المنتخب الإنجليزي الحالي يدين بالكثير لبقية العالم

فينغر وجميع المديرين الفنيين الأجانب صقلوا مهارات الفريق على مدار ربع القرن الماضي

ساوثغيت مع لاعبيه بعد انتهاء المواجهة مع إيطاليا في «يورو 2020» (رويترز)
ساوثغيت مع لاعبيه بعد انتهاء المواجهة مع إيطاليا في «يورو 2020» (رويترز)
TT

المنتخب الإنجليزي الحالي يدين بالكثير لبقية العالم

ساوثغيت مع لاعبيه بعد انتهاء المواجهة مع إيطاليا في «يورو 2020» (رويترز)
ساوثغيت مع لاعبيه بعد انتهاء المواجهة مع إيطاليا في «يورو 2020» (رويترز)

إننا في إنجلترا بحاجة الآن للحديث عن كرة القدم. أعلم أننا كنا نتحدث عنها في كل دقيقة تقريباً من كل يوم خلال الشهر الماضي المبهج. لكن الحقيقة هي أننا بحاجة لأن تتكلم كرة القدم نفسها عن إنجلترا. الحقيقة هي أنه لا يوجد شيء آخر في هذا البلد يسمح لنا بالتحدث عن أنفسنا مثل المنتخب الإنجليزي لكرة القدم وتجربتنا الجماعية معه، رغم معاناته بعد الخسارة في المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية أمام إيطاليا بركلات الترجيح. ويتعين علينا أن نعرف أن «سنوات المعاناة» – 55 عاماً منذ الفوز بآخر بطولة كبرى في عام 1966 - ليست جروح معركة، بل آلام ولادة! فخلال هذه السنوات الطويلة، كانت هذه الأمة – إنجلترا – تختبئ داخل درع محطم للإمبراطورية البريطانية، إن جاز التعبير.
وبالعودة إلى عام 1966، عندما كان ملعب ويمبلي الشهير مليئاً بأعلام المملكة المتحدة، كان لا يزال بإمكاننا رؤية إنجلترا وبريطانيا على أنهما متطابقتان؛ لكن أصبح من المستحيل الحفاظ على هذا الخيال منذ ذلك الحين! لكن في الحقيقة، لا توجد مؤسسات مدنية إنجليزية أخرى على وجه التحديد يمكننا أن نجري مثل هذا النقاش حولها: فالعائلة المالكة، والجيش، وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، والبرلمان، ومركز السلطة السياسية البريطانية (وايتهول) كلها بريطانية، لكن المنتخب الإنجليزي لكرة القدم هو الذي يجمعنا معاً خلف هدف واحد.
وفي كأس الأمم الأوروبية 1996، رأينا إعادة اكتشاف «علم سانت جورج»، واستعادته من أقصى اليمين، لكن كان لدينا أيضاً مشجعون يغنون «لا استسلام للجيش الجمهوري الآيرلندي» خلال النشيد الوطني طوال معظم السنوات الـ25 الماضية. وفي «يورو 2016»، كانت الجماهير تردد هتافات تتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالطبع كان لدينا الكثير من التوقعات المبالغ فيها في بعض الأحيان، ورأينا أداءً ضعيفاً في أحيان أخرى. لكن العام الحالي كان مختلفاً، حيث كانت الأحاديث والمناقشات أكثر قوة، نظراً لأن المنتخب الإنجليزي قد حقق نجاحات أكثر مما كان يتخيله معظم الناس، ولأن من وضع معنى هذه الحكاية لم يكن المشجعون أو وسائل الإعلام، بل كان المنتخب الإنجليزي ومديره الفني غاريث ساوثغيت.
ولم يكن من الصعب أن نعرف الأسباب التي تجعل ساوثغيت يتحلى بهذه الشعبية الجارفة، فهو من نوعية المديرين الفنيين الذين لا يكتفون بما يحدث داخل الملعب ويتطرقون للعديد من الأمور والموضوعات الأخرى. وعلاوة على ذلك، فلديه خطة واضحة يلتزم بها ويعمل على تطبيقها، بغض النظر عن المنتقدين. إنه لا يقلل أو يبالغ في تقدير الفرق المنافسة ويتعامل معها جميعاً باحترام، وقد أظهر ذكاءً عاطفياً رائعاً تجاه نفسه وتجاه لاعبيه. إنه يتفهم ويحتفل بمساهمات كل فرد من أفراد فريقه – لاعبين وأفراد الطاقم الفني وكل المعاونين له في الجهاز الفني – ودائماً ما يشيد بلاعبيه الذين لا يشاركون في عدد كبير من الدقائق، وكأنه يوجّه رسالة مفادها أن جميع اللاعبين سواسية وأن كل لاعب يقوم بدوره كما ينبغي ووفق الدور المحدد له.
