صندوق النقد الدولي يتوقع أسرع نمو أميركي «خلال جيل»

تسارع زيادة الوظائف يدعم الزخم الاقتصادي

تسارع نمو الوظائف الأميركية في يونيو بأكثر من التوقعات (أ.ب)
تسارع نمو الوظائف الأميركية في يونيو بأكثر من التوقعات (أ.ب)
TT

صندوق النقد الدولي يتوقع أسرع نمو أميركي «خلال جيل»

تسارع نمو الوظائف الأميركية في يونيو بأكثر من التوقعات (أ.ب)
تسارع نمو الوظائف الأميركية في يونيو بأكثر من التوقعات (أ.ب)

بينما أكد صندوق النقد الدولي إن النمو في الولايات المتحدة سيسجل أسرع وتيرة منذ 25 عاماً خلال السنة الحالية، تسارع نمو الوظائف الأميركية في يونيو (حزيران)، إذ رفعت الشركات، التي تسعى جاهدة لزيادة الإنتاج والخدمات في ظل طفرة في الطلب، الأجور، وقدمت حوافز لاستقطاب الملايين من الأميركيين المترددين في العودة مجدداً إلى القوة العاملة.
وقالت وزارة العمل الأميركية في تقريرها للتوظيف الذي تتم متابعته عن كثب، الجمعة، إن الوظائف في القطاعات غير الزراعية الأميركية زادت 850 ألفاً الشهر الماضي بعد أن ارتفعت 583 ألفاً في مايو (أيار). وزاد معدل البطالة إلى 5.9 في المائة، من 5.8 في المائة في مايو. ومعدل البطالة مُقدر بأقل من حقيقته بفعل أناس يصنفون أنفسهم خطأ بأنهم «يعملون لكنهم متغيبون عن العمل». وبلغت الوظائف المتاحة رقماً قياسياً عند 9.3 مليون. وكان خبراء اقتصاد استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقعون ارتفاع الوظائف بمقدار 700 ألف الشهر الماضي وانخفاض البطالة إلى 5.7 في المائة.
وزاد متوسط الأجر في الساعة 0.3 في المائة الشهر الماضي بعد أن ارتفع 0.4 في المائة في مايو، وبذلك تصل الزيادة على أساس سنوي للأجور إلى 3.6 في المائة من 1.9 في المائة في مايو. وتأثر النمو السنوي للأجور على نحو إيجابي بما يُطلق عليه تأثيرات الأساس عقب انخفاض كبير في يونيو الماضي.
ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد أنهى الربع الثاني في حالة من زخم النمو القوي، عقب أن باتت إعادة الفتح ممكنة بفضل التطعيم للوقاية من «كوفيد – 19»، وتم تلقيح ما يزيد عن 150 مليون شخص بالكامل مما أدى إلى رفع القيود ذات الصلة بالجائحة المفروضة على الشركات وإلزامية وضع الكمامات.
وبالتزامن مع بيانات التوظيف، أكد صندوق النقد الدولي أن النمو في الولايات المتحدة سيسجل أسرع وتيرة منذ 25 عاماً خلال السنة الحالية، معبراً بذلك عن ارتياحه بشكل عام تجاه سياسة الرئيس جو بايدن الاقتصادية التي بدأت تؤدي إلى تحسن في سوق العمل.
وقال الصندوق إنه «من المتوقع أن يبلغ النمو في 2021 حوالي 7 في المائة»، موضحاً أنها «أسرع وتيرة منذ جيل». وأضاف أن الانتعاش «لافت» بعد الركود التاريخي الذي سجل في 2020 بسبب الوباء. كما قلل من أهمية المخاوف بشأن التضخم، وقال إن «المؤشرات الاقتصادية تشير إلى استمرار تباطؤ كبير في سوق العمل، وهذا يفترض أن يشكل صمام أمان لتخفيف الضغوط على الأجور والأسعار». وفي مايو كان عدد الوظائف لا يزال أقل بـ7.6 ملايين وظيفة بالمقارنة مع مستويات ما قبل الوباء، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن ينخفض معدل البطالة بشكل طفيف.
ورحبت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، الخميس، بوصول الطلبات الأسبوعية للحصول على تعويضات بطالة إلى «القعر» مع تراجعها إلى أدنى مستوى منذ 14 مارس (آذار) 2020 عشية إغلاق جزء كبير من البلاد. وكتبت على «تويتر» إن «الخطة الاقتصادية للرئيس مجدية: البطالة و(كوفيد - 19) يسجلان انخفاضاً والوظائف والنمو الاقتصادي وثقة المستهلك ترتفع».
