اتفاق الضريبة على الشركات متعددة الجنسيات... بين خطوات التنفيذ والإقناع

9 دول لم توقعه بينها دولتان من أفريقيا

عمالقة الإنترنت لدفع حد أدنى من الضرائب (أ.ف.ب)
عمالقة الإنترنت لدفع حد أدنى من الضرائب (أ.ف.ب)
TT

اتفاق الضريبة على الشركات متعددة الجنسيات... بين خطوات التنفيذ والإقناع

عمالقة الإنترنت لدفع حد أدنى من الضرائب (أ.ف.ب)
عمالقة الإنترنت لدفع حد أدنى من الضرائب (أ.ف.ب)

توصلت 130 دولة إلى اتفاق تاريخي، الخميس، يفرض على الشركات متعددة الجنسيات الكبرى دفع حصتها العادلة من الضرائب، إلا أن الاتفاق لن ينجز قبل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مع استمرار الحاجة إلى بذل جهود إضافية لإقناع الدول المترددة والمتحفظة عليه.
من أجل إقناع الدول المتطورة التي اضمحلت عائداتها الضريبية، فضلاً عن الدول الناشئة المشككة والدول التي استفادت من معدلات ضريبية منخفضة جداً، كان لا بد من حلول وسط.
وفيما ينص الاتفاق على ضريبة فعلية لا تقل عن 15 في المائة، أي أن المبلغ في الواقع يتم تحصيله ودفعه، ستبقى بعض الثغرات التي تسمح بخفضها.
وستتمكن الدول مع ذلك من تقديم حوافز لتشجيع الشركات على إنشاء مصانع إنتاج. وستتمكن الدول الناشئة من الاستفادة من إعفاءات منصوص عليها في معاهدات ثنائية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
والبند الضريبي المتعلق بإعادة توزيع العائدات على بلدان تزاول الشركات على أراضيها معظم أنشطتها، ستطبق فقط على نحو أكبر، مائة شركة متعددة الجنسيات. ولإرضاء دول ناشئة، تم الاتفاق على رفع عدد الشركات المشمولة بالبند بعد سبع سنوات.
ويعني ذلك أن دولاً ناشئة ستتوقع الحصول على مزيد من العائدات الضريبية، ما ساعد في إقناع الهند وتركيا والأرجنتين بالانضمام.
لكن تلك الترتيبات تعد غير كافية من جانب منظمة «أوكسفام» غير الحكومية لمحاربة الفقر، إذ اعتبرت أن الاتفاق منحاز لصالح الدول الغنية.
غير أن أحد المفاوضين الرئيسيين في الاتفاق، وهو مسؤول سياسات الضرائب في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية باسكال سانت أمان، قال إن «الاتفاق جيد جداً للدول الناشئة، ويعود بفوائد مهمة عليها».
والخطوة التالية ستكون اجتماع مجموعة الدول العشرين في 9 و10 يوليو (تموز) الجاري.
وفيما يخفف الاتفاق الذي أسهمت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في التوصل إليه بعض الترقب، إذ إن جميع دول مجموعة العشرين وقعته، فإن الاجتماع يمكن أن يسهم في الحفاظ على الزخم السياسي.
وفيما حدد المشاركون في المفاوضات مهلة حتى أكتوبر «لاستكمال الجوانب التقنية» وتحضير «خطة تطبيق تصبح نافذة في 2023»، فإنهم يريدون أيضاً إقناع مشككين بالانضمام إليه.
ويمثل الكونغرس الأميركي عقبة محتملة أخرى، إذ يعارض الجمهوريون الاتفاق ويمكن أن يُفشلوه في مجلس الشيوخ.
شاركت 139 دولة في المفاوضات، لكن تسعاً لم توقعه؛ هي: آيرلندا والمجر وإستونيا وبيرو ونيجيريا وكينيا وسريلانكا وباربادوس وسان فنسنت وغرينادين. وباستثناء بيرو التي امتنعت عن التوقيع بسبب أزمة سياسية داخلية، فإن الدول الأخرى تستخدم معدلات الفائدة المنخفضة لجذب الشركات متعددة الجنسيات.
وتعتقد نيجيريا وكينيا أن الضمانات المقدمة للدول الناشئة غير كافية، وفق مصدر قريب من المحادثات.
وقالت آيرلندا إنها تؤيد إجراءات إعادة توزيع الضرائب التي تدفعها شركات متعددة الجنسيات، على الدول التي تضم مقار تلك الشركات، لكنها تعارض الحد الأدنى للضريبة البالغ 15 في المائة. وقالت المجر إن معدل ضريبة من 15 في المائة عالٍ جداً، ويمكن أن يضر بالنشاط الاقتصادي.
أما فرنسا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني)، فإنها تأمل في إقناع الدولتين، إضافة إلى إستونيا، بالانضمام للاتفاق، ما يسمح للكتلة بتبني قانون بشأن ضريبة بحد أدنى.
وإذا كان اتفاق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية يتضمن تفاصيل أكثر مما كان يؤمل، فهناك كثير من المسائل التي ينبغي العمل عليها. وإحدى أكثر تلك المسائل الشائكة قد تكون معدل الضرائب بالتحديد. فنص الاتفاق يقول إنها «لا تقل عن 15 في المائة»، لكن العديد من الدول لا تريد نسبة أعلى.
واحتساب مبالغ الضرائب التي يمكن إعادة توزيعها بحاجة إلى تفصيل، وكذلك بعض النقاط المتعلقة بالإعفاءات من معدلات ضريبة دنيا.
وأعرب وزير المالية الألماني أولاف شولتس، يوم الجمعة، في ختام زيارته لواشنطن، عن ثقته بأن الاتحاد الأوروبي سيتوصل إلى اتفاق بشأن معدل الحد الأدنى للضرائب.
وقال شولتس بعد اجتماع مع وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إنه «أمر مهم للغاية أن نتوصل الآن إلى تفاهم عالمي».
ووصف شولتس هذا الاتفاق بأنه «تقدم هائل» نحو التعامل مع ممارسات التهرب من الضرائب.
وقال شولتس: «نريد أن نصل في مطلع عام 2023 إلى أن تكون هذه هي القواعد الجديدة لضرائب الشركات». وأضاف أن الإصلاح يهدف إلى وضع نهاية لانتهاك قواعد الضرائب.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

