سميرة توفيق لـ «الشرق الأوسط»: الساحة تفتقد لبنان فهو ميزان الفن

سميرة توفيق مع لينا رضوان ابنة شقيقتها التي لا تفارقها
سميرة توفيق مع لينا رضوان ابنة شقيقتها التي لا تفارقها
TT

سميرة توفيق لـ «الشرق الأوسط»: الساحة تفتقد لبنان فهو ميزان الفن

سميرة توفيق مع لينا رضوان ابنة شقيقتها التي لا تفارقها
سميرة توفيق مع لينا رضوان ابنة شقيقتها التي لا تفارقها

لا يمكنك وأنت تتحدث إلى الفنانة سميرة توفيق إلّا أن يلامسك مذاق الحلاوة الذي يسود حوارك معها. فكلماتها من «يا روحي» و«يا حبيبتي» و«شكراً يا قلبي» وغيرها، تخرج منها بعفوية الفنان اللائق. أمّا حذاقة «زازا» كما يناديها المقربون منها التي تطبع أجوبتها، فتذكرك أنك أمام قامة فنية لبنانية من الطراز الأصيل من الصعب أن تتكرر.
حصدت سميرة توفيق ما زرعته من حب حولها، سنوات طويلة من النجاح. وهو ما انعكس إيجاباً على طول مسيرتها الفنية حتى اليوم. مؤخراً انتقلت سمراء البادية للإقامة في دولة الإمارات العربية. ضجت وسائل الإعلام بهذا الحدث سيما أنّ البلد المضيف لها يعتنى بها، ويتمسك بالاهتمام بصحتها. فهي أجرت عملية قسطرة في القلب في مستشفى كليفلاند في أبوظبي. وتعلق في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إنه الوفاء بكل ما للكلمة من معنى الذي تبادلني إياه دولة الإمارات اليوم، والتي لا يمكنني أن أتخلى عنها. فلطالما شكّلت هذه البلاد موطني الثاني، عشت فيها وأقمت في ظلالها منذ أكثر من 47 عاماً. يومها أُعلن عن الاتحاد بين جميع الإمارات ومهّد ذلك لمستقبل مضيء، لا يزال يطبعنا حتى الساعة. فما أعيشه اليوم هو تكملة لمرحلة جميلة من حياتي أعتز بها. فإن أعيش معززة ومكرمة في هذا البلد، وبتوجيهات الشيخة فاطمة بن زايد أطال الله عمرها، هو أمر أفتخر به». ولكن ماذا عن لبنان؟ هل فقدت الأمل به؟ ترد: «لبنان محفور في قلبي. هو وطني وحبيبي ولا يمكنني أن أنساه ما حييت. أشعر بالحزن لما يمر به من أزمات، وأتمنى أن يعود قريباً إلى عهده الذي تربينا عليه، وحفر في قلوبنا. لا يمكنني أن أنفصل عن لبنان. صحيح أني أعيش في الإمارات بسبب ظروف كثيرة أهمها صحية، ولكنّي أشعر بالسعادة والطمأنينة هنا. وفي المقابل أنا على تماس دائم مع أهلي ومع أصدقائي. أمضي معظم وقتي وأنا أتحدث مع الجميع عبر الـ«فيديو كول»، أتابع أخبارهم وأنا مقهورة على بلدي. أرتشف قهوتي الصباحية مع لبنان، ولا أغفو عند المساء قبل أن أعانقه وأدعو له أن يعود وينتصب من جديد. أنا بعيدة عن لبنان هذا صحيح، ولكن قلبي وعقلي معه ومع أهلي فيه».
تشتهر سميرة توفيق بقدرتها على إرضاء الجميع، تبتعد عن المشاكل وعن استفزاز الآخر، فهي امرأة مسالمة، والحياة برأيها لا تستأهل منا إقامة الحروب، بل تتطلب منا الشكر الدائم لرب العالمين كما تقول.
صاحبة الأسطول السادس، هو اللقب الذي يرافق سميرة توفيق منذ بداياتها، لاهتمامها بجميع أفراد عائلتها بحيث لا يبارحونها، لا تحب التحدث عن أعمال الخير التي تمارسها في الخفاء. فهي أينما حلّت تترك وراءها عطر أياديها البيضاء بصمت بعيداً عن الضجيج. عائلات كثيرة لا سيما ممن يقطنون في منطقة الحازمية مركز إقامتها في لبنان، يحفظون هذا الأمر عنها. وعن أقرب الناس إلى قلبها تقول: «إنها لينا رضوان ابنة شقيقتي الراحلة، فهي لا تبارحني وتمكث بقربي كظلي تماماً. ترافقني في كل تحركاتي، وتسهر على راحتي. فأنا معروفة بحبي لعائلتي ولذلك التصق بي لقب (صاحبة الأسطول السادس). وفي المقلب الثاني هناك أهلي وأقربائي وأصدقائي، تربطني بهم جميعاً علاقة وطيدة. أرتاح وأنا أتحدث معهم، أبوح وأفضفض لهم. وهم مقربون جداً مني».
