المغرب: خلافات تعصف بتحالف يساري قبيل الانتخابات

تدور حول الترشح المشترك والاندماج بين الأحزاب

TT

المغرب: خلافات تعصف بتحالف يساري قبيل الانتخابات

انتقد كل من حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الديموقراطي، اليساريين في المغرب، تصريحات حليفتهما نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد بعدما أدلت بتصريح قالت فيه إن الأمينين العامين للحزبين عبد السلام لعزيز (المؤتمر الوطني الاتحادي)، وعلي بوطوالة (حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي) «اعترفا» لها في اجتماع، بأنهما نسقا مع أعضاء من حزبها للإطاحة بها من قيادة حزبها، مستعملة كلمة «انقلاب» باللغة الفرنسية.
وأعلن مسؤولا الحزبين، في بيان مشترك لهما، أن هذا الادعاء «محض افتراء لا يصدقه عاقل» وأن الاجتماع الذي انعقد يوم الثلاثاء 29 يونيو (حزيران) 2021 بحضور عضوين عن كل حزب كان مخصصاً في الأساس «للحسم في مسألة التصريح المشترك بالتحالف الانتخابي بين الأحزاب الثلاثة»، خلال الانتخابات المقررة في 8 سبتمبر (أيلول) المقبل. وأشار البيان إلى أن الحزبين رفضا التراجع عن التصريح المذكور، وأن منيب أبلغتهما بقرار مكتبها السياسي «الانسحاب من التحالف».
وجاء في البيان «تأسفنا على ذلك القرار الذي مثل بالفعل انقلاباً على القانون الأساسي والورقة التنظيمية لفيدرالية اليسار الديموقراطي في لحظة حرجة وبمبررات غير مقنعة». وأكد الحزبان تمسكهما «بالفيدرالية كمشروع استراتيجي لا يمكن التضحية به من أجل حسابات انتخابوية ضيقة وعابرة». وتأسس «تحالف فيدرالية اليسار» في 2014، بين ثلاثة أحزاب يسارية هي الحزب الاشتراكي الموحد، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي. وأعلن التحالف منذ تأسيسه أنه يسعى إلى الاندماج في حزب واحد، كما قدم ترشيحات مشتركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، وفاز بمقعدين فقط.
لكن الخلاف داخل التحالف اندلع بسبب موضوعين. الأول يتعلق بالترشيح المشترك في الانتخابات المقبلة المقررة في 8 سبتمبر (أيلول)، والذي رفضته منيب، فيما تمسك به الحزبان الآخران. والثاني يتعلق بتحقيق الاندماج الحزبي، والذي تعتبر منيب أن وقته لم يحن بعد، فيما يرى الحزبان الآخران أنه يجب تنفيذه.
وكانت منيب قد صرحت بأن انسحاب حزبها من إعلان الترشيح المشترك مع حزبي الطليعة والمؤتمر، بمثابة «إنقاذ» للحزب الاشتراكي الموحد الذي ترأسه، مشيرة إلى أن القرار اتخذ بعد المناقشة داخل المكتب السياسي للحزب، وانتقدت ما وصفته محاولة «توحيد اليسار بتمزيق الحزب الاشتراكي الموحد».
وفي المقابل، أعلن حزبا الطليعة والمؤتمر الوطني الاتحادي، أنهما قررا التمسك بالترشيح المشترك في الانتخابات المقبلة، وجاء في رسالة وجهها الأمينان العامان للحزبين إلى وزارة الداخلية، أول من أمس، أنهما سيقدمان مرشحين مشتركين في الانتخابات تحت اسم «تحالف فيدرالية اليسار» ورمزه الانتخابي «الرسالة».
وفي سياق متصل، يعيش الحزب الاشتراكي الموحد على إيقاع خلافات داخلية بعدما أعلنت مجموعة من رموزه عن تشكيل تيار جديد باسم «تيار اليسار الوحدوي»، عبروا عن أنفسهم من خلال وثيقة وجهوها للحزب تحمل انتقادات حادة لقيادة الحزب وأمينته العامة منيب. وجاء في الوثيقة «لقد استشعر عدد من مناضلي ومناضلات الحزب ضرورة تكوين تيار جديد داخل حزبنا، جواباً على مظاهر وأوضاع قائمة في الحزب الاشتراكي الموحد، ومن أجل العمل الجماعي الجاد والهادئ حتى لا تعصف هذه الأوضاع برصيد الحزب».
وكشفت الوثيقة وجود خلاف بين توجهين داخل الحزب: الأول يدعو إلى «التريث» في الاندماج مع حزبي الطليعة والمؤتمر، والآخر يدعو إلى تسريع الاندماج وينتقد أسلوب الأمينة العامة للحزب في تسيير الأمور.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.