الجناح السعودي في «كان» السينمائي قصة نجاح نموذجية

حضور يُعدّ الأنشط بين أجنحة المهرجان

لقاءات حافلة  في جناح المملكة  بمهرجان «كان» هذا العام
لقاءات حافلة في جناح المملكة بمهرجان «كان» هذا العام
TT

الجناح السعودي في «كان» السينمائي قصة نجاح نموذجية

لقاءات حافلة  في جناح المملكة  بمهرجان «كان» هذا العام
لقاءات حافلة في جناح المملكة بمهرجان «كان» هذا العام

مع إعلان مهرجان «كان» طي دورته يوم غد (السبت)، تكون الحياة السينمائية قد شهدت نقلة نوعية كبيرة على ثلاثة صُعد: صعيد المهرجان بحد ذاته؛ إذ أثبت قدرته على تحدي الظروف الصعبة للوباء، وصعيد فرنسا التي تحرص على إنجاح المبادرات الثقافية والفنية وإعادة الحياة لدور السينما وصالاتها ونشاطاتها عموماً، وعلى صعيد العالم، وهنا بيت القصيد.
مهرجان «كان»، عبر سنواته الطويلة، ليس مجرد حدث من تلك الأحداث التي يرتادها أهل السينما على اختلاف مهنهم، وسط ألوف من رجال الإعلام والنقاد والمهتمّين، بل هو الأهم على هذه المستويات مجتمعة. ما يُشاهد هناك من أفلام يعيش دورة سنوية كاملة، ينتقل من «كان» إلى مهرجانات ومناسبات أولى في القارات الخمس. يُعرض في صالات العالم ويدخل مسابقات أخرى أو يحظى - على الأقل - بتميّز شديد؛ كونه انتمى إلى المهرجان الأول حول العالم.
ما يُتخذ هناك من قرارات يتبلور ويتطوّر نحو نشاطات فاعلة وما يُعقد في المهرجان من نشاطات وندوات وما يشهده من حضور كثيف من مسؤولين وصانعي أفلام من منتجين ومموّلين وسينمائيين مختلفين يبقى ماثلاً ومثيراً للانتباه طوال العام. يستخلص منه أهل السينما على اختلاف مشاربهم ومهنهم ما يبنون عليه من مدارك ومعلومات للعمل المشترك أو لتعزيز أواصر العلاقات بين الشركاء الجادّين في هذا العالم.

عجلة إنتاجية
تبعاً لما سبق من حقائق لم يكن غريباً مشاركة المملكة رسميا في دورة هذا العام وهي التي كانت شاركت في الدورة الـ71 لافتة الأنظار إلى النهج الجديد للمملكة في بناء مجتمع طموح ومختلف. الفارق هو أنّ ما لدى السينما السعودية هذا العام؛ مما توجب المشاركة فيه، ضمن أعمال الدورة الحالية من المهرجان، وبتوجيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، واهتمامه، جاء أكثر تنوّعاً وأكبر حجماً مما سبق ووفّرته الدورات السابقة. هذه المرّة الحضور السعودي كان أهم حضور لها وأنجح مستوى من أي سنة ماضية. وبالرجوع إلى تغطية إعلامية واسعة في الصحف الأميركية وسواها، فإن هذا الحضور كان الأكبر والأهم بين كل حضور آخر لسينمات العالم.
لا يجب أن يثير ذلك أي غرابة. فالخطوات الهادفة لدعم القطاعات الثقافية والسينمائية على مستوياتها وأقسامها كافة، دعم غير محدود، والجهود المبذولة في تنشيط القطاع السينمائي في المملكة مستمرّة ومتنوّعة. فإلى جانب مهرجان «أفلام السعودية» الذي يعكس نشاطات صانعي الأفلام في المملكة والذي يتحوّل إلى جزء بالغ الأهمية من الحياة السينمائية فيها، هناك مهرجان «البحر الأحمر» الذي يُخطط له بلا توقف ليصبح أهم حدث سينمائي في منطقة الشرق الأوسط، وأحد أهم منارات السينما حول العالم.
ثم هناك عجلة الإنتاجات ذاتها والخطوات الصناعية لإنتاجات سعودية محلية وسعودية عالمية.
والمبالغ الوفيرة التي تعمد لها الحكومة، ممثلة بوزارة الثقافة ومركز الملك عبد العزيز الثقافي، لتأمينها، ومنها، ما أعلن مؤخراً، عن تخصيص 14 مليون دولار لدعم المواهب السعودية والعربية الباحثة عن فرص تمويل تمكنها من نقل الحلم إلى واقع.
جاءت المشاركة السعودية في مهرجان «كان» هذا العام متكاملة الشأن. فالقطاعات الحكومية إلى جانب الخاصّة، عكست حضور المملكة اللافت وضمّت فيما ضمّت، هيئة الأفلام ووزارة الاستثمار والهيئة الملكية للعلا ومركز الملك عبد العزيز (إثراء) ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدُّولي الذي سينطلق في الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل. هذا لجانب شركات سعودية أخرى مثل أفلام نبراس وشركة «نيوم» وشركة Arabian، Pictures كما مجموعة قنوات «إم بي سي» الفاعلة إعلامياً وفنياً سعودياً وعربياً وعالمياً.

