تصاعد سريع في إصابات «كورونا» بالعراق

مشككون بفاعلية اللقاح لا يلتزمون القيود الصحية

إصابات «كورونا» في العراق بلغت 8 آلاف يومياً (أ.ف.ب)
إصابات «كورونا» في العراق بلغت 8 آلاف يومياً (أ.ف.ب)
TT

تصاعد سريع في إصابات «كورونا» بالعراق

إصابات «كورونا» في العراق بلغت 8 آلاف يومياً (أ.ف.ب)
إصابات «كورونا» في العراق بلغت 8 آلاف يومياً (أ.ف.ب)

حذر أطباء عراقيون من «كارثة وبائية» بسبب التصاعد الخطير في عدد الإصابات بمرض «كوفيد - 19» خلال الأسابيع الماضية. غير أن كثيراً من السكان يشككون في فاعلية القيود الصحية، ويتنقلون من دون وضع كمامة، بل يردد بعضهم: «أنا لا أحب اللقاح».
وعلى سبيل المثال، تقول نهاد صباح: «لا أحب الكمامة، ولا أحب اللقاح»، وهي عبارة تكاد تعكس وجهة نظر كثير من العراقيين. وقد تزايدت معدلات الإصابة بالفيروس بين العراقيين منذ بداية يوليو (تموز) الحالي، بعدما كانت بين 4 و5 آلاف، لتصبح نحو 8 آلاف حالة في اليوم الواحد، وفقاً لتقرير لوزارة الصحة. وقد بلغت ذروتها (9189 إصابة) في الثامن من الشهر الحالي.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد الأشخاص الذين تلقوا اللقاح لا يتجاوز 1 في المائة من العراقيين الذين يصل تعدادهم إلى 40 مليون نسمة. ويحذر الطبيب سرمد القرلوسي، رئيس أطباء مستشفى الكندي أحد أبرز مستشفيات بغداد، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن مقبلون على كارثة وبائية»، ويضيف: «دخلنا الموجة الثالثة؛ لا بد أن نكون مستعدين لها، من خلال الالتزام بالتعليمات التي من بينها وضع الكمامة، والابتعاد عن التجمعات».
ويشير القرلوسي إلى أن جميع أسرة المستشفى، وعددها 54، مشغولة بشكل دائم منذ بداية العام الحالي، ويشغل 30 منها مرضى يتلقون العلاج حالياً في قسم الطوارئ، ويضيف أن «الأعداد في تزايد مستمر، والمستشفيات أصبحت مكتظة بالمصابين بفيروس كورونا، وهناك حالات حرجة جداً»، ويتابع: «نحاول تجنب الكارثة، والمحافظة على الوضع تحت السيطرة».
ويحاول العاملون في المراكز الطبية، وبينها مستشفى الكندي، الذين يرتدون بزات طبية محكمة لحمايتهم من الفيروس إقناع الناس بأهمية اللقاح «دون جدوى»، حيث يقول القرلوسي بحسرة: «أنا قلق جداً على مجتمعنا». وقد استلقت امرأة في الثلاثينات على سرير في غرفة مكيفة، وكانت تتنفس بصعوبة عبر قناع أكسجين يؤمن لها هواءً نقياً لمساعدة رئتيها المتهالكتين، فيما لا يبدو الطبيب المشرف على علاجها متفائلاً بشفائها من الفيروس، لكن شقيقتها رقية عبد المطلب (20 عاماً) تقول إنها متفائلة، مضيفة وهي تقف قرب السرير: «أختي هنا منذ 15 يوماً، ونحن نزورها باستمرار لمساعدتها». وتقول والدة المريضة التي وضعت قناعاً طبياً على وجهها، بينما تمسك بكتف ابنتها لمساعدتها على التنفس: «اللقاح خطير، وقد يسبب آثاراً سلبية مستقبلاً».
ويتحدث كثير من العراقيين عن عدم جدوى اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وعن الأعراض الجانبية التي قد تترتب عنه. ووصل عدد الإصابات بالفيروس إلى مليون ونصف المليون تقريباً، بينها 17548 وفاة، منذ بدء انتشار الوباء. ويندر رؤية عراقيين يضعون كمامات في الشوارع والمراكز التجارية في بغداد.
ويقول المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، الطبيب سيف البدر: «ما زلنا نعاني من حملة تضليل سبقت وصول اللقاح» للبلاد، مشيراً إلى تناقل إشاعات عن فقدان الثقة باللقاح، حتى بين الكوادر الطبية، وشيوع أخبار كاذبة بين العراقيين. وفي مايو (أيار) الماضي، أوقفت نقابة الأطباء الطبيب حميد اللامي عن العمل إثر تصريحات له قال فيها إن «كوفيد - 19» اختراع مختبري يمكن علاجه بالأعشاب.
وقال شابان وقفا أمام مطعم وسط بغداد لتدخين السجائر لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن لا نثق بالحكومة، ولا نعرف شيئاً عن اللقاحات». ويضيف أحدهما: «رأينا بعض الذين أخذوا اللقاح مصابين بـ(كورونا)، وبشكل أكثر خطورة من الآخرين». وقالت عميدة قسم الصيدلة في كلية الإسراء الطبيبة، خلود الصراف، بأسف: «الناس خائفون، والقناعة لدى غالبيتهم هي الاعتماد على مناعتهم الطبيعية».
وتشير السيدة التي وضعت قناعاً طبياً وهي تتبضع إلى زيادة في عدد الإصابات بين طلابها وموظفيها، مضيفة: «لا بد من حجر مدة 15 يوماً» للحد من انتشار الوباء. ويقول البدر: «على الرغم من الزيادة الواضحة في الحالات، فإن الوضع تحت السيطرة حتى الآن»، مضيفاً أنه «حتى الآن، لم يبلغ عن وجود الفيروس من نوع (دلتا) في البلاد». وبدأ العراق الذي تعاقد على شراء 18 مليون جرعة لقاح مختلفة حملته للتلقيح في مارس (آذار) الماضي.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.