فريق متخصص من بغداد إلى الناصرية لفحص الجثث المجهولة الهوية

TT

فريق متخصص من بغداد إلى الناصرية لفحص الجثث المجهولة الهوية

لا تزال مشاعر الحزن والإحباط تسيطر على غالبية الفئات السكانية في محافظة ذي قار (جنوب العراق)، ومركزها مدينة الناصرية، بعد مرور خمسة أيام على الحريق الذي التهم «مستشفى الحسين» المخصص لمعالجة وعزل المصابين بفيروس (كوفيد – 19)، وأودى بحياة ما لا يقل عن 60 شخصا، بحسب وزارة الصحة العراقية، أقل من نصفهم ما زال في عداد المفقودين لعدم إمكانية معرفتهم بعد تفحم جثامينهم. وهذا ما دفع بالمحافظة إلى استدعاء فريق متخصص من بغداد لـ«فحص الجثث مجهولة الهوية في حادثة الحريق»، كما أكد محافظ ذي قار أحمد غني الخفاجي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس (الخميس).
وقال الخفاجي: «ستصل (اليوم الخميس) لجنة حكومية مهمة جداً لإجراء تحقيق حكومي مركزي بالحادث وننتظر نتائج اللجان لتحديد مسؤولية المقصر لينال جزاءه وفق الأطر القانونية». ورجح «جميع الاحتمالات بحادث الحريق، لكن الإجابة الدقيقة ستكون بعد انتهاء التحقيق». وتابع: «استدعينا فريقا متخصصا من بغداد لفحص الجثث مجهولة الهوية، فهناك تقنيات غير متوفرة في المحافظة، والفريق باشر عمله بعد ساعات من الحادثة، كذلك عمليات البحث مستمرة بمكان الحادث للتحقق مما إذا كانت هناك جثث أخرى». وأشار إلى أن «التحقيقات ستكشف إذا كان هناك تقصير أو إهمال أو فعل متعمد وسيقدم الفاعل إلى القضاء».
وأضاف الخفاجي أن «التحقيقات بحادثة المستشفى واللجان التحقيقية مستمرة وشكلت لجنة على مستوى المحافظة وأخرى اتحادية واللجان مستمرة بالعمل وجمع الأدلة والاستماع لأقوال الناجين من الحادث والشهود العيان وكذلك الاستماع لإفادات من لهم علاقة بالمركز والمستشفى». وغالبا ما يشكك السكان، سواء في الناصرية أو في غيرها من مدن العراق باللجان التحقيقية التي تشكلها السلطات، لأنها غالبا ما تحجم عن إعلان نتائجها للعلن.
وبشأن الدعوات لإقالته أو استقالته، خصوصاً من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، قال الخفاجي: «رشحني متظاهرو ذي قار وأرى جميع أبناء المحافظة يدعمون وجودي، وعملية إقالتي من منصبي هي عملية إدارية يجب أن تمر بإجراءات إدارية صحيحة ومتى ما حدثت الإقالة بطرقها القانونية سأكون مُنفذا لها وأغادر المنصب».
وأشار الخفاجي إلى أن «الوضع العام لا يخلو من وجود أاجندات وأياد تعمل على العبث بوضع المحافظة وأمنها». وطالب جماعات الحراك التي من المتوقع خروجها بجولة جديدة من التظاهرات بـ«عدم قطع الطريق العام أو غلق الدوائر أو حرق بعض الأماكن».
من جانبه، يقول الأكاديمي حازم هاشم، إن «ذي قار، وبخاصة مركزها الناصرية، ما زالت تعيش أياما حزينة جدا بعد كارثة مستشفى الحسين، وكأن المدينة قد تحولت إلى ما يشبه سرداقا كبيرا للعزاء». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الناس هنا اعتادوا على الموت، سواء عبر الأمراض أو الآفات أو على يد القوات الأمنية في التظاهرات، لكن ليس بهذه الطريقة الشنيعة عبر الحرق».
ويتابع: «المزاج العام سيئ جدا، هناك مشاعر غضب وإحباط متراكمة قد تنفجر على شكل احتجاجات عنيفة في الأيام المقبلة، وهناك أيضا شعور مرير بالإهمال وعدم الاكتراث من قبل السلطات وأحزابها ومليشياتها». وتعد مدينة الناصرية من بين أهم معاقل الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، ومرشحة لانفجار في أي لحظة نظرا للظروف الصعبة التي يرزح تحت وطأتها السكان.
ويعتقد هاشم أن «سوء الحظ يلازم هذه المحافظات منذ عقود طويلة، حتى إننا اليوم ثاني أكثر محافظة في الإصابات بفيروس كورونا، وهناك مشكلة الخدمات والبطالة المتفشية، وفوق كل ذلك تأتي قضية الحريق لتعمق مشاعر الحزن والكآبة لدى السكان».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).