آفاق مفتوحة
ما سبق يعطي فكرة واضحة عن قوة المشاركة السعودية في مهرجان كان السينمائي هذا العام، ومستوى التقدم النوعي الذي شهده قطاع الأفلام والإنتاج السينمائي في ظل التشريعات والهيئات المتخصصة الجديدة التي شهدها القطاع خلال السنوات القليلة الماضية.
ما نجّح هذه المبادرة، هو التقدم الكبير الذي حققته المملكة كدولة رائدة وقادمة وبقوة في مجال صناعة الأفلام والإنتاج السينمائي، نظير ما تزخر به من مقومات بشرية وثقافية وفنية؛ ما يجعلها مركزاً جديداً وحاضنة لصناعة الأفلام والسينما في المنطقة.
خلال أيام المهرجان تحوّل الجناح الكبير الذي أسسته إلى مركز مزدحم بالنشاطات. حيث أقيمت ندوات ومنصات حوار مفتوح بين صانعي الأفلام والمستثمرين السعوديين والعرب وغير العرب. وشهد الجناح إقامة ندوات وجلسات نقاش متنوعة تناولت آفاق صناعة السينما في المملكة والعالم العربي. في لبّ الاهتمام آفاق صناعة السينما في المملكة والعالم العربي ومدى قدرتها على الوصول إلى أنحاء العالم.
في غير ندوة، أثارت هذه المسائل المتعددة طموح السينمائيين السعوديين والعرب كافة، إلى مستقبل لم يسبق للسينمات العربية أن حققته على الرّغم من بعض المحاولات السابقة. وما أكده هذا الحضور الكثيف والمدروس هو مكانة السعودية كحاضنة لصناعة السينما العربية، وكسوق مهمة ومؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، تلتقي عندها تطلّعات المستثمرين من أنحاء العالم، انطلاقاً من قوتها في استهلاك المنتج السينمائي العالمي، وتعدد المنصات والمؤسسات السعودية الداعمة للإنتاج العربي، إلى جانب حزمة العروض والفرص الاستثمارية التي تقدمها للأفلام العالمية التي تُصوّر داخل المملكة، ومبادرات دعم الإنتاج المحلي والعربي والعالمي.

التصوير في المملكة
استحوذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدُّولي على اهتمام الباحثين عن حدث أساسي في المنطقة العربية لديه القدرة على تفعيل التعاون المنتظر بين الدول التي سيحتضنها المهرجان في دورته الأولى واللاحقة.
مثل هذا الشأن بالغ الأهمية في الخطط الساعية لاستثمار التقدّم الذي حققته السينما السعودية، كان بفضل رعاية المسؤولين في المملكة، والانتقال به إلى آفاق جديدة غير مطروقة من قبل. علماً بأنّ المتغيّرات التي تشهدها الحياة الثقافية والفنية والاجتماعية في المملكة حديثة العهد بدورها؛ ما يعني أنّ المسؤولين لم ينتظروا البتّة الانتقال من التمنيات إلى الإنجازات الفعلية.
وكان المهرجان قد عيّن الخبير السينمائي إدوارد واينتروب مديراً فنيّاً ليقود المهرجان وطموحاته. وهو أدلى في مهرجان «كان» بحديث أكّد فيه أنّ الجهود مبذولة بلا توقف لتحويل المهرجان السعودي المقبل إلى حدث عالمي فريد. قال «شاركت المسؤولين في أحاديثنا عن الرؤية والأمل في أن تتحول المملكة إلى لاعب أساسي في هذه المنطقة من العالم». وأضاف «إذا أُنجزت الطموحات التي يُخطّط لها فسيكون ذلك فاتحة متغيرات إيجابية كبيرة».
إنّ اختيار السعودية مكاناً لتصوير الأفلام العالمية، هو أحد هذه الطموحات، والمسؤولون لا يألون جهداً في محاولة إنجاز هذا الطموح وتحدي متطلّباته. والبوادر في أماكنها الصحيحة: المخرجان جو وأنطوني روسو صوّرا جزءاً من فيلمهما الجديد Cherry (من بطولة توم هولاند) في السعودية. وكان الأخوان روسو حققا عدداً لا يستهان به من الإنتاجات الكبيرة والمتوسطة خلال السنوات الخمسة عشر الماضية من بينها سلسلة أفلام «ذا أفنجرز».
فيلم آخر سيتوجه للتصوير في المملكة هو «قندهار» الذي سيقود بطولته جيرارد بتلر، وهو من إنتاج محطة «إم بي سي» في سعيها لنقلة نوعية في مجال العمل السينمائي على صعيد الصناعة العالمية.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.