يطول الحديث مع سمراء البادية التي تحكي بشوق عن لبنان أيام العز تارة وعن الساحة الفنية اليوم تارة أخرى. تستوقفك سرعة بديهتها وخفة ظلها اللتين لا تزال تتمتع بهما حتى اليوم هي التي تجاوزت الثمانين من عمرها. وأسألها عما ينقص الساحة الفنية اليوم في لبنان؟ ترد في سياق حديثها: «أصلا عن أي ساحة تتكلمين؟ لم يعد هناك من ساحات فنية. قد يمضي وقت طويل قبل أن يمر فنان عليها ويلمع اسمه فيها. الحياة صارت صعبة في ظل الأزمات التي نعيشها من (كورونا) وأخرى اقتصادية واجتماعية. وهي تمنع الساحة الفنية اللبنانية من التألق. لقد كانت في الماضي تشهد مبارزات في الأصوات والمنافسة الفنية الجميلة. كانوا يأتون من مصر وسوريا وبلدان عربية مختلفة، كي يحظوا بفرصة. اليوم نفتقد لبنان ميزان الفن الذي اشتهر بصناعة النجوم. الظروف كانت أقوى منا، وهي التي تعيق عودة هذه الساحة إلى سابق عهدها».
وتستفيض سميرة توفيق في التحدث عن لبنان الذي تحب والذي ترعرعت في أحضانه. فهل هي تحن اليوم إلى زمن الفن الجميل؟ تقول: «لكل زمن حلاوته ومرّه. الأيام الخوالي كانت جميلة نعم، لكنّها لم تخل من الأخطاء. اليوم تغيرت الأحوال وصارت الأمور تتخذ منحى آخر بفعل وسائل التواصل الاجتماعي التي إلى جانب سلبياتها لها إيجابيات كثيرة. فهي سهلت على الفنان عملية انتشار أغانيه عبر المحيطات. وهو أمر لم يكن متاحاً لنا في الماضي. هذه الوسائل جعلت الكرة الأرضية عائلة واحدة وكبيرة، في استطاعتنا أن نتواصل معاً، ونعرف أخبار بعضنا ونتشارك أموراً كثيرة. اليوم مثلاً، تلقيت إلكترونياً من إحدى المعجبات أغنية قديمة لي (بيت الشعر يميمة) كنت سجلتها منذ سنوات طويلة. استمعت إليها ودندنتها من جديد، وذكرتني بتلك المرحلة الحلوة».
لا تنكر سميرة توفيق مدى استمتاعها بمشاهدة مقاطع فيديو لحفلات قديمة أحيتها وتقول: «أستعيد معها ذكريات ومناسبات جميلة، إضافة إلى ذكرى أحباء من عازفين وموسيقيين وشعراء وفنانين كبار، نفتقدهم اليوم بعد رحيلهم. أفرح مرات وأبكي مرات أخرى، وأنا أتابع تلك اللقطات، وآخذ في الدعاء لكل هؤلاء وأصلي من أجلهم».
تأسف سميرة توفيق لفقدانها أشخاصاً كثيرين بسبب جائحة «كورونا»، وآخرهم شقيقها جورج كريمونا. وتقول: «عائلتنا تأذت كثيراً من هذه الجائحة. وحزنت على فقداني أشخاصاً عزيزين علي بسببها، وكان آخرهم شقيقي جورج. لقد اجتاح «كوفيد - 19» العالم ولم يترك زاوية إلا وفتك بها، وكأن رب العالمين أراد للناس أن تعيد حساباتها وتخفف من كمية الشر التي تمارسها على بعضها البعض. لقد كانت بمثابة ترجمة لغضب رب العالمين على الأرض وأهلها. أرجو أن يكون العالم قد تعلم الدروس اللازمة من زمن (كورونا) القاسي ويعودوا إلى ضمائرهم».
وتتابع سميرة توفيق كل جديد على الساحة الفنية وتقول: «أستمع إلى كل أغنية حلوة ومرات أدندن بعضها مع إحدى حفيداتي مارينا (طفلة ابن أخيها) وأحدثها لحسين الجسمي (بالبنط العريض). نردد معاً مطلعها ولقيت الطبطبة... وأستمتع وهي تناديني (زازا تعالي نغني) عبر الفيديو كول». ومن يلفتك اليوم من بين الفنانين اللبنانيين؟ ترد: «أحب كثيراً صوت الوليد الحلاني ابن المطرب عاصي الحلاني. لقد دخل قلبي منذ أن رأيته للمرة الأولى (حبيتو هالشاب). فهو يملك جميع صفات الفنان الناجح بصوته ودماثة أخلاقه. فهو من الفنانين الشباب الذين يلفتونني، وأتمنى له النجاح. وكذلك الأمر بالنسبة للفنان ملحم زين. فأنا معجبة كثيراً بأدائه وبأسلوبه الغنائي».
وعما إذا هي تحضّر لعمل فني جديد توضح: «أنتظر أن تهدأ الأوضاع وأن ينتهي كابوس (كورونا). ليس هناك من تحضيرات لأي عمل جديد قبل ذلك، كي نستطيع القول إن شهيتنا للفرح والغناء عادت».
وختاماً أسأل سميرة توفيق ماذا لو قدر لك أن تحكمي لبنان لمدة 24 ساعة، فماذا تفعلين؟ ترد بطرافتها المعهودة: «أهرب من دون تردد لا أحكم ولا دقيقة. لن أقبل بأن أشارك في حكم بلد يمر في الظروف التي يشهدها اليوم حيث يعاني شعبه مرارة كبيرة بسبب حكامه. ومدة 24 ساعة هي قصيرة جداً. ولن أستطيع إجراء التغييرات اللازمة خلالها».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.