انتقادات إيرانية غاضبة لمشاركة مسؤولين غربيين في مؤتمر المعارضة

طهران احتجت على «اتهامات» رئيس الوزراء السلوفيني

عضو من «مجاهدين خلق» يزور نصباً تذكارياً لإعدام 30 ألف سجين سياسي في 1988 داخل معسكر «أشرف 3» في بلدة مانزا الألبانية أول من أمس (أ.ف.ب)
عضو من «مجاهدين خلق» يزور نصباً تذكارياً لإعدام 30 ألف سجين سياسي في 1988 داخل معسكر «أشرف 3» في بلدة مانزا الألبانية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

انتقادات إيرانية غاضبة لمشاركة مسؤولين غربيين في مؤتمر المعارضة

عضو من «مجاهدين خلق» يزور نصباً تذكارياً لإعدام 30 ألف سجين سياسي في 1988 داخل معسكر «أشرف 3» في بلدة مانزا الألبانية أول من أمس (أ.ف.ب)
عضو من «مجاهدين خلق» يزور نصباً تذكارياً لإعدام 30 ألف سجين سياسي في 1988 داخل معسكر «أشرف 3» في بلدة مانزا الألبانية أول من أمس (أ.ف.ب)

أثار حضور شخصيات سياسية غربية في المؤتمر السنوي لـ«المعارضة الإيرانية» (مجاهدي خلق) انتقادات غاضبة من السلطات في طهران، واحتجت إيران أمس على مشاركة رئيس الوزراء السلوفيني يانيس يانشا، في مؤتمر منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة، معتبرة أن الاتهامات التي وجّهها إلى طهران في مجال حقوق الإنسان «لا أساس لها»، وفق ما أفادت وزارة الخارجية.
وأعلنت الخارجية الإيرانية، في بيان، استدعاء السفيرة السلوفينية في طهران كريستينا رادي «احتجاجاً على التصرف غير المقبول والخارج عن الأعراف الدبلوماسية» ليانشا، من خلال مشاركته في اجتماع «مجاهدي خلق» عبر الإنترنت.
وأضافت أنها أبلغت رادي التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي اعتباراً من مطلع يوليو (تموز) «احتجاج إيران الشديد على الإجراءات والاتهامات التي لا أساس لها والتي أثيرت ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
ورأت الخارجية الإيرانية أن مشاركة يانشا «في اجتماع لزمرة إرهابية ومنبوذة من قبل الشعب الإيراني والتصريحات المنافية للواقع والسخيفة لهذا المسؤول السلوفيني تتعارض مع الأعراف الدبلوماسية والطبيعة السائدة للعلاقات الثنائية، ومدانة أيضاً»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وبدأ المؤتمر السنوي لـ«المقاومة الإيرانية» السبت أعماله لـ3 أيام، تحت عنوان «إيران الحرة»، بمشاركة شخصيات سياسية أوروبية وأميركية. ورافق المؤتمر تنظيم تجمعات احتجاجية في برلين ولندن وبروكسل.
وقال يانشا، في كلمة عبر الفيديو، إن «الشعب الإيراني يستحق الديمقراطية، والحرية، واحترام حقوق الإنسان، ويجب أن ينال دعماً قوياً من المجتمع الدولي»، داعياً إلى «محاسبة النظام الإيراني على انتهاكه لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى مضي 33 عاماً على إعدامات 1988 التي تقول منظمة «مجاهدي خلق» أن 90 في المائة من ضحاياها من أنصارها. وقالت منظمتا العفو الدولية و«هيومن رايتس ووتش» إن انتخاب رئيسي كان بمثابة ضربة لحقوق الإنسان، ودعتا إلى التحقيق معه حول دوره فيما وصفته المنظمتان وواشنطن بإعدامات خارج نطاق القضاء لآلاف السجناء السياسيين.
وتقول الجماعة المعارضة إن عدد المعدومين يبلغ 30 ألفاً. وتتراوح أعداد منظمات حقوق الإنسان بين 3 آلاف إلى 7 آلاف من السجناء السياسيين. وفي كلمتها، اتهمت مريم رجوي زعيمة «مجاهدي خلق»، رئيسي بأنه المسؤول «التابع» عن «مذبحة 1988».
وأبدى المسؤول السلوفيني دعمه أيضاً لـ«مطالب تحقيق العدالة» من «عائلات 30 ألف سجين سياسي قضوا في مجزرة عام 1988». ودعا يانشا الأمم المتحدة إلى «تسليط الضوء» على عمليات الإعدام هذه، وقال: «تحقيق لجنة الأمم المتحدة له أهمية حاسمة لتسليط الضوء على مذبحة عام 1988 المروعة... ولا سيما أن الرئيس الإيراني المقبل (إبراهيم رئيسي) متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل منظمة العفو الدولية لدوره في هذه المجزرة».
وسلط المؤتمر الضوء بشكل خاص على دور الرئيس الإيراني المنتخب، إبراهيم رئيسي الذي كان مسؤولاً في «لجنة الموت» التي ضمت 4 مسؤولين كبار في القضاء الإيراني وأشرف على تنفيذ الإعدامات.
وفي خطاب عبر الإنترنت، ندد وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو برئيسي، وقال إن المرشد الإيراني علي خامنئي اختاره «لإيذاء وترويع (المواطنين) والاستمرار في السرقة والنهب» نيابة عن المؤسسة الدينية الحاكمة، مشدداً على أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية شهدت «في الحقيقة مقاطعة، والنظام يعرف ذلك». وأضاف: «هذه مسرحية مكشوفة للعالم كله».
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، قد وجّه انتقادات لاذعة للدول الغربية التي شارك ممثلون عنها في المؤتمر. ونقلت «رويترز» جزءاً من تغريدة نشرها المتحدث على «تويتر»، كتب فيها إن «ساسة غربيين مأجورين» ومنهم بومبيو، باعوا أنفسهم بثمن بخس «لمسرح تستضيفه أوروبا، وتنظمه مجموعة إرهابية أياديها ملطخة بالدماء، أيّدها (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين في السابق».
وبحسب «رويترز»، كتب المتحدث أن «التعطش الشديد للدولارات والهوس بمعاداة إيران يقودان النفاق الغربي المشين».
ويأتي مؤتمر المعارضة هذ العام بعد 5 أشهر من إدانة الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي بالسجن 20 عاماً، لتدبير مخطط الهجوم الذي كان يستهدف مؤتمر «مجاهدي خلق» في ضواحي باريس، صيف 2018، وأحبط بعد تعاون مخابراتي بين 4 دول أوروبية.
وأثار هذا الملف الذي يجمع بين الإرهاب والتجسس، توتراً دبلوماسياً بين طهران وكثير من العواصم الأوروبية، بما في ذلك باريس.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.