكتور) بنسخته العربية عبر شاشتي (إم بي سي مصر) و(تشانيل4)، وابتداء من 14 من الشهر الحالي موعد عرض الحلقة الأولى منه، بمتابعة كمّ لا يستهان به من المواهب المشاركة فيه بفئاتها الثلاث، أي في الغنائين العربي والغربي والفرق الغنائية المشاركة». وجاء هذا الحديث مع مازن حايك على خلفية انعقاد مؤتمر صحافي اليوم مساء، في دبي، دعت إليه «إم بي سي» لإطلاق البرنامج المذكور، في حضور أعضاء لجنة الحكم الخاصة به والمكونة من إليسا وراغب علامة ودنيا سمير غانم، إضافة إلى حشد من أهل الصحافة والإعلام في العالم العربي.
أما مفاجأة هذا المؤتمر فتتمثّل بحلول الفريق الغنائي البريطاني «ليتل ميكس» ضيفا عليها، وهو أول فريق حصد لقب «إكس فاكتور» بصيغته البريطانية عام 2011. يتألّف الفريق من أربع فتيات وأصدر أول ألبوماته عام 2012 بعنوان «DNA»، فتصدّرت يومها أغنية الألبوم لائحة الخمس أغنيات الأولى في ثمانية بلدان، كما احتلّت المرتبة الثانية في بريطانيا والرابعة في الولايات المتحدة الأميركية.
تم عرض هذا البرنامج سابقا لموسمين متتاليين على قناة روتانا (2006 - 2007) من ناحية، والذي تضمن لجنة تحكيم تألّفت من الفنانين: خالد الشيخ وميشال الفتريادس وأنوشكا ونيللي، وعلى قناة «سي بي سي» (2013) من ناحية ثانية عندما تألّفت لجنة التحكيم من: إليسا ووائل كفوري وحسين الجسمي وكارول سماحة.
ولكن هل إضافة برنامج هواة جديد على روزنامة برامج «إم بي سي» سيتسبب بالتخمة للقناة المذكورة وعلى الساحة الفنيّة عامة؟ وخصوصا أن خريجين عدة من هذا النوع من البرامج لم يلقوا المصير المرجو لهم؟ يردّ مازن حايك: «ببساطة كلا، ففي الولايات المتحدة التي يعدّ سكانها بالملايين تحضّر سنويا موسمين من كل برنامج هواة لتقدّماه على شاشاتها، وعلى الرغم من ذلك فهي لم تفقد بريقها حتى الساعة. ونحن في الوطن العربي ودول الخليج نحبّ هذا النوع من البرامج، ولا سيما تلك التي لديها القدرة على الإبهار واستقطاب مواهب جديرة بالثقة. ولكن ما يهمّني قوله، إن (إكس فاكتور) بنسخته العربية الجديدة، سيكون بمثابة منصّة ضخمة ستضخّ المواهب على برامجنا الأخرى من النوع نفسه. كما أنها ستشكّل حافزا لولادة أكثر من معهد أو مدرسة تعلّم أصول الموسيقى والغناء للأولاد الموهوبين، تماما كما يحصل في البلدان الأجنبية لأنها تستأهل ذلك. فعندما يلاحظون في الغرب موهبة فذّة في مجال ما، فإنهم يتبنونها ويصقلونها لتصبح نجمة من نجوم هذا النوع من البرامج أو حتى على الساحة الفنية ككلّ، حتى إنهم أحيانا يلغون له بعض المواد العلمية الأخرى الداخلة في منهج دراستها ليتفرّغ لتكثيف تمارينه الفنية».
وعن عودة الفنان راغب علامة إلى المجموعة وكأن خروجه من «أراب آيدول»، كان بمثابة خطوة تمهيدية للاستعانة به في البرنامج الحالي أوضح قائلا: «لا، أبدا، لم نخطط للموضوع مسبقا، كلّ ما في الأمر أنه خرج من البرنامج الذي ذكرته لأسباب تتعلّق به، كما أننا وجدنا في هذه الخلطة لأعضاء اللجنة تمتعها بتناغم ملحوظ فيما بينها، وقد لمسنا ذلك في حلقات الاستماع إلى المواهب وكيفية اختيارهم وتبادلهم الآراء حولها». وأكد مازن حايك أن العمل في اي برنامج يتوزّع على فريق إنتاج ومعدّ ومواهب فذّة، إضافة إلى لجنة تحكيم محترفة، مشيرا إلى أن «إم بي سي» لا توفّر جهدا لإنجاح أي عمل يعرض على شاشتها، وهو أمر صار معروفا لدى الجميع.
