تونس: مخاوف من تدخل العسكر في السياسة بعد مطالبة جنرال بـ {تفعيل الدستور}

رئيس الحزب «الجمهوري» المعارض اعتبر الخطوة «اقتراباً من المحظور ولعباً بالنار»

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
TT

تونس: مخاوف من تدخل العسكر في السياسة بعد مطالبة جنرال بـ {تفعيل الدستور}

الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)
الرئيس التونسي قيس سعيد (رويترز)

دعا كمال العكروت، وهو جنرال تونسي متقاعد من الجيش الوطني، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد إلى تفعيل الفصل 80 من الدستور لإعلان التعبئة العامة لمكافحة «كورونا»، وتوجيه كل موارد البلاد البشرية والمادية لمواجهة وباء «كورونا»، معتبراً أن هذه الدعوة تأتي «بسبب ما تشهده تونس من وضع كارثي يتطلب مبادرات أنجع لمكافحة الوباء».
وفي تبريره لهذه الدعوة، قال العكروت إن تونس تمر حالياً بمرحلة خطيرة، موضحا أن الخطر الداهم الذي ورد في الفصل 80 في الدستور «يتجسد في الوضع الراهن في جائحة (كورونا)». وأضاف متسائلاً: «هل هناك خطر داهم يهدد كيان الوطن وأمن البلاد أكبر من هذ الوباء الذي أفنى أرواح آلاف التونسيين، ودمر مقدرات المجموعة الوطنية؟ إنها حرب من أكثر الحروب التي عرفتها تونس فتكاً بالأرواح»، على حد قوله.
لكن عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، أبدى تخوفاته من هذه الدعوة، وقال إن بيان العكروت والمبادرة العسكرية التي أعقبته «يعد اقتراباً من المحظور ولعباً بالنار»، معتبراً أن هذه التحركات «لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة طبيعية لاستسهال الحديث عن الانقلابات، والدعوة إلى إقحام المؤسسة العسكرية في حسم الخلافات، ولتنازع الصلاحيات حول المؤسسة الأمنية». داعياً العسكريين الذين يعتزمون دخول المعترك السياسي إلى «التخلي عن صفاتهم ورتبهم، والمشاركة في الحياة السياسية كمواطنين، لا كفيالق عسكرية، حتى إن كانوا متقاعدين، وإلا فإننا سنحفر قبر الديمقراطية بأيدينا»، على حد قوله.
يذكر أن ستة قياديين عسكريين من أعلى الرتب أطلقوا نهاية مايو (أيار) الماضي مبادرة أطلقوا عليها اسم «الأمل الأخير»، وجهوها إلى الرئيس قيس سعيد، مطالبين إياه بإعادة البلاد إلى «مسارها الصحيح»، وهو ما اعتبر تدخلاً من قبل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، وتدخلاً على خط الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد منذ أكثر من ستة أشهر. وقد وقع على هذه المبادرة كل من محمد المؤدب، وهو أمير لواء متقاعد، والبشير مجدوب رئيس جمعية قدماء معهد الدفاع الوطني، وبوبكر بنكريم كاهية رئيس أركان جيش البر سابقاً، ومختار بن نصر العميد المتقاعد ورئيس سابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، وعلى السلامي وهو عقيد متقاعد، وسهيل الشمنقي عميد متقاعد.
ودعت هذه المبادرة إلى «إنقاذ البلاد من خطر تفكك مؤسسات الدولة، ومن ديمقراطية شكلية، وطبقة سياسية همها فقط الاستحواذ على السلطة بلا إنجاز»، وطالبت بـ«تخليص البلاد من منظومة استبداد بعض الأحزاب بمقدّرات البلاد بمنطق الغنيمة، واحتكار القرار الوطني، وإعادة السيادة للشعب للتعبير عن إرادته الحرة، وإخراج تونس من مستنقع الفشل والفوضى والفساد، بإنفاذ سلطة القانون على الجميع، بحسب ما تضمنه البيان الذي نشرته.
وينص الفصل 80 من الدستور الذي طالب العكروت بتفعيله على أنه «يحق لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن، أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذّر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة، ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويُعلِنُ عن التدابير في بيان إلى الشعب». ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب(البرلمان) في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة.
وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب، كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة. وبعد مرور 30 يوماً على سريان هذه التدابير، يُعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس البرلمان، أو 30 من أعضائه، البت في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.