«جنرال أميركا» في أفغانستان يسلّم «الراية»

ماكينزي يتوجه إلى كابل لتأكيد مساعدة الأفغان وسط قلق من ازدياد العنف

الجنرال ميلر يعلن تنحيه عقب مراسم أقيمت في كابل أمس (أ.ب)
الجنرال ميلر يعلن تنحيه عقب مراسم أقيمت في كابل أمس (أ.ب)
TT

«جنرال أميركا» في أفغانستان يسلّم «الراية»

الجنرال ميلر يعلن تنحيه عقب مراسم أقيمت في كابل أمس (أ.ب)
الجنرال ميلر يعلن تنحيه عقب مراسم أقيمت في كابل أمس (أ.ب)

مع استمرار انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وارتفاع الزخم الإعلامي والسياسي حول هذا القرار التاريخي، تنحى الجنرال أوستن ميلر قائد القوات الأميركية في أفغانستان عن منصبه أمس، في خطوة رمزية لانتهاء أطول حروب الولايات المتحدة وتسليم راية الحرب للحكومة الأفغانية، وذلك رغم اكتساب مقاتلي حركة «طالبان» قوة دفع بفعل الانسحاب الأميركي، واستمرار الجدل في الساحة السياسية الدولية حول هذه الخطوة الأميركية.
وتعالت الأصوات المحذرة والمنادية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية «الشركاء الأفغان»، الذين ساعدوا الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد إطاحة نظام «طالبان»، وكذلك مساعدة عناصر «الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)» في توفير الغطاء الأمني لهم أثناء أداء عملهم، إلا إن الحالة الأميركية العامة تواجه العديد من الضبابية وعدم الوضوح حول ما ستؤول إليه الأمور لاحقاً. وتناقلت وسائل الإعلام الأميركية، أمس، خبر تنحي الجنرال أوستن ميلر قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الذي سيصبح آخر ضابط أميركي برتبة جنرال (فئة 4 نجوم) يغادر الميدان في مراسم تقام في كابل وذلك قبل نهاية المهمة الرسمية العسكرية في 31 أغسطس (آب) المقبل؛ وهو الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي جو بايدن في إطار السعي لانتشال أميركا من الحرب الدائرة منذ نحو 20 عاماً. وفي هذه الأثناء، سيتوجه الجنرال كينيث (فرنك) ماكينزي، قائد «القيادة المركزية بالشرق الأوسط»، الذي تشرف القيادة برئاسته على القوات الأميركية في مواقع ساخنة منها أفغانستان والعراق وسوريا، إلى كابل للتأكيد على المساعدة الأميركية مستقبلاً لقوات الأمن الأفغانية.
ونقلاً عن «رويترز»، قال ماكينزي لمجموعة صغيرة من الصحافيين: «أعترف بأن الأمر سيختلف جداً عما كان عليه في الماضي. لن أهون من ذلك. لكننا سندعمهم»، وفي الوقت ذاته، حذّر بأن «طالبان» تسعى فيما يبدو في رأيه إلى «حل عسكري» للحرب، التي حاولت الولايات المتحدة دون جدوى أن تنهيها باتفاق سلام بين «طالبان» وحكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، مضيفاً: «عواصم الأقاليم معرضة للخطر»، لكنه أشار إلى أن قوات الأمن الأفغانية «عازمة على الاستماتة في الدفاع عن هذه العواصم الإقليمية». وحتى بعد استقالة ميلر فسيكون بإمكان ماكينزي إصدار الأوامر بتوجيه ضربات جوية أميركية ضد «طالبان» حتى 31 أغسطس المقبل دعماً لحكومة غني المدعومة من الغرب، غير أن ماكينزي قال إن تركيزه بعد ذلك سينتقل إلى عمليات مكافحة الإرهاب التي تستهدف تنظيمي «القاعدة» و«داعش». وفي تصريحات تلفزيونية لمتحدث البنتاغون، جون كيربي، قال