جلد مغناطيسي مرن يتيح حرية الحركة لمرضى الشلل الرباعي الحاد

باحثو «كاوست» يطورونه للتفاعل مع النظم الذكية

تجمع التقنية المساعدة بين النظارات الذكية  والأدوات الذكية والجلود المغناطيسية والكرسي المتحرك الذكي
تجمع التقنية المساعدة بين النظارات الذكية والأدوات الذكية والجلود المغناطيسية والكرسي المتحرك الذكي
TT

جلد مغناطيسي مرن يتيح حرية الحركة لمرضى الشلل الرباعي الحاد

تجمع التقنية المساعدة بين النظارات الذكية  والأدوات الذكية والجلود المغناطيسية والكرسي المتحرك الذكي
تجمع التقنية المساعدة بين النظارات الذكية والأدوات الذكية والجلود المغناطيسية والكرسي المتحرك الذكي

طور باحثون بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) نظاماً تقنياً يستخدم جلداً مغناطيسياً مرناً وقابلاً للتنفس قد يتيح لمرضى الشلل الرباعي الحاد حرية الحركة.

تعبيرات الوجه
يعتمد النظام عالي التقنية على تعبيرات وجه المستخدم لإنجاز مجموعة متنوعة من المهام، بداية من التحرك في الشارع وحتى استخدام المصعد.
ورغم وجود مجموعة متنوعة من التقنيات المساعدة لمرضى الشلل الرباعي بالفعل، فإن أغلب هذه التقنيات لا تتناسب مع الحالات شديدة الإصابة، لأنها تعتمد على إمكانية تحريك المريض رأسه أو رقبته، وعليه تقتصر خياراتهم على استخدام الكاميرا، والتحكم في اللسان، والمساعد الصوتي وأنظمة الفحص العصبي. غير أن هذه التقنيات إما توفر للمريض نطاقاً محدوداً من الحركة وإما تكون غير متوافقة مع التطبيقات التي يحتاج إليها خارج المنزل، كما تتطلب بعض هذه التقنيات زرع شرائح داخل جسم المريض أو المتابعة الحثيثة للأنظمة طوال فترة الاستخدام.
يقول عبد الله المنصوري، طالب الدكتوراه في «كاوست»: «أغلب التقنيات الحالية لا تمنح الناس كثيراً من الحرية. أردنا تطوير حل يعمل داخل المنزل وخارجه على حد سواء، مما يتيح للمرضى حرية الحركة والتنقل بشكل مستقل».

نظم ذكية
يحتوي النظام المتكامل الجديد على جلود مغناطيسية، ونظارات ذكية، وكرسي متحرك ذكي، وأدوات ذكية تعتمد على تقنية البلوتوث اللاسلكية والاتصال بالأشعة تحت الحمراء. ويجري وضع أحد الأشكال المغناطيسية الثلاثة بين الحاجبين والآخرين على جانبي الأنف بهدف تتبع حركات الوجه، مثل تحريك الحاجبين لأعلى وأسفل، وتحريك الأنف يمنة ويسرة. وتتعقب مستشعرات المجال المغناطيسي الموجودة في النظارات الذكية هذه الحركات وتحولها إلى إشارات كهربائية ثم تنقلها إلى الوحدة الرئيسية للكرسي المتحرك.
تعالج هذه الوحدة تلك الإشارات وتحولها إلى أوامر تصدرها إلى الكرسي المتحرك أو الأداة الذكية، مثل تشغيل الأضواء، أو نقر زر الفأرة على جهاز الكومبيوتر. ويدعم النظام حالياً 13 إيماءة وجه مميزة.
من جهته، اختبر المنصوري وفريقه البحثي النظام التقني الجديد على ثلاثة مستخدمين أصحاء وسجلوا معدل نجاح مرتفعا. واستغرق المشاركون أقل من 15 دقيقة لتعلم كيفية استخدام النظام دون مساعدة، وبلغ الحد الأدنى للنجاح نسبة 93 في المائة.
ويقول المنصوري: «كنا نهدف إلى حل سهل وبسيط دون أن يكون من السهل تشغيله بالخطأ. يتعامل النظام بنفسه مع هذا التعقيد، لذلك لا يرتدي المستخدم سوى النظارات والجلد المغناطيسي للتحكم في محيطه».
وأكد البروفسور خالد سلامة، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في مركز أبحاث الأغشية والمواد المسامية المتقدمة في «كاوست» أن الجمع بين تقنية الاستشعار المتقدمة وتعلم الآلة سيؤدي إلى تحسين جودة المعيشة. مشيراً إلى أن «هذا المزيج لديه القدرة على تغيير قواعد اللعبة في عديد من التطبيقات».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً