مصر: مطالبات بتغليظ عقوبة سرقة الآثار وتهريبها

بعد توقيف عدد من الشخصيات الشهيرة في «القضية الكبرى»

قطع أثرية نجحت مصر في إحباط تهريبها للخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قطع أثرية نجحت مصر في إحباط تهريبها للخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: مطالبات بتغليظ عقوبة سرقة الآثار وتهريبها

قطع أثرية نجحت مصر في إحباط تهريبها للخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قطع أثرية نجحت مصر في إحباط تهريبها للخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

رغم تعديل قانون «حماية الآثار» في مصر عدة مرات خلال السنوات الماضية، لمواجهة حمى البحث عن الثراء السريع، فإن عمليات التنقيب والتهريب لا تزال مستمرة، وفق خبراء ومسؤولين طالبوا بتغليظ العقوبة القانونية مع زيادة الوعي الأثري وتغيير النظرة النمطية عن الآثار المصرية باعتبارها كنوزاً تساوي أموالاً باهظة، من دون النظر إلى قيمتها التاريخية والحضارية.
وخلال الساعات الأخيرة، شغلت واقعة توقيف رجل أعمال شهير بتهمة تمويل عمليات التنقيب عن الآثار، الرأي العام المصري، بعد ضبط تشكيل يقوده برلماني سابق واتهامه بالتنقيب وتهريب الآثار.
وشدد الدكتور رأفت النبراوي، أستاذ الآثار الإسلامية على ضرورة تغليظ العقوبات، ضد المخالفين قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «من يثبت إدانته في سرقة وتهريب الآثار، ينبغي الحكم عليه بالسجن 25 عاماً، من دون تخفيف الحكم في أي حال من الأحوال»، مشيراً إلى أن «بعض المحامين يستغلون ثغرات قانونية لتخفيف أحكام موكليهم في مراحل التقاضي المختلفة».
وتنص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بتعديلاتها على الحكم بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه، ضد كل من قام بتهريب أثر إلى خارج مصر، مع مصادرة الأثر محل الجريمة، والأجهزة، والأدوات، والآلات، والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس الأعلى للآثار.
فيما تنص المادة 42 على أنه «يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه كل من سرق أثراً، أو جزءاً من أثر، سواء كان الأثر من الآثار المسجلة المملوكة للدولة، أو المعدة للتسجيل، أو المستخرجة من الحفائر الأثرية للوزارة، أو من أعمال البعثات والهيئات والجامعات المصرح لها بالتنقيب، وذلك بقصد التهريب».
ورغم تعديل قانون حماية الآثار أكثر من مرة وتغليظ عقوباته، فإن الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، يرى أن ذلك غير كاف لردع المهربين، إذ يجب العمل على زيادة وعي المواطنين بأهمية الأثر وقيمته التي لا تقدر بثمن، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «دأبت الدراما المصرية على تصوير الآثار على أنها كنز، وتحقق ثراءً سريعاً بعد الحصول على ملايين الدولارات، ما انعكس سلبياً على وعي الجمهور العام»، مطالباً المسؤولين بالعمل على معالجة هذا الأمر لرفع الوعي، لا سيما مع وجود مناطق سكنية عدة تعج بالآثار على غرار حي المطرية (شرق القاهرة)».
ويطالب عبد المقصود بتعزيز حراسات المواقع الأثرية: «المتاحف ومخازن الآثار ذات الحراسات المشددة، لا يتم سرقتها إلا نادراً وفي أوضاع استثنائية، لكن المواقع التي تنهب توجد في مناطق مفتوحة بالصحراء، لذلك يجب استخدام التقنيات الحديثة في الكشف عن المواقع الأثرية وتحديدها وتعيين حراس جدد وخصوصاً بعد توقف التعيينات الجديدة منذ سنوات طويلة وخروج الكثيرين من الحراس إلى المعاش».
وفي بداية العام الجاري، قضت محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من رؤوف بطرس غالي شقيق يوسف بطرس غالي، وزير المالية الأسبق على الحكم الصادر ضده من محكمة الجنايات بالسجن والغرامة، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«تهريب الآثار الكبرى إلى أوروبا»، شكلا وفي الموضوع بتصحيح العقوبة بالسجن 7 سنوات وغرامة 2 مليون جنيه، ورد الآثار المضبوطة إلى المجلس الأعلى للآثار ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
ولردع المنقبين خلسة وعصابات التهريب يقترح الخبير الأثري أحمد عامر، التحفظ على جميع أموال المدانين والمتورطين في تهريب الآثار، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تغليظ مدة حبس المهربين والمنقبين لن تكون كافية لردع هؤلاء، لأن المتهم قد يخرج من السجن بعد عدة سنوات، ويستمتع بما جناه من أموال جراء التهريب، ويكرر المخالفات ذاتها مرة أخرى».
ووفق عامر فإن «المواقع الأثرية المتناثرة في جميع أنحاء مصر وخصوصاً بالمناطق الصحراوية تعاني من عجز شديد في عدد حراس الأمن المكلفين بحماية تلك المواقع، بجانب عدم وجود أسوار على كافة تلك المناطق المهمة ما يسهل عملية التنقيب عن الآثار بشكل غير شرعي».
ويشدد آثاريون على أن تهريب الآثار المصرية إلى خارج البلاد يرقى إلى حد «الخيانة العظمى»، وطالبوا السلطات المصرية بتعديل مواد القانون مجدداً لمعاملة المهربين وفق هذا البند، لأن من يهرب آثار بلاده للخارج يعد خائنا، بحسب عامر.
وضمت قائمة القطع الأثرية التي تم ضبطها بحوزة البرلماني المصري السابق لوحين خشبيين لتابوت منقوش باللغة المصرية القديمة، و36 تمثالاً مختلفة الأطوال من 6 سم إلى 13 سم، و4 تماثيل أوشابتي، وتمثالا خشبيا طوله 40 سم على الهيئة الأوزيرية، وتمثالا من الأوشابتي من المرمر، و52 عملة مختلفة الأشكال من البرونز والنحاس، وتمثالا حجريا منقسما لجزأين، ورأس تمثال لمهرج، يرجح أنه يعود للعصر اليوناني، ومائدة قرابين حجرية.
وبينما تحاول السلطات المصرية إحكام السيطرة على كافة المنافذ الجوية والبرية الحدودية، فإن ثمة مهربين يستغلون بعض الثغرات لتهريب القطع النادرة، حيث نجح الكثير منهم في إخراج تلك القطع من المطارات المصرية إلى دول عدة، من بينها فرنسا والولايات المتحدة والكويت، والإمارات العربية المتحدة، حيث تمكنت هذه الدولة من اكتشاف الآثار لدى وصولها لأراضيها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».