وقال باتريك أوهير المحلل في موقع «بريفينغ كوم»، إنه «ليس من المستغرب أن نرى طلبات إعانات البطالة تتراجع نظراً للعدد الكبير من عروض العمل وإعادة فتح الاقتصاد الذي يتطلب عمليات توظيف جديدة». ورأى صندوق النقد الدولي أن الانتعاش القوي مرتبط بشكل مباشر بتدابير دعم الميزانية التي اتخذتها إدارة بايدن، مشيراً إلى خطة الـ1.9 تريليون دولار التي اعتمدت في نهاية مارس، أو الشيكات المباشرة للأسر، أو تمديد إعانات البطالة الاستثنائية.
تستند التوقعات الجديدة إلى زيادة الإنفاق بمقدار 4.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل، ما سيترجم بزيادة تراكمية نسبتها 5.25 في المائة في نمو إجمالي الناتج المحلي بين 2022 و2024.
مع ذلك، يحذر صندوق النقد الدولي من احتمال أن يتبنى الكونغرس في نهاية المطاف خططاً أقل طموحاً من تلك التي يريدها جو بايدن، ما يمكن أن يؤدي إلى نمو أقل.
وبينما تقود الولايات المتحدة الاقتصاد العالمي، توصي المؤسسة المالية أيضاً برفع التدابير الحمائية، لا سيما الرسوم الجمركية العقابية التي فرضتها على الفولاذ والألمنيوم إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. كذلك تشير المنظمة إلى أن واشنطن ما زالت ترغب في إعطاء الأولوية للمنتجين الأميركيين في الأسواق العامة عملاً بسياسة «اشتر المنتجات الأميركية» التي وضعتها الإدارة السابقة أيضاً. وأكد صندوق النقد الدولي أنه «يجب إعادة النظر في هذه السياسات».
حوالياً، يشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشاً بسبب تراجع الجائحة بفضل حملات التطعيم. ومع انخفاض الإصابات بـ«كوفيد - 19» ترفع الولايات القيود التجارية. ونتيجة لذلك، استحدث القطاع الخاص في يونيو 692 ألف وظيفة بينها 624 ألفاً في قطاع الخدمات الأكثر تضرراً اقتصادياً بالأزمة، حسبما أفادت مجموعة «إيه دي بي» المتخصصة بخدمات الشركات الأربعاء.
واستأنف الأميركيون الذين تمكنوا من الادخار أثناء الوباء، السفر. ويفترض أن يؤدي الإنفاق الاستهلاكي، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، إلى تسريع الانتعاش طوال الصيف.
في الوقت نفسه، وصلت الوظائف المعروضة إلى مستويات قياسية هذا الربيع. ومع ذلك يواجه أصحاب العمل صعوبات في التوظيف منذ أشهر. وتفسر مجموعة من العوامل هذه العودة البطيئة إلى العمل رغم وفرة الوظائف المعروضة، من عدم التوافق بين الوظائف ومواصفات العاطلين عن العمل إلى مشكلة رعاية الأطفال والخوف من «كوفيد» أو التغيير في الطموح المهني لبعض العاملين الذين قرروا انتظار الفرصة المناسبة بدلاً من قبول أي عرض.
لكن الجمهوريين يرون أن ذلك سببه إعانات البطالة السخية منذ بداية الوباء التي سمحت لبعض العاطلين عن العمل من ذوي المهارات المنخفضة بكسبٍ أكثر مما كانوا يتلقونه عندما عملوا في وظائف منخفضة الأجر. وقالت نانسي فاندن هوتن، الخبيرة الاقتصادية في «أكسفورد إيكونوميكس»، إن «22 من أصل 26 ولاية كانت أعلنت عن وقف مبكر لإعانات البطالة الطارئة، أنهت هذه المساعدات فعلياً». وختمت روبيلا فاروقي الخبيرة الاقتصادية في مجموعة «إتش إف إي»، إنه «يبقى أن نرى ما إذا كان هذا سيعكس نمواً في الوظائف».
وفي تعقيب على التقارير، أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بأرقام الوظائف القوية بوصفها دليلاً على انتعاش «تاريخي» لاقتصاد الولايات المتحدة بعد جائحة «كوفيد - 19». وقال خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض: «إنه تقدم تاريخي، إخراج اقتصادنا من أسوأ أزمة له في 100 عام».


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.