إنه لا يعدنا بتحقيق الانتصارات، لكنه يعدنا بأن يبذل هو ولاعبوه قصارى جهدهم وتقديم أفضل ما لديهم داخل المستطيل الأخضر، وهو الأمر الذي يذكرنا بالخدمة العامة من أجل المجتمع، التي لم تعد موجودة منذ زمن بعيد. وقبل كل شيء، لم يتزعزع ساوثغيت في دعمه لقرار انحناء لاعبي فريقه على الركبة قبل بداية المباريات تعبيراً عن مناهضة العنصرية، كما يتبنى رؤية تتسم بالتنوع والشمول للمنتخب الإنجليزي، ولا يفرق بين أحد على أساس العرق أو الجنس أو الطبقة الاجتماعية.
وقد أحببنا المنتخب الإنجليزي الحالي لأنه قدم أداءً جيداً للغاية، ولأنه عبّر عن نفسه بكل قوة. لقد رأينا فريقاً شاباً يمتلك دوافع هائلة ويلعب بتركيز شديد. ويمكننا أن نقول إن الجيل الحالي للمنتخب الإنجليزي هو الأكثر تركيزاً وتوازناً ووعياً بالقضايا الاجتماعية، حيث يضم لاعبين يعملون من أجل إطعام الأطفال الجياع، وآخرين يعملون من أجل العدالة الاجتماعية والعرقية، وآخرين يدافعون عن اللاعبين أصحاب البشرة السمراء. في الحقيقة، لم تكن الأمة الإنجليزية لكرة القدم يوماً ما بهذا القدر من التنوع، ليس فقط فيما يتعلق بالفريق الذي يتكون معظمه من لاعبين من أصول مهاجرة، أو حتى النقاد ومحللي المباريات على شاشات التلفزيون، ولكن فيما يتعلق بدولة كرة القدم الأوسع نطاقاً، حيث نرى الأطفال الموجودين في مدرسة داخلية إسلامية والأطفال الموجودين في حفل بشوارع أولدهام يشعرون بالسعادة الغامرة لنفس الشيء عندما يحرز المنتخب الإنجليزي هدفاً أو يحقق الفوز.
لكن حان الوقت الآن لتغيير مناقشاتنا وأحاديثنا بشأن كرة القدم. إننا في إنجلترا بحاجة للحديث عن علاقتنا مع بقية العالم. لقد أحببنا فريقاً رفض تحمل العبء غير المعقول للتاريخ المختلق والروايات العسكرية. فبالنسبة للمنتخب الإنجليزي الحالي، فإن الاسكتلنديين ليسوا هم الأعداء، والمباراة أمام ألمانيا لم تكن إعادة عرض لمعركة بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية! ومع ذلك، فما زلنا الأشخاص الذين يطلقون صافرات الاستهجان خلال عزف النشيد الوطني للفرق المنافسة! صحيح أن المنتخب الإنجليزي الحالي قد يكون في إنجلترا، لكنه يدين بـالكثير لبقية العالم: المدير الفني الفرنسي أرسين فينغر وجميع المديرين الفنيين الأجانب على مدار ربع القرن الماضي الذين غيّروا ثقافة غرف خلع الملابس في البلاد وصقلوا مهارات الفريق الحالي.
لقد أحببنا المنتخب الإنجليزي الحالي لأنه فريق شاب ولديه مستقبل باهر، لكن هل سننشر الحب في جميع الأنحاء؟ لقد حظي هؤلاء اللاعبون الاستثنائيون بدعم لم يسبق له مثيل مع جميع الأجيال السابقة. وقد استثمر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم - رغم كل إخفاقاته السابقة - على مدى العقد الماضي في تطوير هذا الفريق وبناء المرافق النموذجية في سانت جورج بارك، والاستثمار في تعليم التدريب وعلم النفس الرياضي والطب والتحليلات.
وفي الوقت نفسه، تعرض الشباب لضرر شديد فيما يتعلق بتعليمهم وصحتهم العقلية خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، كما تم استبعادهم من سوق الإسكان وتحميلهم بالديون. وبالنسبة لهم، فإن كل ما نقدمه هو الفتات المثير للشفقة من صندوق التعويض الخاص بالتعليم الحكومي.
إننا في إنجلترا بحاجة للحديث عن المستقبل. لقد عشنا لمدة شهر في عالم الخيال الجماعي، وشعرنا بروعة ما يمكن أن يجعله العمل الجماعي ممكناً، وما نشعر به عندما نتكلم بصيغة «نحن» وليس «أنا». لقد كان من الجيد أن نحلم وأن نتخيل وأن نفكر في كيف يمكننا تغيير إنجلترا إلى الأفضل. ومع ذلك، ما زلنا نواجه الجنون المروع لوباء كورونا وتغير المناخ والحكومة التي تأخذ 20 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع من أفقر الناس في إنجلترا. إن كرة القدم الإنجليزية لن تحل أياً من هذه المشاكل، لكن المنتخب الإنجليزي الحالي منحنا الفرصة لكي نتخيل ما سنكون عليه لو اخترنا القيام بذلك


