الاضطرابات في نهائي يورو 2020 سلوك طبيعي للجماهير الإنجليزية أم استثناءً

هكذا بدت الأوضاع وسط مدينة لندن بعد  هزيمة إنجلترا في نهائي يورو 2020 (أ.ف.ب)
هكذا بدت الأوضاع وسط مدينة لندن بعد هزيمة إنجلترا في نهائي يورو 2020 (أ.ف.ب)
TT

الاضطرابات في نهائي يورو 2020 سلوك طبيعي للجماهير الإنجليزية أم استثناءً

هكذا بدت الأوضاع وسط مدينة لندن بعد  هزيمة إنجلترا في نهائي يورو 2020 (أ.ف.ب)
هكذا بدت الأوضاع وسط مدينة لندن بعد هزيمة إنجلترا في نهائي يورو 2020 (أ.ف.ب)

بعد خسارة المنتخب الإنجليزي أمام ألمانيا في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 1996 أصيب الجمهور الإنجليزي بحالة هياج مرعب، ونهب المتاجر ودمر عددا كبيرا من السيارات، واندلعت أعمال عنف في مراكز المدن في جميع أنحاء البلاد، وتعرض طالب في برايتون للطعن من قبل البلطجية الذين اعتقدوا أنه ألماني!
لكن هذه المرة وبعد الخسارة أمام إيطاليا بركلات الترجيح في المباراة النهائية ليورو 2020 كانت هناك بعض الحوادث الفردية: التخريب المتعمد لجدارية ماركوس راشفورد في ويثينغتون، والإساءة العنصرية البغيضة ضد اللاعبين الإنجليز السود على إنستغرام. وكما هو متوقع، تم تضخيم هذه الأفعال على الفور من قبل وسائل الإعلام التي كانت تسعى لخلق ما يكفي من الصدمة والغضب حتى تتمكن من ملء الصحف يوم الثلاثاء! لكن على العموم، لم تحترق إنجلترا، أو على الأقل حتى الآن!
وعلى العكس من ذلك، فإن الجزء الأكبر من المشكلة جاء قبل انطلاق المباراة وليس بعدها. لقد كانت إنجلترا وهي في حالة ترقب قبل بدء المباراة عبارة عن مكان أكثر اضطرابا وقلقا مما كانت عليه في خضم خيبة الأمل بعد نهاية المباراة. وكان كل شيء غريبا خارج ملعب ويمبلي في اليوم الذي أقيمت فيه المباراة، فمنذ الصباح الباكر، كان هناك خروج على القانون وحالة من الفوضى التي تجعلك تشعر بالقلق والتهديد. وحسب القصص المتناقلة، كان الأمر مشابهاً في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد، حيث كانت بعض الجماهير ترقص عارية وتغني بشكل جماعي صاخب.
ثم كان هناك صخب كبير وحالة من الفوضى العارمة، وفجأة كان هناك المئات يقتحمون الحواجز ويتدفقون بشكل كبير عبر الملعب ويضربون ويركلون كل ما يوجد في طريقهم نحو مقاعد ليست مخصصة لهم من الأساس! ولم تظهر الحقائق الكاملة بشأن الفوضى الأمنية التي سمحت بحدوث ذلك إلا لاحقاً. ومع ذلك، فإن الاضطرابات التي حدثت على ملعب ويمبلي لا تبدو وكأنها استثناء أو خروج عن الحالة المزاجية بشكل عام في ذلك اليوم، لكنها في الحقيقة كانت امتدادا طبيعيا ومنطقيا لما حدث. إن ما حدث بشكل جماعي هو أن الآلاف بل والملايين من الإنجليز قد فقدوا عقلهم، والأمر الأكثر إثارة وغرابة هو أن ذلك قد حدث حتى قبل ركلة البداية!
وفي كتابه «هذه الحياة الرياضية»، يتتبع الأكاديمي روبرت كولز التاريخ الشعبي للرياضة الإنجليزية، بدءا من متسابقي الثيران في القرن الثامن عشر في ستامفورد ولينكولنشاير وصولا إلى صيادي الثعالب في إنجلترا في العصر الفيكتوري. ويشير كولز إلى أن الرياضة الإنجليزية مرتبطة بطبيعتها بالحرية الشخصية: عادات وطقوس التعدي على الممتلكات العامة، والتعبير عن هويتك في بلد ومجتمع يوفران لك فرصاً قليلة وثمينة للقيام بذلك. ويكتب كولز: «الرياضة أكدت أنه في إنجلترا يمكنك أن تفعل ما يحلو لك».
ويمكنك أن ترى هذا الأمر في سلوك مشجعي كرة القدم الإنجليزية على مدى الأسبوعين الماضيين. ولا بد أن هناك سببا يجعل العديد من أعلام إنجلترا تحمل أسماء مدن صغيرة! فهل هناك مكان آخر غير هذه الأعلام يمكنك أن ترى عليه أسماء مثل «جرانثام» أو «ماتلوك» مكتوبة بأحرف كبيرة في أي مكان عام مهم؟ إن الخصخصة المتزايدة للمساحات العامة، والهجوم على الحكومة المحلية من قبل الإدارات المحافظة المتعاقبة، والاستقطاب الاقتصادي، وسياسة التقسيم الحاقدة: كل هذا أدى بشكل مطرد إلى عدم وجود منافذ كافية للتعبير عن هويتنا، في مكان ما، وبشكل جماعي. وبالتالي، تجمعت كل هذه الأمور معا حتى انفجرت في نهاية المطاف.
لقد أصبحت كرة القدم إحدى القنوات الرئيسية لهذا الشعور المكبوت بسبب انتشارها الواسع وشعبيتها الهائلة، لكن تاريخ هذه الرياضة يضفي على هوس كرة القدم طابعها القاسي أيضا. إن التعامل القاسي والوحشي مع مشجعي كرة القدم في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي قد خلق رد فعل وحشيا وغاضبا بين رجال الطبقة العاملة الذين رأوا بعد ذلك أن كرة القدم هي المكان الوحيد الذي يمكنهم من التعبير عن غضبهم وإحباطهم. وعندما نمت اللعبة مرة أخرى في التسعينات من القرن الماضي، لم يتم التفكير في كيفية وضع تصور مختلف لهذه الثقافة وإعادة دمجها، ولكن بدلا من ذلك عملت كرة القدم على استبعاد هذه الفئة على أمل أن تختفي! وقد يفسر هذا سبب قيام اسكوتلندا، التي تعد مجتمعا أكثر تماسكاً وأقل فوضوية من إنجلترا، بمشاكل أقل نسبيا عندما يلعب المنتخب الاسكوتلندي.
وعندما أنظر إلى إنجلترا في عام 2021 فإنني لا أرى مكاناً حيوانياً بغيضاً، بل أرى دولة منقسمة انقساما عميقاً وبشكل متعمد ويعاملها سياسيوها بازدراء قذر، وأرى مكانا مجردا من الكبرياء والطموح والاستثمار الشخصي والسعادة في أبسط صورها. وهكذا، ورغم كل النذر المشؤومة، فمن غير المفاجئ عندما يخسر المنتخب الإنجليزي ألا ترى الجمهور الإنجليزي يبكي حزنا، لكنك تراه يشيع حالة من الفوضى!
وجراء ما حدث، بدأ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) إجراءات انضباطية بحق اتحاد الكرة الإنجليزي فيما يتعلق بكواليس المباراة النهائية ليورو 2020 على استاد ويمبلي. وخلال المواجهة التي فازت فيها إيطاليا على إنجلترا خرق مشجعون الإجراءات الأمنية واقتحموا استاد ويمبلي دون حمل تذاكر للمباراة. ويواجه اتحاد الكرة الإنجليزي أربعة اتهامات تتمثل في اقتحام الجماهير للملعب، وإلقاء المقذوفات من قبل الجماهير وإحداث اضطرابات خلال عزف النشيد الوطني لإيطاليا بجانب إشعال الألعاب النارية. وجرى تغريم اتحاد الكرة الإنجليزي 25 ألفا و630 جنيها إسترلينيا بسبب المشاكل التي أحدثتها الجماهير، ومن بينها توجيه شعاع ليزر صوب الحارس الدنماركي كاسبر شمايكل في المربع الذهبي ليورو 2020 على استاد ويمبلي.