إن مسؤولي البنتاغون يراقبون «التقدم الكاسح» لـ«طالبان» في أفغانستان «بقلق عميق»، ويشجعون شركاءهم الأفغان على «التصعيد» والدفاع عن بلادهم وسط انسحاب القوات الأميركية. يأتي ذلك مع ادعاء «طالبان» أنها سيطرت على 85 في المائة من أفغانستان، وهو ادّعاء يشكك فيه مسؤولو الحكومة الأميركية، وعلّق عليه كيربي بأن البنتاغون «لم يكن غافلاً» عن الموقف. وأضاف في لقائه مع «فوكس نيوز»: «نحن بالتأكيد نراقب بقلق عميق الوضع الأمني المتدهور والعنف في أفغانستان، الذي هو بالطبع مرتفع للغاية، ونراقب التقدم والزخم الذي يبدو أن (طالبان) تتمتع به الآن، وفي الوقت ذاته، نراقب تحركات (طالبان) في البلاد ونعمل مع الجيش الأفغاني لتشجيعهم على استخدام القدرات والإمكانات؛ التي نعرف أنهم يمتلكونها، ونعلم أنهم يعرفون كيف يدافعون عن بلادهم». وعدّ أن قدرات أفغانستان تشمل قوة جوية «ذات قدرة عالية»، وقوات خاصة «متطورة للغاية»، ويمكنها المساعدة في الدفاع عن البلاد من عودة ظهور «طالبان»، لافتاً إلى أن «هذا هو الوقت المناسب لهم لكي يصعدوا ويفعلوا ذلك بالضبط».
ولكن مع رحيل الجيش الأميركي تقريباً من أفغانستان، ومع تقدم «طالبان» بسرعة في ساحة المعركة، تواجه «وكالة المخابرات المركزية» مجموعة جديدة من التحديات في الوقت الذي تحاول فيه مراقبة التطورات في ذلك البلد، ويأتي هذا أيضاً في وقت تقوم فيه «وكالة المخابرات المركزية» بتقييم تركيزها العالمي، وهناك دعوات للوكالة إلى تقليص جهود مكافحة الإرهاب، وتخصيص مزيد من الموارد للتجسس التقليدي على القوى الكبرى، مثل روسيا والصين، والتركيز على تهديدات مثل الأمن السيبراني.
إلا إن خروج القوات العسكرية من أفغانستان لا يعني بالضرورة مغادرة «الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)» البلاد؛ إذ أخبر ويليام بيرنز، مدير «وكالة المخابرات المركزية»، لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ في أبريل (نيسان) الماضي، أن «وكالة المخابرات المركزية» لن تغادر أفغانستان عندما يغادر الجيش، وقال بيرنز: «ستحتفظ (وكالة المخابرات المركزية) بمجموعة من القدرات، بعضها سيبقى في مكانه». لكنه أضاف تحذيراً مهماً بأنه «عندما يحين وقت انسحاب الجيش الأميركي، فإن قدرة الحكومة الأميركية على جمع التهديدات والتصرف بشأنها سوف تتضاءل. هذه مجرد حقيقة»، وتعتمد «وكالة المخابرات المركزية» والجيش كل منهما على الآخر في مناطق الحرب؛ إذ يوفر الجيش حماية تسمح لـ«وكالة المخابرات المركزية» بالعمل بحرية أكبر، فيما توفر «وكالة المخابرات المركزية» في المقابل معلومات استخبارية تشكل العمليات العسكرية. وكان الرئيس بايدن قال إن الانسحاب العسكري الأميركي سينتهي بنهاية أغسطس المقبل، ومن المتوقع أن يبقى بضع مئات من القوات فقط لحراسة السفارة الأميركية في كابل. ولكن في تعليقاته العامة المحدودة، لم يكشف بيرنز عن تفاصيل حول عمليات «وكالة المخابرات المركزية» في أفغانستان، في وقت كان فيه لـ«الوكالة» وجود كبير في جميع أنحاء البلاد على مدار العشرين عاماً الماضية. ومن المؤكد الآن أن تكون محدودة للغاية، خصوصاً في المناطق الخطرة خارج العاصمة الأفغانية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».