تونس تشدد قيود التنقل في العاصمة

دعم عربي لمواجهة الانتشار السريع للوباء

TT

تونس تشدد قيود التنقل في العاصمة

شددت السلطات التونسية القيود على التنقل وتدابير الحجر الصحي الشامل في العاصمة والولايات المجاورة لها، والمقررة على امتداد عطلة نهاية الأسبوع، وقررت ولاية تونس العاصمة والولايات الثلاث المتاخمة لها (منوبة وبن عروس وإريانة)، والتي تشكل معاً منطقة تونس الكبرى، حظر التنقل فيما بينها ومنع سير العربات بجانب منع التجمعات وكافة التظاهرات وإجبارية ارتداء الكمامات.
وانتشرت منذ صباح أمس دوريات أمنية في عدة مفترقات وسط العاصمة للتثبت من تراخيص التنقل الاستثنائية لبعض القطاعات كما ردت شرطة المرور مئات العربات على أعقابها في الطرق السيارة الرابطة بين المدن لمخالفتهم تدابير الحجر الصحي وفرضت وزارة الداخلية عقوبات على المخالفين.
وكانت عدة ولايات أخرى اتخذت الخطوة ذاتها في وقت سابق في ظل الارتفاع الكبير لأعداد الوفيات والمصابين بفيروس «كورونا» والذي فاق في معظم الجهات نسبة 400 مصاب لكل 100 ألف ساكن وبلغت مستوى «إنذار مرتفعاً جداً»، وفق وزارة الصحة. وفاقت أغلب الولايات هذا المستوى بفارق كبير في الإصابات اليومية حيث ناهز في ولاية منوبة الألف إصابة لكل 100 ألف ساكن وفي العاصمة 735 إصابة لكل 100 ألف ساكن.
وقارب معدل الإصابات على مدى الأسبوع الأخير على المستوى الوطني 7 آلاف إصابة يومياً، فيما بلغ معدل الوفيات 114. وتشكو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس «كورونا» من خرق واسع النطاق للبروتوكول الصحي في الشوارع والفضاءات المفتوحة والمغلقة ما تسبب برأيها في مزيد من تفشي الفيروس. وتأمل السلطات الصحية في كسر حلقات العدوى بالسلالات المتحورة لفيروس «كورونا» ولا سيما فيروس «دلتا» سريع الانتشار عبر تدابير الحجر الصحي الشامل قصير المدى وحظر التجوال الليلي، في وقت تشهد فيه المستشفيات العمومية ضغطاً شديداً في أقسام (كوفيد - 19) ونسبة إشغال قصوى لأسرة الإنعاش والأكسجين.
وقال رئيس لجنة الأطباء في مستشفى «شار نيكول» بالعاصمة نزار العذاري لوكالة الأنباء الألمانية: «قمنا بزيادة طاقة الاستيعاب غير أننا أصبحنا غير قادرين على مواكبة الزيادات الكبيرة في أعداد المرضى والدليل على ذلك الاكتظاظ الكبير في قسم الاستعجالي». وأضاف العذاري أن «الاكتفاء بسياسة العلاج وحدها مقابل تزايد أعداد المرضى لن يفضي إلى كسب المعركة ضد الوباء». وقالت متحدثة باسم وزارة الصحة، نصاف بن علية، إن قطاع الصحة العام في حالة «انهيار» قبل أن تصدر الوزارة الجمعة بياناً أعلنت فيه عن تماسك القطاع رغم الصعوبات الكبيرة.
من جانبها، بدأت بعض الدول العربية إرسال تجهيزات ومساعدات طبية لدعم جهود تونس في احتواء الكارثة الصحية بينما تعهدت دول أخرى بإرسال مساعدات عاجلة لمواجهة الوضع الكارثي وانهيار النظام الصحي في تونس مع تفشٍّ سريع جدا لفيروس «كورونا».
وتكافح تونس لمواجهة الجائحة مع امتلاء أقسام العناية الفائقة ونفاد كميات الأكسجين وتعرض الفرق الطبية لإرهاق كبير. وقال بيان للرئاسة إن الرئيس قيس سعيد تحادث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تعهد بإرسال لقاحات وكل ما تحتاج له من تجهيزات طبية لمساعدة البلاد على تجاوز محنتها. وأضافت الرئاسة في بيان منفصل أن رئيس ليبيا تعهد أيضاً بإرسال مساعدات طبية لتونس، فيما قال مسؤولون إن الكويت سترسل مساعدات عاجلة لتونس، وأرسلت مصر مساعدات طبية عاجلة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزير الصحة الجزائري قوله إن الجزائر أيضاً سترسل مساعدات مختلفة. وبعدما نجحت في احتواء الموجة الأولى العام الماضي، تواجه السلطات التونسية حالياً صعوبة في التصدي لزيادة الإصابات. وفرضت عزلاً عاماً في بعض المدن منذ الأسبوع الماضي، لكنها رفضت فرض العزل العام على مستوى تونس كلها بسبب الأزمة الاقتصادية. وقالت نصاف بن علية المتحدثة باسم وزارة الصحة لراديو موزايك: «نحن في وضعية كارثية... المنظومة الصحية انهارت... لا يمكن أن تجد سريراً إلا بصعوبة كبرى... نكافح لتوفير الأكسجين... الأطباء يعانون إرهاقاً غير مسبوق». وأضافت أن «المركب يغرق» داعية الجميع إلى توحيد الجهود.
وأحصت وزارة الصحة التونسية 189 حالة وفاة جديدة في آخر 24 ساعة في أعلى حصيلة يومية تشهدها تونس منذ ظهور الوباء على أراضيها. وتعدى إجمالي الوفيات 16 ألفاً منذ مارس (آذار) 2020، وبلغ عدد الإصابات الجديدة 8506 ليرتفع إجمالي الإصابات إلى أكثر من 481 ألف إصابة. ولم يحصل سوى 715 ألف شخص على جرعتين من اللقاح من بين عدد السكان البالغ 11.6 مليون نسمة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».