«النهضة» التونسية تنفي مطالبتها بتعويضات مالية

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
TT

«النهضة» التونسية تنفي مطالبتها بتعويضات مالية

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (غيتي)

تراجعت قيادات حركة النهضة التونسية خطوات إلى الوراء، ونفت نفياً قاطعاً مطالبتها بالحصول على تعويضات مالية، ضمن مسار العدالة الانتقالية، متهمة الأحزاب المعارضة بـ«تزوير الحقائق والفهم الخاطئ» لتصريح عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، بخصوص ضرورة تفعيل ملف التعويضات المالية عن سنوات الاستبداد قبيل احتفال التونسيين بعيد الجمهورية، الذي يوافق 25 من يوليو (تموز) الجاري.
وتحت ضغط المعارضة اليسارية والرفض الشعبي الواسع، والتهديد بالنزول إلى الشارع للاحتجاج الأحد المقبل، تراجع الهاروني ليؤكد أن مسار العدالة الانتقالية «يهم كل ضحايا الاستبداد، وليس فقط حركة النهضة»، موضحاً أن تصريحه «تناول الخلل الذي تسبب فيه أشخاص داخل الحكومة لعدم تفعيلهم منظومة العدالة الانتقالية، وهو ما جعلهم يطلقون كذبة مطالبة حركة النهضة بتعويضات لا تقل عن 3 مليارات دينار تونسي (نحو 1.1 مليار دولار)» على حد تعبيره، مؤكداً أن تمويل صندوق التعويضات يتم من خلال الهبات، وليس من خلال ميزانية الدولة، أو على حساب الاعتمادات الموجهة للتنمية.
في السياق ذاته، قال سمير ديلو، القيادي في حركة النهضة، إن قيادات الحزب «غير معنية بأي جبر ضرر مادي لما حصل لهم خلال سنوات عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي».
وخلفت دعوة قيادات حركة النهضة ونوابها في البرلمان إلى تفعيل «صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد»، ردود فعل منددة بهذا الخيار، الذي أطلقت عليه أطراف معارضة «فضيحة التعويضات»، في ظل الأزمات المتعددة التي تعصف بالبلاد.
وهدد عدد من أقطاب المعارضة بمقاضاة حكومة هشام المشيشي، التي يعتبرونها تقع تحت هيمنة «النهضة»، في حال إصرارها على صرف تعويضات، تقدر بنحو ثلاثة مليارات دينار (نحو 1.1 مليار دولار) سيستفيد منها نحو 2950 شخصاً من أنصار «النهضة»، رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
ويتولى هذا الصندوق تعويض المعتقلين السياسيين في عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، خلال الفترة الممتدة بين 1955 و2011، علاوة على تعويض ضحايا الأحداث الإرهابية وجرحى الثورة وعائلات قتلاها.
ويشمل برنامج التعويضات ناشطين من مختلف القوى السياسية.
لكن مراقبين تساءلوا عن معنى هذه التعويضات المادية، بعد أن تلقى بعض المساجين تعويضات وفقاً لقانون العفو التشريعي الذي صدر بعد الثورة.
وكان بعض زعماء المعارضة قد طالبوا لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي التونسي بالكشف عن أموال بعض السياسيين المتهمين بتضارب المصالح، وخاصة المنتمين منهم إلى حركة النهضة. واعتبر بعضهم أنه يتوجب مصادرة أملاك حركة النهضة، في مقابل مطالبتها بالحصول على تعويضات مالية ضخمة من الدولة «ستزيد من إفقار التونسيين وتجويعهم»، على حد تعبيرهم.
على صعيد آخر، أعلنت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، السياسيين اللذين تعرضا للاغتيال سنة 2013، عن التقدم بشكوى إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف (سويسرا)، ومطالبتها بإجراء زيارة ميدانية خاصة إلى تونس للوقوف على حقيقة تورط أجهزة الدولة في ملف الاغتيالات والإرهاب. كما أودعت الهيئة شكوى بمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتونس، قصد إحالتها على المقرر الخاص لاستقلال القضاء والمحاماة، وأكدت أنها تتضمن تفاصيل التلاعب بملف الاغتيالات والقضايا الإرهابية من قبل القاضي بشير العكرمي، الذي تم توقيفه عن العمل، والمحاولات المستمرة لإنقاذه من المساءلة التأديبية والجزائية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.