مقالات ذات صلة

تألق صلاح يزيد الضغط على إدارة ليفربول قبل موقعة «الديربي» أمام إيفرتون

رياضة عالمية صلاح المتألق يحتفل بعدما سجل هدفين وصنع الثالث في مباراة التعادل مع نيوكاسل (اب )

تألق صلاح يزيد الضغط على إدارة ليفربول قبل موقعة «الديربي» أمام إيفرتون

تقلص الفارق بين ليفربول المتصدر وأقرب مطارديه تشيلسي وآرسنال من تسع نقاط إلى سبع بعد مرور 14 مرحلة من الدوري الإنجليزي الممتاز

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فابيان هورتسلر مدرب برايتون (د.ب.أ)

مدرب برايتون: سأتعلم من عقوبة الإيقاف... وفولهام متطور

تعهد فابيان هورتسلر مدرب برايتون بأن يتعلم من عقوبة إيقافه بحرمانه من الوقوف في المنطقة الفنية خلال مواجهة فولهام في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، غداً الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية آرسنال يستعد لاستضافة مانشستر يونايتد في كأس إنجلترا (رويترز)

قرعة كأس إنجلترا: آرسنال يصطدم بمانشستر يونايتد في قمة الدور الثالث

ستكون مواجهة آرسنال ومانشستر يونايتد على «استاد الإمارات» أبرز مباريات الدور الثالث من مسابقة كأس إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنغي بوستيكوغلو (رويترز)

مدرب توتنهام يريد استعادة بعض المصابين قبل مواجهة بورنموث

يأمل أنغي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، الذي يعاني من كثير من الغيابات، أن يستعيد جهود بعض المصابين قبل مواجهة بورنموث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كول بالمر (أ.ف.ب)

بالمر لاعب تشيلسي يقول إن تفاهمه مع جاكسون يزداد

قال كول بالمر لاعب وسط تشيلسي، إن تفاهمه مع المهاجم نيكولا جاكسون يزداد، بعدما سجل الثنائي هدفين في الفوز 3-صفر على أستون فيلا، في الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (تشيلسي (المملكة المتحدة))

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.