بعد متحف الموصل والنمرود.. جرافات ومتفجرات «داعش» تدمر موقع الحضر

الحكومة العراقية تستنكر «الصمت الدولي» حيال تدمير الإرث الحضاري

تمثال امرأة يعتقد أنها زوجة ملك يتوسط قصرا في موقع الحضر الأثري جنوب الموصل (أ.ب)
تمثال امرأة يعتقد أنها زوجة ملك يتوسط قصرا في موقع الحضر الأثري جنوب الموصل (أ.ب)
TT

بعد متحف الموصل والنمرود.. جرافات ومتفجرات «داعش» تدمر موقع الحضر

تمثال امرأة يعتقد أنها زوجة ملك يتوسط قصرا في موقع الحضر الأثري جنوب الموصل (أ.ب)
تمثال امرأة يعتقد أنها زوجة ملك يتوسط قصرا في موقع الحضر الأثري جنوب الموصل (أ.ب)

بعد أسبوع من تحطيم متحف الموصل، ويومين من تدمير آثار النمرود، أقدم تنظيم داعش أمس على تجريف مدينة الحضر الأثرية الواقعة جنوب مدينة الموصل. وطبقا لمصادر محلية في نينوى وشهود عيان فإن تنظيم داعش جرف وفجر مدينة الحضر الأثرية، أهم معقل للقبائل العربية، في القرن الثاني للميلاد.
وقالت المصادر إن «عناصر (داعش) استخدموا الجرافات صباح أمس لتدمير مدينة الحضر الأثرية»، التي تقع على بعد 110 كيلومترات إلى الجنوب من مركز محافظة نينوي، مضيفا أن «التنظيم سرق العملات القديمة الذهبية والفضية، التي كانت تستخدم من قبل الملوك الآشوريين القدامى، والتي كانت محفوظة في مدينة الحضر».
وقال مسؤول في وزارة السياحة والآثار العراقية إن الوزارة تلقت تقارير من موظفيها في مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرة التنظيم المتشدد تفيد بأن الموقع الأثري في الحضر دمر أمس. ونقلت عنه وكالة «رويترز» قوله إن من الصعب تأكيد التقارير، وإن الوزارة لم تتلق أي صور توضح حجم الدمار الذي لحق بمدينة الحضر التي أدرج اسمها ضمن مواقع التراث العالمي عام 1987. لكن أحد سكان المنطقة قال إنه سمع دوي انفجار هائل في وقت مبكر صباح أمس، وإن آخرين في مناطق قريبة ذكروا أن مقاتلي «داعش» دمروا بعض أكبر المباني في الحضر، وأنهم يدمرون مناطق أخرى بالجرافات.
بدوره، قال سعيد مموزيني، المتحدث باسم فرع الحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، إن المتشددين استخدموا متفجرات لنسف المباني في الحضر، وإنهم يدمرونها أيضا بالجرافات.
وانتقدت وزارة السياحة والآثار العراقية الصمت الدولي حيال ما يجري للإرث الحضاري العراقي. وقالت الوزارة في بيان لها أمس إنه «رغم صيحات كل الشرفاء وتحذيراتهم للعالم أجمع بأن جرائم (داعش) الإرهابية ستستمر وتطال مواقع أثرية أخرى في بلادنا، فإن التجاوب لم يكن بالمستوى المطلوب»، مبينة أن «تباطؤ دعم المجتمع الدولي للعراق أسهم في تشجيع الإرهابيين على اقتراف جريمة أخرى بسرقة وتدمير آثار مدينة الحضر التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد».
وأضاف البيان أن «هذا العمل الجبان قد مسّ هذه المرة إرثا مسجلا على لائحة التراث العالمي منذ عام 1987، وينبغي أن ينبري العالم ومنظماته الدولية لمجابهة هذا الاعتداء الصارخ على الموروث الإنساني».
وأكدت الوزارة أنها «بانتظار عقد جلسة مجلس الأمن الطارئة ومعها وقفة جدية من دول التحالف الدولي للتعاون مع العراق الذي يقاتل وحده الآن على الأرض من أجل إيقاف جرائم (داعش) الإرهابية»، محذرة من أنه «بخلاف ذلك فإن تلك العصابات ستستمر في انتهاكاتها ناسفة إنجازات حضارية بذل فيها الإنسان قرونا من المعرفة والإبداع».
بدوره، أكد مستشار وزارة الثقافة حامد الراوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يجري هو انكسار حقيقي للروح العراقية التي تمر بظرف خاص لعدم قدرتنا على حماية تراثنا وتاريخنا الذي بات يدمر أمام أعيننا في ظل صمت مريب من قبل الجميع لا سيما المجتمع الدولي».
وأضاف الراوي أن «وزارة الثقافة وكل الجهات المعنية في هذه القضية تناشد المجتمع الدولي الانتباه إلى هذه المأساة التي لا مثيل لها، لأن ما يقوم به (داعش) اليوم في العراق قد يتكرر في كل دولة يدخلها هذا التنظيم الهمجي ما لم يكن هناك تحالف حقيقي ضده».
في السياق نفسه، أكدت عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى نورة سالم محمد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا التنظيم الإرهابي كشف الآن عن وجهه الحقيقي عندما بدأ يستهدف تاريخ العراق وإرثه الحضاري الذي هو ملك البشرية جمعاء، وهو ما يبين حقيقة الأجندة والدوافع لهذا التنظيم الذي وبكل أسف هناك من خُدع به من أهالي الموصل على الرغم من كل ما نبهنا إليه من أن هذا التنظيم يستهدف الإنسان والتاريخ والحضارة». وحملت النائبة «الجهات التي تعاونت مع هذا التنظيم الذي يريد القضاء على تاريخ نينوى الحافل المسؤولية الكاملة»، قبل أن تحملها أيضا لـ«المجتمع الدولي لا سيما الأميركيين الذين يبدو موقفهم الأكثر غرابة على هذا الصعيد». وأشارت إلى أن «هذه الأماكن مثل النمرود والحضر معروفة للجميع، وما دام (داعش) بدأ يدمر الآثار والمواقع والأضرحة والمساجد فإنه كان يجب توفير حماية إضافية لها، وهو ما لم يحصل، يضاف إلى ذلك أن طيران التحالف الدولي غائب تماما بالقياس إلى حجم الدمار الذي بات يطال تاريخنا وحضارتنا التي تمتد إلى خمسة آلاف سنة».
وأوضحت أن «عمليات التدمير والتجريف جزء منها غير حقيقي بل الهدف منه سرقة الآثار والمواقع وبيعها في إطار اتفاقات مشبوهة».
على صعيد آخر ذي صلة، قال هاوكار جاف، عضو مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط» إن «طائرات التحالف الدولي قتلت الليلة قبل الماضية فهد إبراهيم صوفي، نجل والي الموصل في تنظيم داعش، الذي كان يقود كتيبة (العسرة) في التنظيم، أثناء وجوده برفقة 15 مسلحا آخر في منطقة السلامية القريبة من قرية حميرة التابعة لمحافظة نينوى»، مشيرا إلى أن طائرات التحالف الدولي قتلت أيضا 30 مسلحا آخر من «داعش» ودمرت كافة مواقعهم التي كانت تقع أمام محاور البيشمركة في مخمور (شرق الموصل).
وأضاف جاف: «فخخ (داعش) كافة طرق الموصل والأزقة والمباني وأعمدة الكهرباء فيها، وهو يستعد لحرب شوارع لكن التنظيم الآن منهار وبدأ ببناء 3 خطوط دفاعية حول مدينة الموصل عبارة عن حواجز كونكريتية وخنادق».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.