لا قرار للحريري حتى الساعة بالاعتذار لكنه بين خياراته

سعد الحريري (رويترز)
سعد الحريري (رويترز)
TT

لا قرار للحريري حتى الساعة بالاعتذار لكنه بين خياراته

سعد الحريري (رويترز)
سعد الحريري (رويترز)

قال مصدر سياسي مواكب للمشاورات التي بدأها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري فور عودته إلى بيروت والتي شملت للآن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام وتخللها اتصال بالرئيس نجيب ميقاتي لوجوده خارج البلاد، بأنه لا قرار لديه حالياً بالاعتذار عن تشكيلها وإن كان مدرجاً كأحد من الخيارات على جدول أعماله. وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن استقراء الخيار النهائي للحريري لا يمكن الرهان عليه إلا من خلال لقائه العلني الذي يفترض أن يعقده قريباً مع بري استكمالاً للقائهما الذي عُقد بعيداً عن الأضواء عصر أول من أمس.
ولفت إلى أن اللقاء المرتقب بين بري والحريري يأتي تتويجاً لمروحة من المشاورات والاتصالات يعقدها مع كتلته النيابية وقيادة تيار «المستقبل» وشخصيات سياسية مستقلة ليكون في وسعهما أن يبنيا معاً على الشيء مقتضاه رغم أن الرئيس المكلف يستعجل في اتخاذ قراره النهائي مع تدحرج البلد نحو السقوط وارتفاع منسوب الكوارث على المستويات كافة.
ورأى المصدر نفسه أنه لم يطرأ أي جديد على الاتصالات الخارجية ذات الصلة المباشرة بأزمة تشكيل الحكومة، وقال إن الخارج وإن كان لا يشجع الحريري على الاعتذار في حال اتخذ قراره النهائي في هذا الخصوص، فإن الأخير لن يكون شريكاً في انهيار البلد وهو جاء في مهمة إنقاذية يأخذ بعين الاعتبار التمسك بالمبادرة الفرنسية والتفاوض مع صندوق النقد للحصول على مساعدات لوقف الانهيار.
لكن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل وبدعم من رئيس الجمهورية ميشال عون سرعان ما بادر - كما يقول المصدر السياسي - إلى تحويل تشكيل الحكومة إلى معركة وجودية ومصيرية وصولاً إلى تطييفه لعملية تأليفها بذريعة أن الأولوية هي لاسترداد حقوق المسيحيين واستعادة الصلاحيات المصادرة لرئيس الجمهورية. واعتبر أن اعتذار الحريري عن تأليف الحكومة يبقى نافذة مفتوحة مبنية على قناعة تكاد تكون جامعة بين الرئيس المكلف ورئيس المجلس ورؤساء الحكومات السابقين وآخرين بأن عون وبطلب من باسيل لا يريد حكومة في الأساس لأنه يروق له أن يتصرف على أنه الحاكم بأمره ويرأس اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع ويتخذ القرارات بخلاف ما نص عليه قانون الدفاع الوطني.
وقال إن عون يعطي الأولوية لإنقاذ وريثه السياسي باسيل لتأمين استمرارية إرثه السياسي، وإلا لما قطع الطريق على المبادرة الإنقاذية التي طرحها بري الذي نجح في رفع عدد أعضاء الحكومة في حال تشكيلها من 18 إلى 24 وزيراً من جهة وفي إيجاد مخرج لتسوية الخلاف حول وزارتي الداخلية والعدل، وذهب بعيداً في التعامل مع رئيس المجلس على أنه منحاز إلى جانب الحريري.
ومع أن الجميع - بحسب المصدر نفسه - كان ينتظر من باسيل بتفويض من عون أن يجيب عن مشكلة تسمية الوزيرين المسيحيين لمنع باسيل من الحصول على الثلث الضامن أسوة بالآخرين وبمنح تكتله النيابي الحكومة الثقة، لكنهم فوجئوا بفتح النار على بري والحريري.
وبالنسبة إلى ما يتردد بأن الحريري سيتقدم بتشكيلة وزارية من 24 وزيراً من رئيس الجمهورية تسبق اعتذاره في حال امتنع عن إصدار مراسيمها، قال المصدر إنه لا يزال في طور دراسة هذه الفكرة التي كان اقترحها عليه رؤساء الحكومات السابقون مع أن مجرد رفضها لن يكون مدخلاً لتشكيل حكومة برئيس وزراء آخر. وأضاف أن عون سيرفض التشكيلة، وهذا ما يُرتب على الحريري الاعتذار الذي يعني أن مبادرة بري سُحبت من التداول لأن رئاسة الحكومة ليست حقلاً للتجارب لطموحات باسيل وشطحاته في ظل إحجام عون عن التعاطي في ملف الحكومة ويكتفي بإصدار البيانات كلما شعر بأن الحصار على صهره أخذ يشتد في محاولة لإنقاذه، وبالتالي يبقى السؤال: هل يريد عون حكومة أم لا؟ ويأتي الجواب عليه من باسيل برفض حكومة برئاسة الحريري.
وتوقف المصدر أمام قول الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بأن أمامنا ثلاثة أيام لمعرفة المسار الحكومي، وقال إن كلامه هذا ما هو إلا للاستهلاك المحلي، إلا إذا قرر أن يحسم خياره في انحيازه لمبادرة بري وألا يكون قد حسمه لحساب باسيل، وسأل ما إذا كان يعطي الأولوية للأخير بدلاً من أن يضغط لدفعه إلى إسقاط شروطه التي تعطل تشكيل الحكومة، ورأى أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة لاستقراء خيارات الحزب الذي هو أقرب حتى الساعة إلى محور عون - باسيل.
ولدى سؤال المصدر عن صحة ما يتردد بأن يُترك للحريري في حال اعتذاره وبالتنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين تسمية من سيخلفه بالتشاور مع بري، قال إن هذا الأمر لن يحسم رغم أن من يرفض الحريري لن يعطيه حق التسمية لأن خلفه سيصطدم بحائط مسدود كان اصطدم به السفير مصطفى أديب، وبالتالي لا يمكن أن تتحمل مسؤولية بتسمية شخص آخر لست مسؤولاً عنه، إضافة إلى أن مثل هذا الاقتراح هو محاولة لإعادة تعويم باسيل قبل عون، ليكون في وسعه شراء الوقت فيما الانفجار الشامل يطبق على البلد، وهذا لا يشجع «أهل البيت» الداعم للحريري على تبنّي اقتراح كهذا، علماً أنه لن يكون في وسع من سيخلفه أن يقدّم التسهيلات و«التنازلات» التي قدّمها وقوبلت بإصرار باسيل على الشروط التي تتيح له الإمساك بزمام المبادرة.



