«آستانة 16» يتجاهل «معركة» المعابر الإنسانية... والانتخابات السورية

لافرينتييف دعا الغرب إلى رفع العقوبات و«الحديث مع دمشق»

اجتماع «آستانة 16» بمشاركة ممثلي روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية والمعارضة (سانا)
اجتماع «آستانة 16» بمشاركة ممثلي روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية والمعارضة (سانا)
TT

«آستانة 16» يتجاهل «معركة» المعابر الإنسانية... والانتخابات السورية

اجتماع «آستانة 16» بمشاركة ممثلي روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية والمعارضة (سانا)
اجتماع «آستانة 16» بمشاركة ممثلي روسيا وإيران وتركيا والحكومة السورية والمعارضة (سانا)

حملت مفاوضات الجولة الـ16 في إطار «مسار آستانة» التي اختتمت أعمالها أمس، نتائج متواضعة خلافا لتوقعات سابقة بأن تعمل موسكو على إطلاق تفاهمات حول أبرز العناصر الخلافية حاليا مع الغرب، وهو موضوع المعابر الحدودية والتفويض الأممي لإدخال مساعدات إنسانية إلى الأراضي السورية. وبدا من الشق العلني على الأقل، الذي حمله البيان الختامي للمناقشات التي انعقدت خلال اليومين الماضيين في العاصمة الكازاخية نور سلطان، أن الأطراف فشلت في التوصل إلى التفاهمات المطلوبة، إذ عكست صياغة البيان وبنوده تكرارا لبيانات الجولات السابقة، وبرز أن الحرص الأكبر فيها انصب على محاولة إرضاء أطراف ثلاثي ضامني وقف النار (روسيا وتركيا وإيران) بدلا من وضع آليات لتحرك مشترك كما أشارت في وقت سابق بعض التوقعات.
وكرر البيان في ديباجته عبارة «الالتزام بسيادة سوريا ووحدة أراضيها» التي تكررت في كل بيانات «مسار آستانة». وأكد على اتفاق البلدان الثلاثة على «مواصلة مكافحة الإرهاب والمخططات الانفصالية» وهي العبارة التي تصر عليها كل من إيران وتركيا عادة.
وبنفس الطريقة حملت البنود الـ16 التي تضمنها البيان إشارات إلى رغبة مشتركة في إعطاء مظهر موحد للمجموعة برغم بروز تباينات عميقة في الآونة الأخيرة بين موسكو من جانب وكل من طهران وأنقرة من جانب آخر.
ومع التأكيد على الالتزام الثابت بسيادة سوريا واستقلالها جاءت إشارة البيان إلى أن «ضامني آستانة مصممون على مواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، ومواجهة المخططات الانفصالية التي تستهدف تقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتشكل خطرا على الأمن القومي للدول المجاورة» لتعكس مطلبا تركيا مباشرا، في حين حملت الفقرة اللاحقة مطلبا إيرانيا، إذ شددت على «إدانة الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على سوريا والتي تخالف القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وسيادة سوريا ودول جوارها وتهدد استقرار وأمن المنطقة، والدعوة إلى وضع حد لها». علما بأن موسكو وتركيا في بياناتهما الرسمية لم تدينا الهجمات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا.
وعند الحديث عن إدلب شدد ضامنو آستانة على «ضرورة دعم التهدئة على الأرض من خلال تطبيق الاتفاقات المبرمة في منطقة خفض التصعيد في إدلب». وحمل البيان بشدة على نشاط «هيئة تحرير الشام» وكل المنظمات المرتبطة بـ«القاعدة» والمجموعات الإرهابية الأخرى المدرجة على لوائح مجلس الأمن.
ومع تجديد البيان التأكيد على قناعة المجموعة بـ«غياب أي حل عسكري للنزاع السوري، فقد تطرق إلى التأكيد على أهمية دور اللجنة الدستورية في جنيف»، مشددا على «ضرورة عقد اجتماع سادس للجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن، ودعم العملية من خلال التواصل الدائم مع الأطراف السورية المشاركة فيها ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، باعتباره شخصية مساعدة تعمل على ضمان فاعلية واستدامة عمل اللجنة».
