عادات تناول الطعام وشخصية الأطفال

يمكن أن تعبر عن الحالة المزاجية والتفاعل الاجتماعي لهم

* استشاري طب الأطفال
* استشاري طب الأطفال
TT

عادات تناول الطعام وشخصية الأطفال

* استشاري طب الأطفال
* استشاري طب الأطفال

ربما تكون مجرد الطريقة التي يتناول بها الطفل الطعام، انعكاساً مهماً لجانب أو أكثر من شخصيته. ورغم أنه لا توجد أدلة علمية مؤكدة تفسر تلك الصلة إلا أن الربط بينهما لفت نظر كثير من الباحثين. وهناك العديد من الدراسات تناولت هذه العلاقة، وأحدثها ما تم نشره أخيراً في دورية «بدانة الأطفال» (The Journal of Pediatric Obesity) في مطلع شهر يوليو (تموز) من العام الحالي في الدراسة التي قام بها علماء من جامعة بافلو (University of Buffalo) بالولايات المتحدة.

الطعام والشخصية
أوضح الباحثون أن عادات تناول الطعام لا تعبر فقط عن نمط غذائي معين ولكنها تكون مؤشراً لسلوك شخصي كامل في الأغلب. وليس بالضرورة أن تنطبق هذه النظرية أو التوصيف على الجميع، وهناك استثناءات بالطبع. كما يمكن أن تخبر عن الحالة المزاجية للطفل أو المراهق ومدى سعادته واكتئابه وتفاعله الاجتماعي مع الآخرين، سواء بالإيجاب مثل التودد والتواصل الصحي، أو النقيض، وتدل على مدى انطوائيته وفشله في الانفتاح على الآخر، فضلاً عن أمور أخرى مثل النمطية والإبداع والقدرة على اتخاذ القرارات والإقدام على التجارب.
أجرى الباحثون مسحاً لما يقرب من 30 عائلة منخرطة في برنامج موجه نحو مساعدة الأطفال للحفاظ على عادات الأكل الصحية ومقاومة البدانة من خلال تقليل سرعة تناول الطعام، إذ إن من المعروف أن تناول الطعام بسرعة يرفع من معدلات السمنة بين الأطفال. وتراوحت أعمارهم جميعاً بين 4 و8 سنوات. وقام الآباء بالإجابة عن أسئلة حول عاداتهم الغذائية وكذلك شخصياتهم. وتبين أن الأطفال الانطوائيين والأكثر حذراً كانوا أكثر عرضة لتناول الطعام بشكل أبطأ، بينما كان العكس صحيحاً أيضاً، فالأطفال الأكثر انفتاحاً على الآخر (extroverted)، والمندفعون، كانوا أكثر عرضة لتناول الطعام بشكل أسرع.
ونظراً لأن الأطفال المشاركين في الدراسة كانوا بالفعل في خطر متزايد للإصابة بالسمنة، فإن هذه النتائج تعد مهمة للغاية عند التفكير في الدور الذي تلعبه سرعة تناول الطعام في زيادة خطر السمنة لدى الأطفال وغيرها من المشكلات الصحية.
لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين يرغبون في تناول الطعام بمجرد رؤيته ويخضعون للإغراءات المتعلقة بشكل ورائحة وتذوق غذاء معين في الأغلب يعانون من الاكتئاب والقلق والضيق، وعدم القدرة على التحكم في الذات والسيطرة على النفس. وفي المقابل، فإن الأطفال الذين يتوقفون عن تناول الطعام في اللحظة التي يشعرون فيها بالامتلاء هم الأكثر قدرة على التحكم في الذات، واتخاذ القرارات، كما يمكن أن يكونوا أكثر تصالحاً مع النفس.
ووجد الباحثون أن الآباء يقع عليهم جزء من مسؤولية تعامل الأطفال مع الطعام بشراهة، حيث يقوم الآباء في كثير من الأحيان باستخدام إغراء تناول طعام معين كنوع من التحفيز أو العقاب في تعاملهم مع الأبناء. وأيضاً في كثير من الأحيان يتم التعامل مع الطعام كـ«علاج» لسوء السلوك مثل قولهم: «إذا قمت بالمذاكرة بشكل جيد يمكنك تناول قطعة شوكولاته»، أو في حالات الخوف والقلق والحزن: «لا تحزن لعدم تمكنك من المشاركة في الفريق سوف نقوم بالذهاب لتناول المعكرونة». وفي الأغلب تكون هذه المأكولات ضارة بالصحة، سواء التي تحتوي على قدر كبير من السكريات مثل البوظة (آيس كريم)، أو التي تحتوي على الدقيق الأبيض والنشويات مثل البيتزا. وخطورة هذا النوع من التعامل هو ترسيخ فكرة ربط الطعام بالحالة المزاجية للطفل، سواء في السعادة أو الحزن.

