«الأضحى» ينعش الساحة الفنية اللبنانية

فنانون يحيون حفلات وآخرون يصدرون جديدهم

راغب علامة يعلن عن عمله الجديد «فورا غرام» بمناسبة عيد الأضحى
راغب علامة يعلن عن عمله الجديد «فورا غرام» بمناسبة عيد الأضحى
TT

«الأضحى» ينعش الساحة الفنية اللبنانية

راغب علامة يعلن عن عمله الجديد «فورا غرام» بمناسبة عيد الأضحى
راغب علامة يعلن عن عمله الجديد «فورا غرام» بمناسبة عيد الأضحى

قد تكون الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي يتعطش اللبناني إلى سماعها ومتابعة جديدها في ظل ضغوطات حياتية جمة يعاني منها. وعشية عيد الأضحى تشهد الساحة الفنية نشاطات متفرقة لمطربين رغبوا في إضفاء البهجة على جمهورهم. روزنامة العيد لا تزدحم بحفلات كثيفة، ولا بمهرجانات مناطقية اعتاد اللبناني على ارتيادها، ولكن إطلاق بعض الأغنيات والألبومات إضافة لإحياء حفلات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، تسهم في انتعاش الساحة وإثلاج قلوب اللبنانيين.
ومن الفنانين الذين اختاروا موسم عيد الأضحى المبارك لإطلاق جديدهم نانسي عجرم. فهي قدمت ألبومها الجديد «نانسي 10»، ويتضمن 14 أغنية باللهجات المصرية واللبنانية والخليجية. وعلقت عجرم تقول: «لقد وحدت اليوم جهودي لتقديم أفضل تجربة موسيقية لكم أياً كان ما تشعرون به، وفي أي مكان كنتم».
أما الفنان وائل كفوري فطرح أغنية «البنت القوية» التي تناسب بكلامها وموسيقاها موسم الصيف. فيما أعلنت الفنانة نوال الزغبي عن اقتراب موعد إنزال ألبومها الجديد في الأسواق «عكس الطبيعة»، من إنتاج شركة روتانا. وهو كناية عن «ميني ألبوم» يتضمن 4 أغنيات مصورة على البحر.
ومن الفنانين الذين تريثوا في إصدار جديدهم رغم إعلان موعد ولادته في منتصف الجاري بمناسبة الأعياد نجوى كرم. وحسب ما علمت الـ«الشرق الأوسط» بعد اتصال بمكتبها الفني، فإن سبب التريث في الإصدار يعود إلى الأجواء المضطربة التي تشهدها البلاد.
وفي سياق آخر أعلن الفنان راغب علامة عن أغنيته الجديدة «فورا غرام» وهي من ألحان علي سالم وألحان تراث نمير ويطبعها اللحن العراقي. ونشر علامة عبر صفحته الرسمية على «إنستغرام» فيديو تحدث فيه قائلاً: «مهما كانت الأيام التي مرت صعبة، يجب أن تشرق الحياة ونرجع نغني». وأكمل معلقاً: «رح ترجع تشرق شمس الحياة من جديد ونرجع نغني ونفرح... مع أغنيتي الجديدة فوراً غرام، بتمنى تنال إعجابكم يا حبايب القلب».
وبمناسبة عيد الأضحى المبارك يحيي كل من الفنانين الثلاثة عاصي الحلاني وملحم زين ونادر الأتات، حفلة غنائية في فندق سان جورج بمنطقة عين المريسة. الحفل سيجري في الهواء الطلق بحيث يتسع المكان لنحو 2000 شخص. وعن طبيعة الحفل يتحدث منظمها علي الأتات لـ«الشرق الأوسط»: «ستكون الحفلة الوحيدة والأضخم التي ستقام بمناسبة عيد الأضحى في بيروت. نلتزم فيها التباعد الاجتماعي، ويجلس الحضور على المقاعد ويتناولون العشاء. وتمسكنا بإقامتها في هذه الظروف المتردية التي يمر بها لبنان، كي نحافظ على صورته الجميلة».
تتراوح أسعار بطاقات الحفل بين مليون ونصف المليون، وصولا إلى مبلغ 3 مليون ليرة. وعما إذا يعتبر إقامة هذا الحفل نوعا من المجازفة يرد: «هي مجازفة نعم، ولكني أحب لبنان وأريده أن يبقى في الطليعة فنياً. كما أن الناس بحاجة إلى فسحة ترفيهية افتقدوها على مدى أشهر طويلة». وعن نسبة الإقبال التي تشهدها هذه الحفلة يقول: «يمكن القول بأنها ممتازة وقريباً سنعلن نفاد البطاقات. فهناك كثافة إقبال من قبل لبنانيين مغتربين إضافة إلى المقيمين. وهذه الحفلة من شأنها أن تحرك العجلة الاقتصادية وتسهم في إعالة نحو 1000 عائلة لبنانية». ويوضح: «هناك العاملين في مطعم الفندق والفرقة الموسيقية العازفة في الحفل ورجال الأمن وعمال الفاليه باركينغ» وغيرهم، جميعهم سيستفيدون من هذا الحدث على الصعيد المادي. أما الفنانون الذين سيحيون الحفل فسينالون أجرهم بالليرة اللبنانية. وبرأيي أنها مبادرة تحسب لهم، لأنه كان في إمكانهم إقامة حفلات خارج لبنان، والحصول على أجورهم بالدولار. نحن اليوم بأمس الحاجة لتزويد بلدنا لبنان بالحياة كي ينبض من جديد. وجميع الفنانين من دون استثناء، لم يترددوا في المشاركة، من أجل التأكيد بأن لبنان لا يزال يضيء الساحة الفنية العربية».
وعن سبب عدم وجود العنصر النسائي الفني في هذه الحفلة يرد: «سبق واتصلت بنانسي عجرم ونجوى كرم، ولكن تبين أنهما مرتبطتان بمواعيد عمل أخرى».
وتجدر الإشارة إلى أن الحفل سيقام ثالث أيام العيد في 25 الجاري وسيكون وحده الذي ستشهده العاصمة في العيد.
ومن ناحيته، فإن الفنان ناجي أسطا يحيي حفلاً، في منطقة الزعرور، ودائما في مناسبة عيد الأضحى المبارك. ويستضيف الحفل مطعم (جرودي) في المنطقة المذكورة، وذلك أول أيام العيد، مساء الثلاثاء 20 الجاري. ويحيي الفنانان معين شريف وآدم، حفلة غنائية السبت 24 يوليو (تموز) الجاري، في كازينو لبنان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».