{كلوب هاوس»... بين المنافسة وضعف المحتوى

{كلوب هاوس»... بين المنافسة وضعف المحتوى
TT

{كلوب هاوس»... بين المنافسة وضعف المحتوى

{كلوب هاوس»... بين المنافسة وضعف المحتوى

عقب ظهور «لافت» لتطبيق «كلوب هاوس» قبل أشهر، بدأ التطبيق يفقد بريقه بعدما تراجعت معدلات تحميله على مستوى العالم، حسب مراقبين. وفي حين أرجع خبراء إعلام هذا التراجع للتطبيق إلى ضعف المحتوى، وعدم وجود قواعد للوقت وللمواضيع المطروحة، ربط آخرون الأمر بدخول «فيسبوك» و«تويتر» سوق المنافسة في مجال غرف الدردشة الصوتية. وهنا يشير خبراء إعلام أيضاً إلى أن استخدام التطبيق إعلامياً ما زال قائماً حتى الآن، ويرونه وسيلة جيدة للتواصل مع الجمهور.
موقع «ديجيتال ميوزيك نيوز» الأميركي المتخصص في تقديم تحليلات ومعلومات عن سوق الموسيقى والتكنولوجيا، نشر تقريراً بنهاية يونيو (حزيران) الماضي، تحت عنوان «هل انتهى (كلوب هاوس)؟»، قال فيه أنه «لم يعد هناك أحد يتكلم عن (كلوب هاوس). وفي الغالب تجري تغطية أو معرفة أخبار التطبيق من خلال مواقع التواصل الأخرى مثل (فيسبوك) و(تويتر) و(سبوتيفاي)، كما تراجع معدل البحث عن التطبيق على (غوغل ترند)».
ووفقاً لموقع «سنسور تاور» الأميركي المتخصص في دراسة التطبيقات على الهواتف الجوالة، فإن «معدلات تحميل التطبيق تراجعت من 9.6 مليون مرة في فبراير (شباط) الماضي إلى 900 ألف فقط في أبريل (نيسان) الماضي. وهو ما يعني تراجع تحميل التطبيق بنسبة 90% خلال بضعة شهور، وإن ظلت القيمة السوقية مستقرة وتبلغ 4 مليارات دولار». وعلى مستوى الولايات المتحدة الأميركية أفاد موقع «سنسور تاورز» إلى «تراجع تحميل التطبيق على (آب ستورز) من مليون تحميل في فبراير الماضي إلى 274 ألف تحميل في أبريل الماضي. ومع إطلاق الخدمة لهواتف الأندرويد على (غوغل بلاي) في مايو (أيار) الماضي، ارتفعت معدلات التحميل إلى 330 ألفاً، بينهم 156 ألفاً على (غوغل بلاي)، و174 ألفاً إلى (أبل ستورز)؛ لكنها عادت للتراجع مرة أخرى في يونيو الماضي، لتصل إلى 212 ألف تحميل، بينها 120 ألفاً على (غوغل بلاي)، و92 ألف على (أبل ستورز)».
الدكتور محمود الهاشمي، أستاذ الإعلام بجامعة الكويت، ونائب رئيس الجمعية الكويتية للإعلام، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه إنه «من الطبيعي في بداية ظهور التطبيق أن يحظى بشعبية كبيرة بدافع الفضول لمعرفة الشيء الجديد واستكشافه، وهو ما حدث مع (كلوب هاوس)». وأردف أنه «تابع التطبيق منذ إطلاقه، وكان يشارك هو وزملاؤه في كثير من غرف الدردشة التي كانت تناقش مواضيع جادة وقوية. غير أن الوضع اختلف مع توسع دائرة جمهور التطبيق، ودخول الهواتف التي تعمل بنظام الأندرويد، إذ فقد التطبيق بريقه وشعبيته، ولم يعد الجمهور يتكلّم عنه أو يستخدمه بنفس الكثافة».
واتفق مع هذا الرأي الصحافي المصري محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم»، إذ قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التطبيق تخطى مرحلة انبهار البدايات، حتى مع زيادة تحميله بعض الشيء مع دخول الأجهزة العاملة بنظام الأندوريد؛ إلا أن الجميع يلاحظ الآن تراجعاً في الإقبال على التطبيق، من خلال عدد المشاركين في غرف الدردشة الذي لم يعد يتجاوز الألف» على حد قوله.
ما يستحق الذكر أن تطبيق «كلوب هاوس» انطلق في مارس (آذار) عام 2020 على يد بول دايفيدسون وروهان سيث، وكان لديه 1500 مستخدم، وبقيمة سوقية تبلغ 100 مليون دولار في مايو عام 2020، بيد أن «شعبية التطبيق تزايدت بسرعة في فبراير الماضي، في أعقاب استضافة رجل الأعمال والملياردير العالمي إيلون ماسك، جلسة حوارية على التطبيق حضرها خمسة آلاف شخص، وبهذا ازداد معدل تحميل التطبيق من 3.5 مليون في أول فبراير الماضي، إلى 9.6 مليون في نهاية الشهر نفسه»، حسب «سنسور تاور».