خوض التجارب
الطريقة التي يتقبل بها الطفل الأطعمة المختلفة الجديدة أيضاً تدل على انفتاحه وقدرته على استيعاب التغييرات والتعامل معها، والإقدام على تجارب متعددة وعدم الخوف من التجربة. وبالكيفية نفسها التي يتقبل بها الطفل الصغير نوعاً معيناً من الخضراوات يكون قادراً على التعامل مع زملاء جدد، والذهاب في رحلات بدون مخاوف، لأن كلا الأمرين يخضعان للتجربة. وفي حالة عدم الإعجاب يمكن عدم تكرارها مجدداً مقابل اكتساب خبرة جديدة، ربما تكون مفيدة. والعكس صحيح تماماً، فالطفل الذي يفضل نوعاً واحداً من الطعام لا يتغير مهما كان مذاقه جيداً، ربما يكون لديه ذلك انعكاساً للخوف من تجربة شيء جديد والاكتفاء بالخبرات المكتسبة مسبقاً فقط.
الطفل الذي يفضل دائماً مذاقاً معيناً أو طريقة طهي معينة لطعام ما، أو نوعاً من الحلويات والمشروبات وغيرها، في الأغلب يكون طفلاً صعب الإرضاء ويرفض البدائل، ليس في الطعام فقط، ولكن في الألعاب والملابس ويتبع النموذج نفسه في المجال الأكاديمي والرياضي، بالشكل الذي يجعله يهتم بالتفوق في مادة أو رياضة معينة، على أن يجتاز جميع المواد بنجاح متوسط. وهؤلاء الأطفال رغم أنهم لا يثيرون مشكلات في تناول الطعام أو الدراسة، إلا أنهم في الأغلب لا يتمتعون بالمرونة الكافية لتحقيق التوازن بين عدة أمور واختيارات متعددة.
وكذلك الشخص الذي يتناول الطعام باستمتاع، أياً كان نوعه في الأغلب شخصية تتمتع بالتصالح مع النفس والقدرة على التأقلم والبقاء إيجابياً، مما ينعكس على أدائه الدراسي والاجتماعي، بينما الطفل الذي يتناول طعامه بغير اكتراث، ويستمر في مضغ الطعام عدة مرات، في الغالب يعاني من الاكتئاب والقلق.
وأوضح الباحثون أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات لمعرفة الفروق بين الجنسين، وأيضاً معرفة إذا كانت طريقة الأكل هي التي تشير إلى نمط الشخصية، أم أن الشخصية هي التي تفرض نفسها على طريقة تناول الطعام.


مقالات ذات صلة

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)
صحتك هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس قائلاً: قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

هايدي غودمان (كمبردج - ولاية ماساتشوستس الأميركية)
صحتك التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ممارسة الرياضة ساعة أسبوعياً قبل الإصابة بالسرطان تقلل فرص الوفاة للنصف

ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)
ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)
TT

ممارسة الرياضة ساعة أسبوعياً قبل الإصابة بالسرطان تقلل فرص الوفاة للنصف

ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)
ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)

أكدت دراسة جديدة أن ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان يمكن أن تقلل من فرص الوفاة إلى النصف.

وبحسب صحيفة «التلغراف» البريطانية، فقد أجريت الدراسة على ما يقرب من 30 ألف مريض، تم تتبعهم لمدة تصل إلى 13 عاماً مع فحص نشاطهم البدني وحالتهم الصحية بدقة.

ووجد الفريق أن فرصة تطور السرطان انخفضت بأكثر من الربع لدى أولئك الذين مارسوا الرياضة بانتظام في السابق.

بالإضافة إلى ذلك، فقد أظهرت النتائج أن أولئك الذين حرصوا على ممارسة الرياضة لمدة ساعة على الأقل أسبوعياً، في العام السابق لتشخيص إصابتهم بالسرطان، انخفض لديهم خطر الوفاة بنسبة 47 في المائة مقارنة بأولئك الذين كانوا أكثر خمولاً.

مريضة بالسرطان (رويترز)

وقال الباحثون إن هناك العديد من التفسيرات البيولوجية المعقولة للنتائج، أهمها الطريقة التي يعزز بها النشاط البدني المناعة من خلال زيادة أعداد الخلايا الطبيعية المحاربة للمرض واللمفاويات والخلايا الحمضية.

وأشار الباحثون إلى أن النشاط البدني قد يقلل أيضاً من خطر تطور السرطانات الحساسة للهرمونات، مثل سرطان الثدي والبروستاتا، من خلال تنظيم مستويات هرمون الاستروجين والتستوستيرون.

كما لفتوا إلى أن اللياقة البدنية يمكن أن تساعد الجسم على تحمل العلاج الكيميائي الشاق.

وأكد الفريق أن النتائج تضيف إلى الأدلة المتزايدة على أن ممارسة الرياضة مفيدة ليس فقط في منع السرطان ولكن أيضاً في محاربته.

ويشجع عدد من مؤسسات الخدمات الصحية الوطنية ببريطانيا بالفعل مرضى السرطان الذين تم تشخيصهم حديثاً على الالتحاق ببرامج «التأهيل المسبق»، التي تتضمن ممارسة التمارين الرياضية المكثفة لمدة ثلاثة أسابيع، قبل بدء العلاج.