نجوم الغناء العربي للتألق في حفلات عيد الأضحى

وسوف وأنغام والجسمي وأصالة في المقدمة

نجوم الغناء العربي للتألق في حفلات عيد الأضحى
TT

نجوم الغناء العربي للتألق في حفلات عيد الأضحى

نجوم الغناء العربي للتألق في حفلات عيد الأضحى

يعود نجوم الغناء والطرب العربي إلى مواجهة الجمهور مرة أخرى، في «موسم حفلات عيد الأضحى 2021»، بحفلات حية ومباشرة متوقع لها أن تشهد حضوراً كبيراً من الجمهور المتشوق لهذه الحفلات بعد فترة طويلة من التوقف بسبب ارتفاع إصابات «كورونا» في معظم الدول العربية خلال الشهور الماضية.
ويستعد الكثير من النجوم للتألق مجدداً خلال إجازة العيد في مدن عربية عدة، على غرار العاصمة الإماراتية أبوظبي، التي تستضيف حفلات حسين الجسمي، وأصالة وتامر حسني، وميريام فارس. وسيقام حفلا حسين الجسمي وأصالة نصري يوم الخميس الموافق 22 يوليو (تموز) الحالي، قبل أن يحيي تامر حسني وميريام فارس حفلي يوم الجمعة الموافق 23 يوليو.
وبحسب دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي فإن «هذه الحفلات التي ستقام في صالة الاتحاد بجزيرة ياس، ستشهد عروضاً وألعاباً نارية مبهرة على هامشها».
كما تستعد اللبنانية يارا لإحياء حفل غنائي بعد فترة طويلة من الغياب، في مدينة دبي، يوم 21 يوليو، الموافق ثاني أيام عيد الأضحى.
ويشهد موسم «صيف جدة» بمدينة جدة السعودية حفلات غنائية كبرى هذا العام، إذ إنه من المقرر إحياء المطرب اللبناني الكبير جورج وسوف أولى حفلاته بالمملكة يوم الجمعة الموافق 23 يوليو (تموز) الحالي.
كما تحيي الفنانة المصرية أنغام حفلاً كبيراً أيضاً يوم السبت 24 يوليو الحالي أيضاً، وقالت أنغام عبر حسابها على «تويتر»: «أهلي وأحبابي جمهور المملكة العربية السعودية... وحشتوني جداً... أسعد بلقائكم في جدة يوم السبت 24 يوليو...(حفلات صيف جدة)»،.
كما يحيي المطرب المصري تامر عاشور حفلاً غنائياً يوم 24 من الشهر الحالي بجدة ضمن حفلات «صيف جدة»، وكتب عاشور عبر حسابه بموقع «تويتر»: «جمهوري وأهلي في جدة الحبيبة موعدنا يوم السبت 24 يوليو في أقوى حفلات صيف جدة... مستنيكم».
ويشاركه في الليلة ذاتها المطرب المصري الشاب محمد الشرنوبي، وعبّر الشرنوبي عن تحمسه للحفل قائلاً عبر حسابه على «إنستغرام»: «جمهور السعودية الحبيب، مستنيكم يوم السبت 24 في حفل مميز على مسرح جدة... أنا متحمس جداً».
وفي مصر، يستعد المطرب اللبناني وائل جسار لإحياء حفل غنائي في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، ضمن «مهرجان الماسة العلمين الغنائي الثاني»، كما يقدم تامر حسني حفلاً في 21 يوليو الحالي، قبل سفره لإحياء حفله بالإمارات.
كما أعلنت دار الأوبرا المصرية على موقعها الرسمي، تنظيم حفل غنائي للفنان علي الحجار يوم 29 يوليو الحالي، مع تقديم حفل الفنان هاني شاكر يوم 1 أغسطس (آب) المقبل، وذلك بعد تأجل الحفل الذي كان مقرراً إقامته مساء الخميس 8 يوليو على مسرح النافورة، بسبب الوعكة الصحية المفاجئة التي تعرض لها شاكر في يوم الحفل.
كما تقدم الفنانة أنغام حفلاً كبيراً على خشبة المسرح المكشوف لمركز المنارة للمؤتمرات الدولية بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) يوم 30 يوليو الحالي، بعد عودتها من السعودية بأيام قليلة.
وعبر فعاليات مهرجان الصيف الدولي التاسع عشر، الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية يحيي الفنان مدحت صالح حفلاً غنائياً يوم 24 يوليو بقيادة المايسترو عمرو سليم على مسرح القاعة الكبرى، كما يقدم الفنان هشام عباس حفلاً غنائياً آخر يوم الخميس 29 يوليو على المسرح المكشوف، ضمن المهرجان ذاته.
وفي الكويت قررت وزارة الإعلام بالتعاون مع شركات خاصة عودة الحفلات المباشرة، على أن يقتصر الحضور على الذين تلقّوا التطعيم ضد «كورونا»، وتطبيق نسبة الـ50 في المائة من سعة المسارح، ومن أبرز النجوم الذين يغنون في الكويت في عيد الأضحى شيرين عبد الوهاب، وعبد الله الرويشد، ومطرف المطرف.
وشهد موسم عيد الفطر الماضي تنظيم حفلات عدة عن بُعد في معظم دول الخليج.
وانطلقت الفعاليات افتراضياً مع حفل الفنان ماجد المهندس تحت شعار «معيدين معاكم»، الذي تم بثه عبر منصة «شاهد» التابعة لمجموعة «إم بي سي»، بتنظيم الهيئة العامة للترفيه السعودية مع مجموعة «روتانا» للصوتيات والمرئيات. كما أحيا الفنان راشد الماجد، الحفلة الثانية، في التوقيت ذاته وعبر المنصة ذاتها، وختتم «فنان العرب» محمد عبده، الحفلات في ثالث أيام العيد. فيما كانت دبي، الاستثناء في دول الخليج، بتنظيم حفل حي للجمهور، حيث شهدت أوبرا دبي، أول حفل هولوغرامي للفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)