مصر تدشن أكبر متحف مفتوح على هامش ختام سمبوزيوم أسوان الدولي للنحت

محافظ أسوان لـ {الشرق الأوسط} : سنضعه على خريطة السياحة العالمية الثقافية قريبا

وزير الثقافة المصرية خلال تفقده للمتحف المفتوح في حفل ختام مهرجان السمبوزيوم
وزير الثقافة المصرية خلال تفقده للمتحف المفتوح في حفل ختام مهرجان السمبوزيوم
TT

مصر تدشن أكبر متحف مفتوح على هامش ختام سمبوزيوم أسوان الدولي للنحت

وزير الثقافة المصرية خلال تفقده للمتحف المفتوح في حفل ختام مهرجان السمبوزيوم
وزير الثقافة المصرية خلال تفقده للمتحف المفتوح في حفل ختام مهرجان السمبوزيوم

اختتم في مصر فعاليات الدورة الـ«20» لسمبوزيوم أسوان الدولي للنحت، الليلة قبل الماضية، في أقصى جنوب البلاد، بافتتاح المتحف المفتوح الذي يعد أكبر متحف مفتوح ويقع على مساحة 33 فدانا فوق هضبة تطل على بحيرة نيلية في المسافة بين خزان أسوان والسد العالي. وأكد مصطفي يسري، محافظ أسوان لـ«الشرق الأوسط»، أن «المتحف المفتوح سيتم ضمه قريبا لخريطة السياحة الثقافية العالمية لجميع الأفواج السياسية القادمة لمصر».
وقال وزير الثقافة المصري، محمد عبد الواحد، الذي حضر حفل الختام، مساء أول من أمس (الجمعة)، الذي أقيم بالمتحف المفتوح، مع عدد كبير من فناني النحت المشاركين في أعمال السمبوزيوم، إن «فن النحت هو السبب الرئيسي في حفظ التاريخ المصري، والوسيلة الهامة التي حافظ بها المصري القديم على تراثه وثقافته وحضارته»، معربًا عن سعادته بفكرة المتحف المفتوح بالشلال، الذي يقع في بقعة ساحرة تطل على نهر النيل، ليؤكد أن المصريين هم أول من جسدوا تاريخهم وحضارتهم على الحجر.
والسمبوزيوم حدث سنوي على أرض مصر يعيد الاعتبار إلى فن النحت القديم الذي تميز به قدماء المصريين، وافتتحت الدورة الـ20 في 15 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأهديت دورة هذا العام إلى النحات المصري العالمي آدم حنين تقديرا لجهوده الكبيرة في الدورات السابقة، حيث يعمل منسقا عاما للسمبوزيوم.
وقال محافظ أسوان اللواء مصطفى يسري، إن «السمبوزيوم خلال 19 عاما استضاف 138 نحاتا من 44 دولة (من أهم النحاتين في العالم)، وقدموا مئات الأعمال الفنية، ومنها نحو مائتي عمل معروضة حاليا في المتحف المفتوح بأسوان». وأضاف محافظ أسوان في اتصال، أمس، مع «الشرق الأوسط»، أن «المتحف سيكون جاهزا ليوضع على خريطة السياحة الثقافية العالمية، بضمه لأجندة الزيارات السياحية، وذلك من خلال التنسيق مع منظمي البرامج السياحية».
من جانبه، أكد السكرتير العام لمحافظة أسوان، محمد مصطفي، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل ختام المهرجان، أن «ختام فعاليات السمبوزيوم شهد افتتاح المتحف المفتوح، الذي يقع في منطقة ساحرة على مساحة 33 فدانا تتعانق فيها عبقرية المكان مع عبقرية الإنسان»، لافتا إلى حرص المحافظة على احتضان الأعمال الفنية للسمبوزيوم في منظومة التطوير والتجميل داخل الميادين وبالشوارع الرئيسية، لتشكل معا بانوراما فنية تليق بمكانة أسوان.
وتوضع عشرات التماثيل من أعمال المشاركين في الدورات السابقة في حدائق وميادين بعض المدن المصرية، أما بقية التماثيل فتوجد في المتحف المفتوح. ومدينة أسوان التي يقام بها السمبوزيوم سنويا تقع على بعد نحو 900 كيلومتر جنوب القاهرة وتعرف بوفرة حجر الغرانيت الذي استخدمه المصريون في نحت المسلات والتماثيل في مصر القديمة.
يذكر أن متحف السمبوزيوم يضم قاعة عرض الأعمال الفنية، فضلا عن المكاتب الإدارية وأعمال البنية الأساسية، حيث وضع التصميم المعماري الفنان أكرم المجدوب، الذي يعد تجربة عظيمة لصياغة الطبيعة للعمل على التحاور بين الأعمال النحتية التي يحتضنها فضاء هذا المتحف النادر وبين مكونات الطبيعة المحيطة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».