الدكتور الهاشمي برّر تراجع شعبية التطبيق بـ«ضعف محتوى الجلسات الحوارية، ووجود مواضيع وعناوين غير ملائمة، بعدما كان التطبيق يركز في البداية على قضايا جادة ومهمة». وأضاف أنه «بات ينصح من يعرفهم بتجنب دخول غرف الدردشة التي تناقش مواضيع لا تناسب المجتمع لأنها ستؤثر على الصورة الذهنية لهؤلاء الأشخاص لدى من يعرفهم»، لافتاً إلى أن «المواضيع التي تعرضها غرف الدردشة بلا هدف، ولا يوجد قواعد تحدد مواعيد المناقشات، حتى إن وجدت مناقشات جيدة، فالبحث عنها أصبح صعباً مع كثرة المحتوى المنخفض الجودة».
من جانبه، يرى عبد الرحمن أن «التراجع بشأن التطبيق يرجع إلى عشوائية المواعيد». ويتوقع أن «تشهد المرحلة المقبلة محاولات من منصات جادة لاستخدام التطبيق في مواضيع هادفة وبصورة أكثر تنظيماً بما يتيح استخدام أفضل للتطبيق». ويستطرد عبد الرحمن شارحاً أنه «يجب أن نأخذ في الاعتبار جائحة فيروس (كوفيد – 19) وتأثيراتها على انتشار تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث زادت إجراءات الإغلاق والحظر في دول العالم، بفعل الجائحة، الإقبال على هذه التطبيقات خلال الفترة من فبراير 2020 وحتى مارس 2021، لكن الأمر تغيّر مع بدء عودة الحياة في الدول لطبيعتها». وللعلم، وفقاً لموقع «آب آني» المتخصص في دراسة تطبيقات الهواتف الجوالة «ازداد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترة الجائحة، إذ جرى تحميل تطبيقات التواصل الاجتماعي بنحو 9.6 مليار مرة عام 2020».
ثمة نقطة أخرى يثيرها الهاشمي، ربما تكون سبباً في تراجع شعبية «كلوب هاوس»، هي «المنافسة مع مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى مثل (فيسبوك) و(تويتر)، التي أطلقت خدمات صوتية مشابهة مع انتشار (كلوب هاوس)». وهنا يضيف الهاشمي أن «ميزة (تويتر سبيسز)، على سبيل المثال، هو أن الجمهور معروف للمتحدث... فهو من المتابعين له، ما يمنح غرف الدردشة الصوتية على (فيسبوك) و(تويتر) مزيداً من الخصوصية، ويضيف لها نوعاً من المهنية والحميمية في المناقشات، إضافةً إلى أن الوسائل القديمة التي اعتاد الجمهور استخدامها عادةً ما تكون محببةً أكثر».
لكن عبد الرحمن يختلف معه في الرأي، موضحاً أنه «لا يلاحظ شعبية غرف الدردشة الصوتية في (فيسبوك) و(تويتر) مثلاً»، معتبراً أن «عصر احتكار (فيسبوك) انتهى، وحتى لو تعثر (كلوب هاوس) ستظهر تطبيقات جديدة». وكان «تويتر» قد أطلق خدمة «سبيسز» للدردشة الصوتية في مايو الماضي، بينما أطلق «فيسبوك» خدمة غرف الدردشة الصوتية الشهر الماضي.
أخيراً، وفق الدكتور الهاشمي فإنه «مع بداية انتشار تطبيق (كلوب هاوس) بدأ بعض المنصات الإعلامية استخدامه في عقد لقاءات وحوارات على الهواء... بل إن بعض المحطات الإذاعية استخدمته كوسيلة للوصول إلى جمهور خارج حدود إشارة البث الإذاعي، كما حدث مع بعض المحطات الإذاعية في الكويت. ثم إن استخدام التطبيق إعلامياً ما زال قائماً حتى الآن، وهو وسيلة جيدة للتواصل مع الجمهور».
في المقابل، يستخدم موقع «إعلام دوت كوم» التطبيق في تنظيم ندوات ولقاءات حوارية. ويشرح محمد عبد الرحمن أن «الموقع يستخدم (كلوب هاوس) كغيره من تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى؛ لكن حتى الآن لا يمكن تقييم التجربة ومعرفة مدى نجاحها، لأننا ما زلنا في البدايات».


