لاجئون في تركيا يقضون إجازة العيد شمال سوريا لأول مرة منذ سنوات

«الشرق الأوسط» ترصد أوضاعهم لدى عبورهم «باب الهوى» الحدودي

أسرة سورية تعبر «باب الهوى» الحدودي من تركيا إلى ريف إدلب (الشرق الأوسط)
أسرة سورية تعبر «باب الهوى» الحدودي من تركيا إلى ريف إدلب (الشرق الأوسط)
TT

لاجئون في تركيا يقضون إجازة العيد شمال سوريا لأول مرة منذ سنوات

أسرة سورية تعبر «باب الهوى» الحدودي من تركيا إلى ريف إدلب (الشرق الأوسط)
أسرة سورية تعبر «باب الهوى» الحدودي من تركيا إلى ريف إدلب (الشرق الأوسط)

توافد آلاف السوريين المقيمين في تركيا إلى محافظة إدلب شمال سوريا من معبر باب الهوى لقضاء إجازة عيد الأضحى هذا العام، ضمن مدة زمنية حددها الجانب التركي، بعد إغلاق المعابر الحدودية بين سوريا وتركيا أمام حركة المسافرين لسنوات.
وشهد معبر باب الهوى خلال اليومين الماضيين توافد آلاف السوريين وسط إجراءات أمنية مشددة من قِبل الجهات الأمنية المسؤولة في إدارة المعبر، ترافق معها إجراءات وإرشادات صحية من قبل الطواقم الطبية وفرق الدفاع المدني السوري للوافدين، ووسائل نقل مجانية
وقالت الحاجة زينب القدور (78 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»، إنها من مدينة جسر الشغور غرب إدلب و«أعيش في هذه اللحظات شعوراً يتخلله مزيج من الفرح والسعادة والحزن». وزادت، أن «السنوات الخمس التي قضيتها لاجئة في تركيا وعدم قدرتي على دخول الأراضي السورية، حرمتني كذلك وداع أختي الكبيرة التي توفيت، وأيضاً الكثير من الأقارب، كما أشعر بالفرحة والسعادة الكبيرة كون أن عدداً من أحفادي سوف أراهم بعد غياب خمس سنوات كونهم لم يتمكنوا من دخول الأراضي التركية بعد إغلاق الحدود من قبل حكومة الأخيرة وتشديد الحراسة على الشريط الحدودي».
جميل السرماني (40 عاماً)، وهو من مدينة خان شيخون جنوب إدلب حصل على إذن الموافقة بدخول الأراضي السورية وقضاء إجازة العيد هذا العام في سوريا، وقال «منذ 6 أعوام دخلت وأسرتي الأراضي التركية لاجئين من ويلات الحرب والقصف من قبل قوات النظام، ولم أتمكن منذ ذلك الحين العودة إلى سوريا ورؤية الأهل والأقارب، والسعادة التي أشعر بها الآن وأفراد أسرتي لا توصف، وفرصة جميلة ستجمعنا مع أهلنا وأقاربنا، وخصوصاً أن أطفالي لم يرو جدهم وجدتهم وأعمامهم الذين يعيشون في مخيم بالقرب من مدينة الدانا شمال إدلب».
ويضيف «أنا واحد من ملايين السوريين الذين عانوا لساعات وربما لأيام من أجل الحصول على الموافقة بدخول الأراضي السورية، أمام الطريقة الوحيدة التي وفّرتها الحكومة التركية وفقط من خلالها يتم تسجيل اسم السوري الراغب في دخول سوريا وبيانات شخصية وعدد أفراد الأسرة، وهي (موقع إلكتروني)، وبسبب الضغط على الموقع ومحاولة ملايين السوريين المقيمين في تركيا دخول الموقع والتسجيل، غالباً ما يتوقف الرابط ولا يتسنى للكثيرين التسجيل»، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن ينحرم آلاف السوريين من زيارة سوريا ولقاء أقاربهم بسبب الضغط على الموقع والمدة المحددة للتسجيل والحصول على الموافقة.
وقال مازن علوش، وهو مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى الحدودي «بعد عامين عن من انقطاع إجازات عيد الأضحى المبارك عن أهلنا السوريين المقيمين في تركيا بسبب إجراءات حكومية تركية معينة، وأيضاً إجراءات متعلقة بجائحة انتشار فيروس كورونا، بدأ عدد كبير من أهلنا السوريين المقيمين في تركيا في التوافد إلى معبر باب الهوى الحدودي، لقضاء إجازة عيد الأضحى في سوريا منذ 6 في الشهر الحالي يوليو (تموز)، وستستمر عملية دخولهم حتى 18 من الشهر الحالي، على أن تبدأ عودتهم بعد فترة انقضاء فترة عيد الأضحى في 26 من الشهر الحالي يوليو ولغاية آخر يوم من العام الحالي 2021».
ويضيف، من المتوقع أن يدخل قرابة 35 ألف شخص في فترة الإجارة من معبر باب الهوى فقط، وتم تقديم التسهيلات الممكنة كافة للأخوة المواطنين من لحظة دخولهم الباب التركي وحتى لحظة مغادرتهم باب الهوى، من خلال تخصيص 20 حافلة كبيرة لنقل المسافرين تعمل على مدار الساعة، بالإضافة إلى تجهيز خمس سيارات إسعاف وطواقمها الطبية، وتخصيص 700 موظف بين أمني وإداري في المعبر، يعملون على خدمة وتأمين وأمان المواطنين، وتأمين نقاط مياه شرب باردة.
وكانت إدارات معبرَي باب الهوى شمال إدلب وباب السلامة شمال حلب الحدودية مع تركيا أعلنت مطلع الشهر الحالي، في بيان لها، أنه تقرر بالاتفاق مع الجانب التركي السماح للسوريين المقيمين في تركيا زيارة سوريا وقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك لهذا العام وفق شروط وهي «بطاقة الحماية المؤقتة (كملك) محدّثة تبدأ بالرقم (99)، أو جواز سفر سوري، إضافة إلى ورقة الحجز التي تحتوي على (باركود)»، أما أصحاب الجنسية المزدوجة (السورية والتركية) فيجب عليهم حيازة جواز سفر سوري، في حين يحجز موعد العودة إلى تركيا في أثناء الدخول في مركز انطلاق المعبر، ونوهت إدارة المعبر إلى أن حاملي (كملك) المُبطل، لن يتمكنوا من العودة إلى تركيا. واشترط المعبر على الشباب دون 18 سنة، مرافقة الأب والأم، كما وتحتاج السيدات الحوامل إلى تقرير طبي من المراكز أو المستشفيات التركية، وفي أثناء الحجز عبر الموقع فإن الرضع الذين ليس لديهم «كملك» أو جواز سفر، يتم تسجيلهم مع الأم بوجود شهادة ولادة من المستشفى.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم