بلديات لبنان تلجأ إلى الطاقة البديلة لتجنب أزمة مياه

TT

بلديات لبنان تلجأ إلى الطاقة البديلة لتجنب أزمة مياه

تتجه العديد من البلديات في لبنان إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، وذلك ليس بهدف تأمين التغذية شبه الغائبة عن المواطنين بسبب أزمتي كهرباء الدولة وشح المحروقات، إنما فقط لمنع حصول أزمة جديدة متمثلة بعدم القدرة على إيصال المياه إلى المنازل، فتوسعة هذا النوع من المشاريع تحتاج إلى إمكانات مادية غير متوفرة لدى البلديات، لا سيما بعدما فقدت الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها، كما تحتاج إلى تعديل القانون الذي يتيح لأشخاص أو جهات غير الدولة إنتاج الطاقة.
ترتكز البلديات في الاتجاه إلى الطاقة الشمسية على المبادرة الفردية بشكل كامل تماما كما فعلت بلدية العباسية (جنوب لبنان) التي موّل أحد المغتربين من سكانها مشروعاً سينتهي خلال 15 يوماً يضخ المياه إلى المنازل، كما يشرح رئيس البلدية علي موسى عز الدين، مشيراً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ البلدية فكّرت بالاستفادة من الطاقة الشمسية ضمن الإمكانات المتوفرة لديها، وأطلقت في هذا الإطار مشروعاً يهدف فقط إلى تشغيل محطات ضخ المياه في البلدة، بعدما كادت تتوقف بسبب انقطاع الكهرباء وعدم وجود مادة المازوت لتشغيل المولدات التي تؤمن تغذية بديلة.
ويقوم المشروع، حسب ما يشرح علي موسى، على تركيب ألواح شمسية على أرض مقدمة من البلدية، وتبلغ مساحتها 2200 متر مربع، وذلك بهدف إنتاج 260 كيلو فولت أمبير يشغل محطتي المياه الأساسيتين في القرية، اللتين تؤمنان تغذية المياه لـ80 في المائة من سكانها، وذلك بالتنسيق مع مصلحة مياه لبنان الجنوبي، وبإشراف مباشر من البلدية.
وكانت مصالح المياه في عدد من المناطق أعلنت أنّ هناك تقنيناً قاسياً في التغذية بالمياه يعود إلى التقنين الحاصل في الكهرباء وشح مادة المازوت.
وفي حين يلفت موسى إلى أنّ هذا المشروع سيوفّر مبلغ 15 مليون ليرة كانت تدفعها البلدية أسبوعياً ثمن المازوت وتشغيل المولدات لضخ المياه من دون أن تؤمن التغذية المطلوبة، يشير إلى أنّ الألواح المستعملة لا تحتاج إلى بطاريات (تعمل في النهار) وبالتالي حتى كلفة صيانتها محدودة وتؤمن التغذية للمضخات ما بين 8 و9 ساعات خلال النهار على امتداد السنة.
يضع مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون المبادرات التي تقوم بها البلديات لحل أزمة الكهرباء وشح المحروقات بإطار أفضل البدائل الممكنة حالياً، معتبرا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّه مع تضاؤل قدرات الدولة يجب أن يتسع دور البلديات.
ويرى بيضون أنّه في هذا الظرف الاستثنائي بات لبنان بحاجة إلى قوانين تسهل تنفيذ الحلول التي تقوم بها البلديات أولاً لجهة تعديل القانون الذي لا يجيز لأي جهة إنتاج أكثر من 1.5 ميغا (1500 كيلو واط أمبير)، وثانياً وضع دفتر شروط واضح للجهات التي تريد الاستفادة من القانون الذي يسمح بتعدي هذه السعة من إنتاج الكهرباء عبر ترخيص من وزيري الطاقة والمالية، مشيراً إلى أنّه عند وضع دفتر شروط تستطيع البلديات توسعة مشاريعها والتواصل مع بلديات أو جهات أوروبية تدعمها مادياً وتقدم لها تسهيلات معينة في هذا الخصوص.
ويشرح بيضون أنّه مع وجود التسهيلات يمكن لعدد من البلديات تقديم مشروع واحد مشترك يحلّ جزءاً كبيراً من أزمة الكهرباء ويخفف الأعباء على البلديات ويساعد في إيجاد مساحات كافية لتركيب الألواح.
ويشير بيضون إلى أنّ كلفة التجهيزات لإنتاج الطاقة البديلة قد تكون مرتفعة، ولكنها على المدى البعيد تكون أوفر من كلفة الفيول والمازوت، موضحاً أنّ كلفة تجهيزات منظومة شمسية لإنتاج كهرباء كافية لمنزل واحد هي بحدود 4 آلاف دولار مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ التغذية لن تكون 24 ساعة، ولكنّها ستكون أفضل من الحال حالياً حيث تغذية كهرباء الدولة تتراجع والمولدات لا تستطيع تغطية كل ساعات التقنين.
ويعاني لبنان من أزمة كهرباء حادة، إذ لا تتجاوز ساعات تغذية كهرباء الدولة ساعتين في اليوم في معظم المناطق، فيما يلجأ أصحاب المولدات (الشبكة البديلة) إلى التقنين أيضاً، بسبب عدم توافر المازوت وارتفاع سعره.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».