مقالات ذات صلة

«SRMG Labs» تتألق في جوائز «كليو» العالمية

يوميات الشرق شهد حفل توزيع جوائز «كليو» تكريم مبادرة «صوت الأرض» بـ7 جوائز مرموقة play-circle

«SRMG Labs» تتألق في جوائز «كليو» العالمية

حققت «SRMG Labs»، وكالة الخدمات الإبداعية والإعلانية التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، إنجازاً قياسياً بفوزها بجوائز «كليو» العالمية المرموقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تناول اللقاء تطورات المشهد الإعلامي المتغير وسبل تنويع المحتوى الإبداعي التنافسي لتلبية تطلعات المتابعين (تصوير: سعد الدوسري)

«الأبحاث والإعلام» ووزير الإعلام الباكستاني يبحثان آفاق التعاون الإعلامي

استقبلت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) في مقرّها بالرياض، وزير الإعلام الباكستاني عطا الله تارار، لبحث فرص التعاون في المجال الإعلامي وتطوير المحتوى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق فوز أيمن الغبيوي عن مسار «التقرير الصحافي» بجائزة «المنتدى السعودي للإعلام» (إندبندنت عربية)

«إندبندنت عربية» تحصد ثامن جوائزها في عامها السابع

فازت «إندبندنت عربية»، الجمعة، بجائزة «التقرير الصحافي» في «المنتدى السعودي للإعلام» 2025، عن تقرير «مترو الرياض... رحلة فلسفية للتو بدأت فصولها».

الولايات المتحدة​ صورة ملتقطة في 20 فبراير 2025 تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدّث خلال فعالية شهر تاريخ السود في البيت الأبيض بالعاصمة الأميركية واشنطن (د.ب.أ) play-circle

ترمب عن وكالة «أسوشييتد برس»: «منظمة يسارية راديكالية»

اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب وكالة «أسوشييتد برس» بأنها «منظمة يسارية راديكالية»، في أحدث انتقاداته حيالها على خلفية عدم التزامها بتغيير اسم «خليج المكسيك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق 
إحدى جلسات المنتدى السعودي للإعلام (المنتدى)

«المنتدى السعودي» يبحث دور الإعلام في تشكيل الهويات الثقافية

شهدت أعمال اليوم الثاني من «المنتدى السعودي للإعلام» في نسخته الرابعة بالرياض، أمس، جلسات نقاش وورش عمل أثرتها مشاركة إعلاميين وأكاديميين وخبراء ومتخصصين

عمر البدوي (الرياض)

الإعلام السوري الجديد في مواجهة «عش الدبابير»

مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
TT

الإعلام السوري الجديد في مواجهة «عش الدبابير»

مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)
مديرية العلاقات العامة في وزارة الإعلام ...واستقبال الصحفيين والإعلاميين السوريين والأجانب (وزارة الإعلام السورية)

بعد سقوط نظام الأسد، وجد الإعلاميون الذين عملوا في ظله أنفسهم فجأة معلقين في الفراغ. وبينما استدرك بعض العاملين في القطاع الخاص التغييرات الحاصلة بعد زوال الرقابة، تعطّل الإعلام الحكومي في انتظار القرارات الجديدة، باستثناء وكالة الأنباء السورية «سانا»؛ إذ إن «سانا» غيّرت خطابها على الفور، وواصلت دورها في نقل البيانات الرسمية، لكنها لم تعد تحتكرها ولا أول من يبثها. واليوم بعد مرور أسابيع معدودات على سقوط النظام لا يزال الإعلام السوري الجديد يتخبّط وهو يحاول الانتقال من إعلام «ثوري» رافق إدارة العمليات العسكرية، إلى إعلام «دولة» ينطق باسم السوريين جميعاً.