مقالات ذات صلة

جاك كولز «كشاف» يستخدم لعبة «فوتبول مانجر» للعثور على لاعبين لمنتخب غينيا بيساو

رياضة عالمية منتخب غينيا بيساو المغمور يأمل الاستفادة من ابناء الجيل الثاني لمواطنيه المغتربين بأوروبا (غيتي)

جاك كولز «كشاف» يستخدم لعبة «فوتبول مانجر» للعثور على لاعبين لمنتخب غينيا بيساو

قاد جاك تشارلتون جمهورية آيرلندا للوصول إلى الدور ربع النهائي في كأس العالم. فعندما تم تعيينه مديرا فنيا للمنتخب في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، بدأ يبحث

ريتشارد فوستر (لندن)
رياضة عالمية كين (يمين) يسجل هدفه الثاني من ثلاثية فوز أنجلترا على أيطاليا (ا ب)

9 منتخبات تضمن تأهلها لـ«يورو 2024» وإيطاليا تنتظر معركة مع أوكرانيا

مع ختام الجولة الثامنة لتصفيات كأس أوروبا (يورو 2024) المقررة الصيف المقبل في ألمانيا، تأكد تأهل 9 منتخبات إلى النهائيات هي إنجلترا والنمسا وبلجيكا وإسبانيا

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوق يدفع بورقة من فئة عشرة يوروات بسوق محلية في نيس بفرنسا (رويترز)

