المساعدات الدولية... جرعة أمل في كفاح تونس ضد الوباء

وصول طلائع الجسر الجوي السعودي إلى تونس

لقاحات ومستلزمات طبية بعد وصولها مع طلائع الجسر الجوي... ويبدو السفير السعودي علي الصقر (واس)
لقاحات ومستلزمات طبية بعد وصولها مع طلائع الجسر الجوي... ويبدو السفير السعودي علي الصقر (واس)
TT

المساعدات الدولية... جرعة أمل في كفاح تونس ضد الوباء

لقاحات ومستلزمات طبية بعد وصولها مع طلائع الجسر الجوي... ويبدو السفير السعودي علي الصقر (واس)
لقاحات ومستلزمات طبية بعد وصولها مع طلائع الجسر الجوي... ويبدو السفير السعودي علي الصقر (واس)

في مستشفى «شارل نيكول»، بالعاصمة تونس، اكتظ قسم الطوارئ بمرضى «كوفيد - 19» الذين كانوا يتقاسمون الأكسجين في غرف، وحتى في الأروقة، وفق وكالة «رويترز»، بينما تشهد البلاد زيادة كبيرة في حالات كورونا، مع تدفق مساعدات خارجية تمثل جرعة أمل في السيطرة على تفشي الجائحة.
وبعد احتواء الفيروس بنجاح في الموجة الأولى العام الماضي، تمر تونس بأوقات صعبة مع امتلاء أقسام العناية الفائقة في كل مستشفيات البلاد، وإرهاق الأطباء بسبب التفشي السريع للحالات، والارتفاع الكبير في عدد الوفيات. وقال أحمد الغول، وهو ممرض بقسم الطوارئ، لـ«رويترز» إن «الأطباء مرهقون لأن عدد المرضى تجاوز طاقة المستشفى... حتى غرفة الأموات ممتلئة، ولم يعد بإمكاننا إيجاد مكان لهم». وأضاف أنه يتم تسجيل 6 حالات وفاة يومياً، على الأقل، في هذا المستشفى، ويصل العدد أحياناً إلى 10 حالات. وسجلت تونس، الثلاثاء الماضي، 157 حالة وفاة، وهي أعلى حصيلة يومية للوفيات منذ انتشار الجائحة العام الماضي، مما يرفع إجمالي الوفيات بسبب فيروس كورونا إلى نحو 17 ألفاً، والإصابات إلى نحو 500 ألف حالة.
وقال مسؤولون إن نظام الرعاية الصحية قد انهار، وإن الوضع كارثي بسبب عدم قدرة أقسام العناية الفائقة والطوارئ على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى، والنقص الحاد في الأكسجين، وإرهاق الأطباء والممرضين. وقالت الدكتورة ريم حامد، رئيسة قسم الطوارئ في شارل نيكول: «نحن نعاني؛ نحتاج بشدة إلى الأكسجين، فقد تجاوز الطلب المخزونات الموجودة لدينا».
صرخة الذعر بشأن عدم قدرة النظام الصحي الضعيف بالفعل منذ سنوات دفعت الرئيس قيس سعيد إلى إطلاق نداء استغاثة للمجتمع الدولي. وتقول منظمة الصحة العالمية إن تونس تسجل أعلى حصيلة للوفيات في أفريقيا والعالم العربي.
وتلقت تونس مساعدات عربية عاجلة لدعم جهودها في مكافحة الوباء. ووصلت أمس إلى تونس طلائع الجسر الجوي السعودي، على متنها أجهزة طبية ومعدات وقائية للإسهام في مكافحة انتشار فيروس كورونا. وسيّر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أولى طلائع الجسر الجوي السعودي للجمهورية التونسية، وذلك استجابة لطلب الرئيس قيس سعيّد، رئيس الجمهورية التونسية، الذي أبداه خلال مكالمته مع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.
وانطلقت صباح أمس طائرتان تمثلان أولى طلائع الجسر الجوي السعودي من مطار الملك خالد الدولي بالرياض إلى تونس، وعلى متنهما أجهزة طبية وأجهزة عناية وعلاج ومستلزمات وقائية، وغيرها من الاحتياجات الطبية.
وتم نقل المساعدات التي وجه بها الملك سلمان على متن الطائرات السعودية، في وقت تجري الرياض التنسيق لتأمين مليون جرعة لقاح مضاد لفيروس كورونا مع الرئيس التونسي لسرعة التعاقد مع إحدى الشركات العالمية المعتمدة لتوريد الكميات المطلوبة من مصانعها مباشرة إلى تونس.
وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، إنه «وصلت اليوم الدفعة الأولى من المواد الطبية المخصصة للجمهورية التونسية الشقيقة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين استجابة لطلب الرئيس قيس سعيّد الذي أبداه خلال مكالمته مع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد»، وأضاف عبر «تويتر»: «يأتي ذلك امتداداً لما قدمته المملكة من عون للدول الشقيقة والصديقة من أجل مواجهة آثار جائحة (كوفيد - 19) انطلاقاً من النهج الإنساني الذي دأبت عليه، وحرصاً من قيادتها الرشيدة على مساندة الأشقاء والأصدقاء، والوقوف معهم في مختلف الأزمات والظروف».
من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز علي الصقر، سفير السعودية لدى تونس، حرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على الوقوف إلى جانب الأشقاء في تونس لمواجهة تفشي هذا المرض الخطير والتخفيف من آثاره الصحية.
فيما ثمّن وزير الصحة التونسي الدكتور فوزي المهدي للقيادة السعودية المساعدات التي قدمتها المملكة إلى تونس للتصدي لانتشار فيروس كورونا، وقال: «إن هذه المساعدات تأتي تأكيداً على عمق العلاقات الأخوية المتينة التي تربط قيادتي البلدين الشقيقين»، مشيراً إلى أن تونس ستبدأ فوراً في توزيع المساعدات السعودية على المستشفيات التونسية لمواجهة الانتشار الواسع للفيروس في مختلف المدن.
من جانبها، عبّرت مديرة ديوان رئيس الجمهورية التونسية الوزيرة نادية عكاشة عن شكرها العميق للسعودية حكومة وشعباً على ما أولته لتونس من اهتمام، منوهة بسرعة الاستجابة من الملك سلمان وولي العهد السعودي، وقالت عكاشة: «إن المبادرة التي رأيناها من المملكة ليست بغريبة على بلد الحرمين الشريفين؛ حيث يشهد التاريخ على مواقف المملكة الإنسانية في جميع دول العالم». وأكدت عكاشة أن المساعدات التي قدمتها المملكة اليوم من شأنها أن تدعم مجهودات وزارة الصحة لمجابهة انتشار فيروس كورونا.
بينما أوضح الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث الرسمي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، فيما يخص تأمين مليون جرعة لقاح مضاد لـ«كوفيد 19»، أنه جارٍ التنسيق مع مكتب الرئيس التونسي لسرعة التعاقد مع إحدى الشركات العالمية المعتمدة لتوريد الكميات المطلوبة من اللقاحات من مصانعها مباشرة إلى تونس.
وبدورها، أرسلت كل من مصر والجزائر والإمارات هذا الأسبوع طائرات محملة بمساعدات طبية عاجلة ولقاحات. فيما أفاد بيان لوزارة الخارجية المغربية مساء أول من أمس بأنه على أثر تدهور الوضع الوبائي في تونس، أعطى الملك محمد السادس تعليماته من أجل «إرسال مساعدة طبية عاجلة لهذا البلد المغاربي الشقيق». وأوضحت الوزارة أن المساعدة الطبية ستتكون من وحدتي إنعاش كاملتين مستقلتين، بطاقة إيوائية تبلغ 100 سرير، كما ستشمل 100 جهاز تنفس ومولدين للأكسجين بسعة 33 م 3/ ساعة لكل واحد منهما. وسيتم إرسال المساعدات على متن طائرات تابعة للقوات الملكية الجوية.
ومن جانبها، قالت فرنسا إنها تعتزم إرسال مساعدات طبية، ونحو مليون جرعة لقاح إلى تونس التي تواجه موجة عنيفة تتزامن مع أسوأ أزمة مالية في تاريخ البلاد التي توشك على الإفلاس. كما تعهدت الولايات المتحدة بإرسال نصف مليون جرعة لقاح. وتصل المساعدة الأخيرة إلى أكثر من 3.3 مليون جرعة لقاح تم التبرع بها لتونس التي ما زالت حملة التطعيم بها أقل بكثير من أغلب البلدان.
وحتى الآن، تم تطعيم نحو 750 ألف شخص فقط بشكل كامل من إجمالي 11.6 مليون نسمة.
وبدأت منظمات المجتمع المدني أيضاً في حشد جهودها للمساعدة، عبر جمع تبرعات وشراء معدات طبية. وفي ضاحية الزهراء بالعاصمة تونس، أنشأ متطوعون مستشفى ميدانياً مجهزاً بكل المعدات لتقديم الخدمات الطبية. وفي مدينة سوسة، قام رجال أعمال بتقديم تبرعات مالية وشراء معدات لمستشفيات.
ولتحفيز التونسيين على التبرع، عرضت لاعبة التنس الشهيرة أنس جابر مضربها للبيع في مزاد علني، بهدف المساهمة في جهود شراء آلات طبية وتوزيعها على المستشفيات في تونس.