وزير الإعلام السوري محمد يعقوب العمر (وزارة الإعلام السورية)

«عش الدبابير»

في لقاء سابق لوزير الإعلام السوري محمد يعقوب العمر مع عدد من الإعلاميين السوريين العاملين في مؤسسات إعلامية عربية، حضرته «الشرق الأوسط»، شكا الوزير من «حجم الفساد الذي خلفه نظام الأسد في قطاع الإعلام الحكومي». ووصف مؤسساته «المتهالكة» بـ«عش الدبابير»، قائلاً: «ورثنا من النظام البائد مؤسسات إعلامية أمنية مبنية على الطائفية»، ويبدو أن من المستحيل إصلاحها، وهذا عدا أن بنيتها التحتية متهالكة، وأحدث التجهيزات تعود إلى عشرين سنة. كذلك يرى وزير الإعلام أن الأفضل بناء مؤسسات جديدة، لكن ذلك غير ممكن حالياً في ظل وضع اقتصادي منهك.

الأعداد الضخمة للعاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية تمثّل واحدة من أعقد المشكلات التي تواجه وزارة الإعلام السورية؛ إذ تُقدّر أعداد العاملين في المؤسسات التابعة للوزارة بأكثر من 13 ألف موظف، معظمهم بلا مهمات وظيفية حقيقية. معظم هؤلاء وفد إلى الإعلام في نهاية الثمانينات والتسعينات، عندما «تحوّلت الصحف الحكومية إلى دوائر لامتصاص البطالة في سوريا»، وفق دراسة أعدها «المركز السوري للإعلام وحرية التعبير». وأضافت الدراسة أن مئات الموظفين في الإعلام الحكومي لا تربطهم أي صلة بمهنة الإعلام.

إداري في وزارة الإعلام، لم يكشف عن اسمه لأنه من ضمن الذين منحوا إجازة ثلاثة أشهر ريثما يُبت في وضعه، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه في نهاية التسعينات «جرى تعيين مئات الموظفات من الساحل السوري في الإذاعة والتلفزيون»، ولفت إلى أن مكاتب البث الإذاعية والتلفزيونية في الساحل - أي معقل عائلة الأسد - فيها أكثر من مائتي موظف، في حين لا يتجاوز عددهم في مكاتب المحافظات الأخرى؛ كالسويداء وحماة عشرة موظفين.

وذكر الموظف أيضاً أن وسائل الإعلام الرسمية «كانت تُدار من قبل الأجهزة الأمنية»، و«تتدخل حتى في تعيين عامل البوفيه»، غير أن هذا الواقع لا يعني استبعاد عناصر نزيهة وخبيرة تشكّلت في الإعلام الحكومي، وهي قادرة على تشغيله بوضعه الراهن، وليس من المستحسن الاستغناء عن مؤسسات هي ملك الدولة.

ندوة حوارية عقدتها أخيراً وزارة الإعلام في دمشق (وزارة الإعلام السورية)

المؤسسات الحالية

يتبع لوزارة الإعلام السورية عدد من المؤسسات أبرزها: الوكالة السورية للأنباء (سانا)، ومؤسسة الوحدة للصحافة والنشر التي كانت تصدر صحفاً ورقية تغطي كل المناطق السورية، قبل أن تكتفي بالإصدار الرقمي منذ عام 2020، وهي «الثورة» و«تشرين» التي أصبح اسمها «الحرّية» في دمشق، و«العروبة» في حمص، و«الفداء» في حماة، و«الجماهير» في حلب، و«الوحدة» في الساحل، و«الفرات» في دير الزور.

