تحديد صفات اللقاح القادر على مجابهة المتحورات

فريق أميركي ينقل خبراته في مكافحة الإيدز إلى مواجهة «كورونا»

TT

تحديد صفات اللقاح القادر على مجابهة المتحورات

استفاد فريق بحثي أميركي من خبراته في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، المسبب لمرض الإيدز، لتحديد مسار للقاح محتمل لفيروس «كورونا» المستجد، يتضمن 53 هدفاً، بما يجعل اللقاح قادراً على التعامل مع متغيرات (كوفيد - 19) الحالية والمستقبلية.
وفيروس نقص المناعة البشرية، أحد أسرع الفيروسات تحورا؛ لكن قدرة الفيروس على التحور ليست فريدة بين فيروسات الحمض النووي الريبي، فمعظم الفيروسات تطور طفرات أو تغيرات في شفرتها الجينية بمرور الوقت، وإذا كان الفيروس مسبباً للمرض، فإن الطفرة الصحيحة يمكن أن تسمح للفيروس بالهروب من الاستجابة المناعية عن طريق تغيير القطع الفيروسية التي يستخدمها الجهاز المناعي للتعرف على الفيروس باعتباره تهديدا، والتي يسميها العلماء إيبيتوبس «حواتم».
ولمكافحة معدل طفرات فيروس نقص المناعة البشرية المرتفع، طور غوراف جايها، وإليزابيث روسين، من مستشفى ماساتشوستس العام بأميركا، نهجاً يعرف باسم «تحليل الشبكة القائم على الهيكل»، وباستخدام هذا النهج يمكنهم التعرف على القطع الفيروسية التي لا تحدث فيها طفرات، والتي تعرف باسم «الحلقات المقيدة طفرياً».
ومن النادر حدوث تغييرات في هذه القطع الفيروسية، لأنها يمكن أن تتسبب في فقد الفيروس قدرته على العدوى والتكاثر، مما يجعله في الأساس غير قادر على التكاثر. وعندما بدأ الوباء، أدرك الباحث جايها، على الفور أن هناك فرصة لتطبيق مبادئ تحليل الشبكة القائمة على هيكل الفيروس، والذي تم تطبيقه مع فيروس نقص المناعة البشرية على فيروس «كورونا». واستنتج هو وفريقه البحثي، أن «الفيروس من المحتمل أن يتحور، ربما بطرق تسمح له بالهروب من المناعة الطبيعية والمناعة التي يسببها اللقاح».
وباستخدام هذا النهج، حدد الفريق البحثي عدد 311 من الإيبيتوبس «حواتم» التي لا تحدث فيها طفرات، وتم تقليص العدد إلى 53، وهي التي يمكن التعرف عليها بواسطة الخلايا المناعية المعروفة باسم «الخلايا التائية»، ويمكن بعد ذلك استخدام هذه الحواتم في لقاح لتدريب الخلايا التائية، وتوفير مناعة وقائية، ونُشر هذا العمل مؤخراً في دورية «سيل»، ويسلط الضوء على إمكانية وجود لقاح الخلايا التائية الذي يمكن أن يوفر حماية واسعة ضد المتغيرات الجديدة والناشئة من فيروس «كورونا»، وفيروسات «كورونا» الأخرى.
ومنذ المراحل الأولى لوباء (كوفيد - 19)، أدرك الفريق البحثي أنه «من الضروري الاستعداد ضد الطفرات المستقبلية المحتملة». ونشرت مختبرات أخرى بالفعل هياكل لما يقرب من 40 في المائة من بروتينات فيروس «كورونا». وأشارت الدراسات إلى أن «المرضى الذين لديهم استجابة قوية للخلايا التائية، وتحديداً استجابة خلايا CD8 + T كانوا أكثر عرضة للبقاء على قيد الحياة عند الإصابة بالعدوى».
وعرف فريق جايها أن هذه الأفكار يمكن دمجها مع نهجهم الفريد، وهو منصة تحليل الشبكة لتحديد القطع الفيروسية التي لا تحدث فيها طفرات والتي يمكن استهدافها بنجاح بواسطة الخلايا التائية (CD8 +T) في الأفراد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وبتطبيق هذه الآلية على فيروس «كورونا» حددوا 311 من الإيبيتوبس «حواتم» التي لا تحدث فيها طفرات، والتي يمكن التعرف عليها بواسطة الخلايا التائية.
وتقول أنوشا ناثان، طالبة الطب في برنامج هارفارد للعلوم الصحية والتكنولوجيا، المؤلف المشارك بالدراسة في تقرير نشره موقع مستشفى ماساتشوستس العام في 2 يوليو (تموز) الجاري: «هذه الحواتم شديدة الارتباط بالعديد من الأجزاء الفيروسية الأخرى، والتي من المحتمل أن توفر شكلاً من أشكال الاستقرار للفيروس، لذلك، من غير المرجح أن يتحمل الفيروس أي تغييرات هيكلية في هذه المناطق شديدة الترابط ، مما يجعلها مقاومة للطفرات». وتوضح ناثان أنه «يمكنك التفكير في بنية الفيروس مثل تصميم المنزل، حيث يعتمد استقرار المنزل على بعض العناصر الحيوية، مثل عوارض الدعم والأساس، التي تتصل وتدعم بقية هيكل المنزل، لذلك ليس من الممكن تغيير شكل أو حجم العناصر مثل الأبواب والنوافذ دون تعريض المنزل نفسه للخطر».
ودرس الفريق 311 حاتمة من المحتمل أن يتعرف عليها الغالبية العظمى لأجهزة المناعة البشرية، وانتهى بهم الأمر بـ 53 حاتمة، كل منها يمثل هدفا محتملا للقاح الخلايا التائية الواقي على نطاق واسع. ونظراً لأن المرضى الذين تعافوا من عدوى (كوفيد - 19) لديهم استجابة للخلايا التائية، فقد تمكن الفريق من التحقق من عملهم من خلال معرفة ما إذا كانت حواتمهم هي نفسها التي أثارت استجابة الخلايا التائية لدى المرضى الذين تعافوا من المرض أم لا.
ووجد الفريق البحثي أن «نصف المرضى المتعافين الذين خضعوا للدراسة لديهم استجابات من الخلايا التائية للحواتم التي حددها فريق البحث»، وهذا يؤكد أن الحواتم التي تم تحديدها كانت قادرة على إحداث رد فعل مناعي، مما يجعلها مرشحة للاستخدام في لقاح واعد. وتقول ناثان: «لقاح الخلايا الذي يستهدف بشكل فعال هذه الحواتم المترابطة بشكل كبير من المحتمل أن يكون قادراً على توفير حماية طويلة الأمد ضد المتغيرات المتعددة للفيروس، بما في ذلك المتغيرات المستقبلية».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».