مقالات ذات صلة

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

اتفقت تركيا وسلطنة عُمان على الاستمرار في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما، وصولاً إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار، وأكدتا دعمهما لأي مبادرات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، على غرار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لبنان.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إننا «نهدف لرفع حجم تجارتنا مع سلطنة عُمان إلى 5 مليارات دولار بما يتماشى وإمكاناتنا المتوفرة، وسندخل حقبة جديدة في تعاوننا بمجال الطاقة مع بدء إمدادات الغاز المسال من سلطنة عمان إلى تركيا اعتباراً من يوليو (تموز) 2025».

وعبر إردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع سلطان عُمان هيثم بن طارق عقب مباحثاتهما بالقصر الرئاسي في أنقرة، الخميس، عن سعادته باستضافته في تركيا في أول زيارة رسمية على مستوى سلطان عمان إلى تركيا، مشيراً إلى أنه يعتزم زيارة السلطنة في المستقبل.

وأعرب عن رغبته في الاستمرار في تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين في جميع المجالات، وتقدم بشكره إلى سلطان عمان على تضامن بلاده مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال العام الماضي، وكذلك على جهوده لإحلال السلام من خلال تحمل المسؤولية في العديد من القضايا التي تهم منطقتنا، وخاصة الصراع في اليمن، وهي جهود تستحق الإعجاب.

إردوغان والسلطان هيثم بن طارق خلال المؤتمر الصحافي (الرئاسة التركية)

إطار مؤسسي

وقال إردوغان: «نريد توفير إطار مؤسسي لعلاقاتنا، ولهذا الغرض، ناقشنا الخيارات التي يمكننا الاستفادة منها، بما في ذلك آلية التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وتم التوقيع على 10 وثائق لتعزيز تعاوننا في مجالات مثل العلاقات الخارجية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والصحة والثقافة والزراعة والثروة الحيوانية».

وذكر أن التعاون في مجال الصناعة الدفاعية كان أيضاً على جدول الأعمال خلال الاجتماع، وقال إنهم فخورون بتفضيل سلطنة عمان للمنتجات الدفاعية التركية. وأشار إلى أن شركات المقاولات التركية لديها مشاريع بقيمة 7 مليارات دولار في سلطنة عمان حتى الآن، ويمكنها أن تقدم مساهمات ملموسة في إطار «رؤية عمان 2040».

وقال إردوغان إنه ناقش مع سلطان عمان القضايا والتطورات الإقليمية، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يعد «خطوة متأخرة للغاية ولكنها مهمة».

وأكد أنه لا يمكن الوصول إلى السلام الإقليمي والعالمي ما لم يتحقق وقف فوري وعادل ودائم لإطلاق النار في غزة، وأن تركيا لن تتردد في بذل كل ما في وسعها لتحقيق الهدوء والسلام في غزة، وتعرب عن ترحيبها بوقف إطلاق النار في لبنان.

بدوره، أكد سلطان عمان هيثم بن طارق أن بلاده ستواصل عملها على تعزيز علاقتها مع تركيا في مختلف المجالات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار.

إرساء الأمن في المنطقة

وقال إنه ناقش مع الرئيس التركي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، وأكد أن الرغبة المشتركة للجميع هي إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف: «علينا أن نعمل معاً لتعزيز التعاون الإقليمي، وفي هذا السياق، نود، كسلطنة عمان، أن نعرب عن دعمنا موقف تركيا من القضايا الدولية التي تهم منطقتنا». وأكد أن التعاون «يجب أن يستمر من أجل تحقيق حل الدولتين لفلسطين، ويجب تحقيق هذا الهدف من أجل إقامة العدل والسلام للجميع».

وكان إردوغان قد استقبل سلطان عمان، هيثم بن طارق، في مطار أسنبوغا في أنقرة يوم الخميس، وأقام مراسم رسمية لاستقباله بالقصر الرئاسي، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبتها جلسة موسعة لوفدي البلدين جرى خلالها توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمي لسلطان عُمان (الرئاسة التركية)

وتبادل إردوغان وسلطان عمان أوسمة رفيعة المستوى، خلال مراسم أقيمت مساء الخميس في بالقصر الرئاسي، حيث قلّد إردوغان السلطان هيثم «وسام الدولة للجمهورية التركية»، وهو أرفع وسام في البلاد، وقلده سلطان عمان «وسام آل سعيد»، أرفع أوسمة السلطنة. وأقام إردوغان مأدبة عشاء على شرف سلطان عمان.