سجال بين الحريري وجعجع حول دعم عون للرئاسة

TT

سجال بين الحريري وجعجع حول دعم عون للرئاسة

برز، أمس، سجال بين تيار «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» على خلفية إعلان الرئيس سعد الحريري في حديثه التلفزيوني، أنه لن يدعم رئيس «القوات» سمير جعجع مرة أخرى لرئاسة الجمهورية، معتبراً أنه «هو من أتى بعون رئيساً ويقوم بتحميلي المسؤولية». ويأخذ الحريري على جعجع بشكل أساسي أنه لم يسمه في الاستشارات النيابية في العامين الماضيين، كما أنه أعلن بوضوح رفضه إعطاء الثقة لحكومته.
وردت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات اللبنانية» على الحريري، وشددت على أنه «لم يطلب أحد يوماً من الحريري تأييد ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية»، معتبرة أنه لو كان رئيس «القوات» ساعياً فعلاً نحو الرئاسة «لكان دخل في مقايضات على غرار ما تقوم به القوى السياسية على اختلافها».
واعتبر النائب في تيار «المستقبل» سامي فتفت أن جعجع «لا يستطيع أن يطلب دعمنا في الانتخابات الرئاسية من دون تفاهم معنا على الأسس التي ستدفعنا لانتخابه»، لافتاً إلى أنه «أصلا ليس الوقت للتفكير بالاستحقاق الرئاسي حالياً إنما بكيفية وضع حد للانهيار».
وأوضح فتفت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «علاقة (المستقبل) مع (القوات) تدهورت منذ قرار وزرائهم الاستقالة من حكومة الرئيس الحريري، الذي تزامن مع قرار بالتصعيد بوجه كل القوى، ومن بينها تيار (المستقبل) علماً بأنه تم التصويب علينا أكثر من سوانا بناء على حسابات معينة، وبالتالي يفترض أن يتحملوا مسؤولية مواقفهم». وأضاف: «اليوم هناك تباعد مع (القوات) ومع الكثير من الأحزاب الأخرى، لكن في السياسة لا شيء يدوم أو يستمر على ما هو عليه، وإن كنت أرجح أن نخوض الانتخابات المقبلة من دون تحالفات»، مشيراً إلى أنه «منذ ثورة 17 تشرين والانفجار في مرفأ بيروت هناك لبنان جديد يولد يستوجب أن تكون هناك إعادة قراءة وأفكار جديدة لكل الأحزاب والتيارات تتحمل جزءاً من مسؤولية ما وصلنا إليه».
من جهتها، لفتت مصادر «القوات اللبنانية» إلى أنهم يختلفون أو يتفقون مع «المستقبل» أو غيره، «وفق الرؤية السياسية والأولويات الوطنية بعيداً عن النكد السياسي والشخصنة»، موضحة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التباين مع (المستقبل) أخيراً هو بفعل الأولويات المختلفة، باعتبار أن أولوية الحريري كانت تشكيل حكومة، أما أولويتنا فانتخابات نيابية مبكرة، واليوم وبعد اعتذاره يفترض أن يكون قد تأكد أن عدم تسميتنا له برهنت مدى صوابيتها كونه بعد أكثر من ٨ أشهر فشل في التفاهم مع الأكثرية القائمة والعهد، ولو كانت لديه فرصة كما كان يعتقد لنجح في تشكيل حكومة».
وعن رئاسة الجمهورية وموقف الحريري الأخير، قالت المصادر: «نحن لا نتعامل مع الرئاسة على قاعدة مقايضات سلطوية، أي نكلف الحريري كي يدعمنا للرئاسة، إذ لا نتعاطى مع أي موقع بالسلطة كهدف، بل سبيل لتحقيق مشروعنا السياسي (الجمهورية القوية) الذي هو أيضاً برنامج الدكتور جعجع الرئاسي، وعلى كل حزب أن يختار من سيرشح على قاعدة مشروعه السياسي لا شخصه».
وكما علاقة «المستقبل» مع «القوات»، فكذلك مع «التقدمي الاشتراكي» الذي اتهم رئيسه وليد جنبلاط، الحريري وعون معاً بإجهاض المبادرة الفرنسية، وهو ما لم يرقَ لرئيس «المستقبل».
ووصف النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله، العلاقة مع «المستقبل» بـ«العادية»، كما العلاقة مع كل القوى السياسية، علماً بأن هناك الكثير من القواسم المشتركة مع «المستقبل» والتباينات تنحصر بوجهات النظر المرتبطة بالسياسات الآنية، خاصة بعد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي للناس ودعوتنا للتسوية التي لم تلقَ تقبلاً وتفهماً من الرئيس الحريري.
وشدد عبد الله، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «المهم اليوم إنتاج تسوية نأمل أن يكون (المستقبل) شريكاً فيها بما يمثل، وهي دعوة موجهة للجميع وبشكل أساسي لرئيس الجمهورية والتيار الذي يدعمه، لأنه كان معرقلاً أساسياً لعملية تشكيل الحكومة». وقال: «أولويتنا حالياً معالجة الأوضاع والتصدي لأي تفلت أمني، أما الانتخابات النيابية كما الرئاسية فمن المبكر الحديث عنها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.