​انقلابيو اليمن يُلاحِقون عناصرهم الفارين من خطوط التماس

جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
TT

​انقلابيو اليمن يُلاحِقون عناصرهم الفارين من خطوط التماس

جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية حوثية ذات صبغة طائفية نُظمت في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

شنت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ملاحقة استهدفت عناصرها ومشرفيها الميدانيين في ثلاث محافظات على خلفية فرار أعداد من خطوط التماس، وإخفاق آخرين في تحشيد مجندين جُدد؛ وفق ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن حملات الاعتقال التي نفذتها وحدات تابعة لجهازي «الأمن الوقائي»، و«الأمن والمخابرات» التابعين للجماعة الحوثية اختطفت خلال 3 أيام نحو 48 عنصراً حوثياً من قرى عدة في محافظات حجة وذمار وريف صنعاء، بعد أن قرروا ترك القتال مع الجماعة والعودة إلى مناطقهم؛ جرّاء ما لاقوه من التمييز العنصري عند خطوط التماس.

اتهامات للحوثيين بتكثيف حملات التجنيد في أوساط السكان (رويترز)

واعتقل الانقلابيون الحوثيون عناصرهم الذين فروا من الجبهات، وفق المصادر، بعد أن تم الإبلاغ عنهم عبر مخبرين تابعين للجماعة فور عودتهم إلى قراهم في مديريتي أفلح الشام والمحابشة في محافظة حجة، ومديريات عتمة ووصاب العالي ومغرب عنس بمحافظة ذمار، ومديريتي همدان وسنحان في ريف صنعاء.

وكان سبق ذلك التحرك، وفق المصادر، قيام كبار قادة الجماعة الأمنيين في صنعاء بتشكيل وحدات خاصة لملاحقة وتعقب واعتقال الفارين من الجبهات، بناء على توجيهات تلقوها من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

وأكدت المصادر أن قادة الجماعة أصدروا تعليمات جديدة لأتباعهم في صنعاء وبقية المناطق تحت قبضتهم، تحض على مساعدة الفرق الأمنية التابعة لهم من خلال التحرك العاجل في أوساط السكان لمعرفة العناصر التي فرت والإبلاغ عنها للقبض عليها.

نقل المعتقلين

أفاد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بنقل الوحدات الاستخبارية الحوثية عشرات المعتقلين إلى العاصمة المختطفة، حيث يجري التحقيق حالياً مع كثير منهم حول دوافع عزوفهم عن الالتحاق بالجبهات، وكذا الأسباب الأخرى التي دفعتهم إلى ترك القتال والعودة إلى قراهم.

وتحدث أحمد، وهو شقيق عنصر حوثي فرّ من إحدى الجبهات لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرض قريتهم شرق مدينة ذمار، قبل أيام، لدهم مسلحين مقنعين على متن عربات عسكرية لاعتقال شقيقه الذي عاد مؤخراً من إحدى جبهات الضالع، وهو يعاني من مشاكل صحية ونفسية كبيرة.

الحوثيون يتجاهلون معاناة اليمنيين ويخصصون الأموال للتعبئة والتجنيد (رويترز)

ونقل أحمد عن شقيقه، قوله إنه وبقية عناصر الجماعة بتلك الجبهة كانوا يعانون الأمرّين، حيث لم يكونوا يحصلون سوى على وجبة واحدة في اليوم تتمثل بالخبز والزبادي، بينما الوجبات الأكثر قيمة مع المكافآت الشهرية وغيرها تذهب جميعها إلى كبار القادة والمشرفين.

وجاءت هذه الحملة الحوثية متوازية مع حملات أخرى مماثلة نفذتها فرق القمع الحوثية بحق مسؤولي أحياء ومشرفين لمحاسبتهم على عدم قيامهم بتحشيد مقاتلين جدد.

وتشير المصادر إلى أن الفرق الوقائية الحوثية لا تزال تطارد من تصفهم بالمتخلفين عن تنفيذ تعليمات كبار قادتها؛ بغية اعتقالهم وإخضاعهم لعقوبات مشددة.

ويتزامن هذا التصاعد المستمر في أعداد الفارين من الجبهات الحوثية، مع حملة تجنيد مكثفة تنفذها الجماعة الحوثية حالياً في أوساط السكان بمختلف الأماكن التي تحت سيطرتها.