اليورو يسجّل أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ 20 عاماً

سجّل اليورو، اليوم (الثلاثاء)، أدنى مستوياته مقابل الدولار الأميركي منذ نحو 20 عاماً وبلغ 1.0306 دولار لليورو متأثراً بالتوترات المرتبطة بالطاقة في أوروبا وقوة العملة الأميركية التي تستفيد من السياسة النقدية المشددة للاحتياطي الفيدرالي. وارتفع الدولار قرابة الساعة 08.50 بتوقيت غرينتش بنسبة 1.03 في المائة مسجّلاً 1.0315 للدولار مقابل اليورو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص يسيرون أمام مكتب صرافة في موسكو (إ.ب.أ)

الروبل الروسي يصعد أمام اليورو إلى أعلى مستوى في 7 سنوات

تواصل العملة الروسية ارتفاعها أمام العملتين الأميركية والأوروبية، وتم تداول الدولار اليوم دون 53 روبلاً، فيما جرى تداول اليورو عند مستوى 55 روبلاً وذلك للمرة الأولى في نحو سبع سنوات. وبحلول الساعة العاشرة و42 دقيقة بتوقيت موسكو، تراجع سعر صرف الدولار بنسبة 1.52% إلى مستوى 95.‏52 روبل، فيما انخفض سعر صرف اليورو بنسبة 1.92% إلى 18.‏55 روبل، وفقاً لموقع «آر تي عربية» الروسي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الرياضة اتحاد الكرة الإنجليزي وشرطة العاصمة مسؤولان عن فوضى المباراة النهائية ليورو 2020

اتحاد الكرة الإنجليزي وشرطة العاصمة مسؤولان عن فوضى المباراة النهائية ليورو 2020

قالت لويز كيسي «عضو مجلس اللوردات البريطاني» في تقريرها الشامل عن الأحداث التي وقعت خلال المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية 2020 على ملعب ويمبلي في 11 يوليو (تموز): «أنا لست بصدد إلقاء اللوم على بعض الأفراد. لذا، إذا كان الناس يبحثون عن تقرير يحاول تحويل بعض الأفراد إلى كبش فداء، فلن تجدوا ذلك. كانت هناك إخفاقات جماعية حددتها وكانت واضحة. وهناك أيضاً عوامل مخففة أصفها في التقرير بأنها (عاصفة كاملة) جعلت من الصعب للغاية إدارة هذه المباراة النهائية». وبعد صدور التقرير الصادر من 129 صفحة، يبدو من غير المحتمل أن كلمات كيسي ستوقف الأشخاص الذين يتطلعون إلى تحميل فرد ما مسؤولية ما حدث.

بول ماكينيس (لندن)

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
TT

شاهد... صاعقة تقتل لاعباً وتصيب آخرين في ملعب كرة قدم

صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة
صورة مثبتة من مقطع فيديو تظهر اللاعبين يسقطون أرضاً بعدما ضربتهم الصاعقة

تسببت صاعقة برق خلال مباراة كرة قدم محلية في وسط بيرو بمقتل لاعب وإصابة 4 آخرين يوم الأحد، بحسب شبكة «سي إن إن».

وأظهرت لقطات من المباراة اللاعبين وهم يغادرون الملعب في ملعب كوتو كوتو ببلدة تشيلكا، على بعد نحو 70 كيلومتراً جنوب شرقي ليما، بعد توقف المباراة بسبب عاصفة.

وفي مقطع فيديو، شوهد كثير من اللاعبين وهم يسقطون على وجوههم على الأرض في اللحظة نفسها عندما ضربت الصاعقة الملعب.

وحسبما ظهر على محطة التلفزيون المحلية «أوندا ديبورتيفا هوانكافيليك»، لوحظت شرارة قصيرة وسحابة صغيرة من الدخان بالقرب من أحد اللاعبين. بعد ثوانٍ، بدا أن بعض اللاعبين يكافحون من أجل العودة إلى الوقوف.

وقالت السلطات ووسائل الإعلام الحكومية إن المتوفى هو المدافع هوجو دي لا كروز (39 عاماً).

وقالت البلدية المحلية في بيان: «نقدم تعازينا الصادقة لعائلة الشاب هوجو دي لا كروز، الذي فقد حياته للأسف بعد أن ضربته صاعقة أثناء نقله إلى المستشفى، نعرب أيضاً عن دعمنا وتمنياتنا بالشفاء العاجل للاعبين الأربعة الآخرين المصابين في هذا الحادث المأساوي».

وحتى مساء الاثنين، خرج لاعبان من المستشفى، بينما لا يزال اثنان تحت المراقبة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الحكومية «أندينا». وأضافت أن حارس المرمى الذي أصيب في الحادث كان في حالة حرجة، لكنه أظهر تحسناً.

ويمكن أن تسبب ضربات البرق إصابات خطيرة للإنسان، وفي حالات نادرة، يمكن أن تكون قاتلة. وفرصة التعرض لها أقل من واحد في المليون، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة (CDC).

ووفقاً لـ«سي دي سي»، ينجو ما يقرب من 90 في المائة من جميع ضحايا ضربات البرق، ولكن الآثار يمكن أن تكون خطيرة وطويلة الأمد. «لقد عانى الناجون من إصابات وحروق وأعراض خطيرة بما في ذلك النوبات وفقدان الذاكرة».