هل صحيح أن لجنة أعضاء البرنامج في نسخته السابقة، تقف وراء فشل البرنامج كما أحبّ البعض أن يشيع كي لا يضحّي بصورته الإعلامية؟ سألت مازن حايك، ولا سيما أن ذلك ترجم في اختيار «إم بي سي» إليسا في «إكس فاكتور» اليوم، ووائل كفوري في «أراب آيدول» الماضي، فردّ بحماس: «لا دخل لأعضاء لجنة الحكم بذلك يومها، إذ إن الخطأ وقع على فريق الإنتاج في هذا الموضوع، فمن دون وجود مواهب حقيقية لا وجود لبرنامج مواهب، ونحن كـ(إم بي سي) نتكفّل بالباقي».
ولكن ما هي العناصر الرئيسية لنجاح عمل مشابه؟ يقول: «أولا يلزمك فكرة برنامج جيدة ومن ثم القدرة الإنتاجية العالية المستوى، والأهم من كل ذلك قدرتك على جذب أفضل المواهب. ولا ننسى هنا دور لجنة التحكيم والمسؤولية المطلوبة منها في خياراتها، إضافة إلى أن عملية التسويق للعمل والتي تتطلّب أحيانا إطلالة لوجه عالمي كـ(سايمون كاول) مثلا، وجميع هذه العناصر متوفرة لدى مجموعة (إم بي سي). والمعروف أن سايمون كاول هو صاحب فكرة برنامج (إكس فاكتور) العالمي وواحد من أبرز أعضاء لجنته التحكيمية». وأشار المتحدث الرسمي لمجموعة «إم بي سي» في هذا الحديث الذي خصّ به «الشرق الأوسط»، إلى أن هناك 10 مواهب سيلفتون نظر المشاهد منذ حلقات البرنامج الأولى، وأن جميعهم يستأهلون الوصول إلى التصفيات النهائية، ضمن الفئات المؤلّفة منها تركيبة البرنامج. وقال: «سيكون الفنان راغب علامة المسؤول عن فئة مواهب الغناء الغربي، والفنانة إليسا عن هواة الغناء العربي والممثلة دنيا سمير غانم عن أداء الفرق الموهوبة والمشاركة في البرنامج».
عملية إخراج برنامج «إكس فاكتور» بنسخته العربية الجديدة ستكون منوطة بعماد عبّود، أما التقديم للحلقات المباشرة فلم ترس بعد على اسمين ثابتين كون فريق الكاستينغ ما زال يقوم بتجاربه في هذا الموضوع. أما المواهب المشاركة فهي متنوعة وتم اختيارها من مختلف البلدان العربية والخليج والمغرب العربيين. أما أعمارها فهي متفاوتة، ولكن غالبيتها في سن المراهقة.
يذكر أن أشهر النجوم الذين تخرّجوا من برنامج «إكس فاكتور» بنسخته البريطانية، فريق «ليتل ميكس» وفريق «وان دايركشن» والمغني «أولي مورس» والمغنية «ليونا لويس» التي فازت بلقب البرنامج في الموسم الثالث منه في عام 2006. أما أشهر أعضاء لجان تحكيمه في النسخة نفسها فهم سايمون كاول وبرنسيس شيريل كول ولويس ووش وفرنانديز فرسيني وميل بي من فريق الـ«سبايسي غيرلز».
وفي الولايات المتحدة الأميركية شغل كل من بريتني سبيرز وبولا عبدول وشيريل كول وديمي لوفاتو، وغيرهم، هذه المسؤولية في نسخته الأميركية. والمعروف أن البرنامج نفسه يقدّم أيضا بالنسخة الأسترالية منذ عام 2005.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)