مسؤول في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي»: 4 سنوات لربط الكويت بالسعودية سككياً

محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط)
محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

مسؤول في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي»: 4 سنوات لربط الكويت بالسعودية سككياً

محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط)
محمد يعقوب متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض (الشرق الأوسط)

قال مساعد المدير العام لشؤون تطوير الأعمال في «هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر» بالكويت محمد يعقوب لـ«الشرق الأوسط»، إن بلاده تعمل على تعزيز الاستثمارات في قطاعات جديدة مثل إدارة المرافق الحكومية، والمستشفيات، والمواني، بما في ذلك ميناء مبارك، بالإضافة إلى مشاريع مشتركة مع السعودية، منها تطوير مشروع القطار بين البلدين، متوقعاً أن تكون بداية الربط من منطقة الشدادية وصولاً إلى الرياض خلال 4 سنوات.

وأضاف يعقوب خلال المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار في الرياض، أن السعودية والكويت تعملان على ربط سككي تبلغ مسافته 650 كيلومتراً، ويمكن أن يسهم في قطع المسافة خلال أقل من 3 ساعات، موضحاً أن هذا المشروع منفصل عن الربط السككي بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وبيّن أن بلاده تعمل على زيادة التسهيلات بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية في مجموعة واسعة من القطاعات الحيوية لديها، مثل: النفط والغاز، والصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، وأن من بين أضخم الشركات التي تم استقطابها مؤخراً هي «غوغل كلاود».

وذكر أنه منذ يناير (كانون الثاني) 2015، استقطبت الكويت استثمارات أجنبية تقدر قيمتها التراكمية بنحو 1.7 مليار دينار؛ ما يعادل 5.8 مليار دولار. وخلال السنة المالية 2023 - 2024، جذبت استثمارات بحدود 206.9 مليون دينار (672 مليون دولار)، وفق التقرير الإحصائي لـ«هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر» الكويتية.

وأكد يعقوب أن الهيئة تعمل على توفير بيئة استثمارية تتمتع بالمرونة اللازمة والتسهيلات لجذب المزيد من الشركات الأجنبية، مشيراً إلى نجاح السعودية في هذا المجال، وأن الكويت تبذل جهوداً كبيرة لتقديم التسهيلات والحوافز المماثلة للمستثمرين الأجانب. وتوقّع يعقوب زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية في الكويت خلال الفترات القادمة؛ ما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مؤكداً أن السوق الكويتية والسعودية تتكاملان لدفع عجلة النمو في المنطقة.