أيضاً، يتبع وزارة الإعلام: الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، التي تضم «إذاعة دمشق»، و«إذاعة صوت الشباب»، و«القناة الإخبارية السورية»، و«القناة الفضائية السورية»، و«قناة دراما»، و«القناة التربوية». وللهيئة العامة العديد من مكاتب البث الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة الوسطى ومناطق الساحل والمنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية. ووفق أرقام وزارة الإعلام، هناك نحو ثمانية آلاف موظف في الإذاعة والتلفزيون، بينما لا تتجاوز الحاجة الفعلية ربع هذا العدد. ثم إنه يوجد في صحيفة «الثورة» وحدها أكثر من 180 محرّراً صحافياً، الفعليون منهم أربعون محرّراً، وقد تم الاحتفاظ بهم، في حين مُنح الباقون إجازة مأجورة لثلاثة أشهر، ريثما يُبت في وضعهم. وقد شمل هذا الإجراء جميع المؤسسات الإعلامية التابعة لوزارة الإعلام.

ترتيب البيت الداخلي

التوجّه في المرحلة المقبلة، حسب وزير الإعلام، «سيكون نحو الاعتماد على الإعلاميين الذين انشقوا عن النظام في بداية الثورة لقيادة النشاط الإعلامي»؛ ما قد يعني استبعاد آلاف العاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية التي احتكرت العملية الإعلامية في سوريا لأكثر من أربعة عقود.

وفي لقاء معنا، قالت الإعلامية السورية، نسرين طرابلسي، التي عادت إلى دمشق أخيراً بعد مسيرة عمل طويلة في وسائل إعلام عربية، إن «ملامح الإعلام السوري الجديد لا تزال غير واضحة».

ولفتت نسرين إلى أنها خلال لقاءات مع مسؤولين في الإعلام السوري الجديد، دعت إلى الاستفادة من خبرات الإعلاميين السوريين الذي عملوا في مؤسسات عالمية مرموقة في بلاد اللجوء، وهؤلاء يعدون بالمئات، ومعظمهم على استعداد للمشاركة في بناء إعلام بلدهم بعد التحرير. وأردفت أنها حملت معها إلى دمشق عدداً من سيَرهم الذاتية، لكن بدا لها أن المسؤولين الجدد «لا يحتاجون لنا الآن، وربما يكون لنا دور في المراحل المقبلة»، واستطردت أنه من الواضح «أنهم منخرطون في إعادة ترتيب البيت الداخلي، والتحضير لإطلاق إعلام حديث، وتغيير لغة الخطاب الرسمي».

الإعلام الحكومي شبه معطل... والخاص قلق... والثوري في مهبّ الفوضى

غياب الثقة

من جهة أخرى، لا يبدو واقع الإعلام السوري التابع للقطاع الخاص أقل قلقاً؛ كون معظم الوسائل التي مُنحت تراخيص للعمل في سوريا، تعود ملكيتها لجهات أو لرجال أعمال متربطين بالنظام السابق. ثم إن بعضها تعرّض لأعمال تخريب إثر سقوط النظام، مثل إذاعة «نينار» المملوكة لابن خال الرئيس السابق رامي مخلوف، قبل أن تستولي عليها أسماء الأسد، ومؤسسة «كيو ميديا» التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال سامر الفوز.

في المقابل، واصلت الصدور إلكترونياً صحيفة «الوطن» التي تعود ملكيتها للإعلامي وضاح عبد ربه، الذي كان مقرباً من النظام السابق. وتعبيراً عن غياب الثقة بتوجّهات الصحيفة، عيّنت الإدارة الجديدة موظفاً من قبلها لمراقبة سير العمل في الصحيفة.

هذه الطريقة اتُّبعت مع غالبية المؤسسات والشركات الخاصة، للتأكد من الملكية ومصادر التمويل قبل البت في وضعها. وهو أيضاً ما جرى مع إذاعة «شام إف إم» التي واصلت عملها، وبعد التأكد من ملكية رامي مخلوف لحصة منها، وضعت الإدارة الجديدة يدها على حصة مخلوف، ما أدى إلى توقفها عن البث لانصراف العاملين منها طوعاً. وجرى أيضاً إغلاق قناة «سما» التلفزيونية من قبل مالكها رجل الأعمال محمد حمشو، المحسوب على النظام السابق، ليجد العاملون فيها أنفسهم عاطلين عن العمل، ومن دون تعويضات.