وعند الحديث عن الوضع الإنساني، وملف إدخال المساعدات اكتفى البيان بإعراب الدول الضامنة عن قلق بخصوص الوضع الإنساني في سوريا وتأثير جائحة فيروس «كورونا»، ورفض كافة العقوبات أحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي.
وشددت الدول الضامنة على «ضرورة تفعيل المساعدات الإنسانية إلى السوريين في كافة مناطق البلاد دون أي تمييز وتسييس أو فرض شروط مسبقة». وفي هذه الفقرة غاب الموقف الجماعي للمجموعة حيال المناقشات الحاسمة في مجلس الأمن، ووجهة نظرها حول موضوع المعابر الحدودية.
كما أكدت الدول الضامنة على أهمية الإسهام في العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين إلى مناطقهم داخل سوريا وضمان حقهم في العودة والحصول على الدعم. ومع الترحيب بعملية تبادل الأسرى التي نفذت قبل أيام، رأى ضامنو آستانة أن هذه العملية «أظهرت استعداد الأطراف السورية لتعزيز إجراءات الثقة المتبادلة».
وأعربت الدول الضامنة في ختام الوثيقة عن ارتياحها لمشاركة وفود الأردن والعراق ولبنان في المفاوضات بصفتها دول مراقبة في «صيغة آستانة» وكذلك بالممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
واتفقت الأطراف على عقد الجولة الـ17 من المفاوضات بـ«صيغة آستانة» في مدينة نور سلطان بحلول نهاية العام الجاري، فضلا عن توجه لعقد لقاء جديد بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران بمجرد أن تسمح الظروف الوبائية بذلك.
وكان لافتا، أن الوثيقة الختامية كما تجاهلت ملف المعابر الحدودية، فقد تجاهلت أيضا، الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا، ولم تشر إليها بأي عبارة، برغم أن الوفد الحكومي السوري كان أعلن أن «أولويات مناقشات آستانة هي تكريس نتائج تلك الانتخابات التي أظهرت رغبة الشعب السوري».
وفي مؤتمر صحافي ختامي، شدد مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، على ضرورة وضع حد لاستخدام أساليب العقاب الجماعي بحق الشعب السوري.
وقال إن موسكو ترصد استقرار الوضع تدريجيا في سوريا، غير أن محاربة الإرهاب لا تزال من المسائل الأكثر أهمية ضمن الأجندة الخاصة بهذا البلد.
وأشار المبعوث إلى ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب في سوريا، بغض النظر عن دعوات بعض الدول الأوروبية إلى إعلان نظام لوقف إطلاق النار في عموم البلاد، محذرا من أن الخطر الإرهابي لم يتم استئصاله بالكامل بعد. وأوضح أن تطبيق تلك المبادرات الأوروبية، رغم أنها تمثل ما يجب السعي إليه في المستقبل، قد يقوض في حال تبنيها حاليا جهود قوات الحكومة السورية والمجتمع الدولي في مجال محاربة التنظيمات الإرهابية التي تحتفظ بقدرات ملموسة.
وشدد لافرينتييف على ضرورة «التركيز حاليا على المسائل المتعلقة بتقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري» لافتا إلى أن «الغرب لا يريد الحديث عن الحكومة السورية، لكن عليه أن يدرك أن ذلك يعود بالنفع على الشعب السوري. وبطبيعة الحال يجب وضع حد لاستخدام أساليب العقاب الجماعي بحق الشعب السوري والتي نعتبرها معيبة».
وأشار لافرينتييف إلى أن هذه المسائل مرتبطة ارتباطا وثيقا مع ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها، مضيفا «لذلك نأمل بشدة أن الوجود العسكري المحدود للولايات المتحدة وبعض الدول الغربية في شمال شرقي سوريا، والوجود العسكري التركي في شمال غربي سوريا يحمل طابعا مؤقتا وسيتم سحب هذه القوات بالكامل في المستقبل القريب، مع استقرار الوضع في البلاد».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.