«عرائس الخَبيز»... استدعاء بهجة الموروث الشعبي المصري

المعرض ينقذ بعض المفردات الريفية من النسيان

الفنانة سماء يحيى
الفنانة سماء يحيى
TT

«عرائس الخَبيز»... استدعاء بهجة الموروث الشعبي المصري

الفنانة سماء يحيى
الفنانة سماء يحيى

في معرضها الجديد «عرائس الخبيز» بقاعة «الباب» بدار الأوبرا المصرية، تواصل الفنانة التشكيلية سماء يحيى الاشتغال على مشروعها الإبداعي الذي يستلهم بهجة التراث الشعبي ويفتح نوافذ تطل على فصول منسية من الطقوس الحميمة التي تشكل الوجدان المصري العام.
تسترجع الفنانة في معرضها الجديد، المستمر حتى الثالث من يوليو (تموز) ذكريات الطفولة حين كان صنع أرغفة الخبز في فرن من الطين طقساً ريفياً مفعماً بالبهجة، إذ كان يجتمع حوله جميع أفراد الأسرة وما تيسر من أبناء الجيران، الكل يستمتع باقتطاع جزء من «العجين» وتحويلها إلى أشكال متعددة أبرزها العرائس المنحوتة بأنامل العفوية والبراءة ثم وضعها على مسطح من الصفيح الساخن لتنضج ببطء ثم تخرج كائنات إبداعية تخطف الدهشة من العيون.
من هنا يأتي التحدي الذي قررت الفنانة أن تخوضه والذي يتمثل في استعادة تلك «العرائس» مرة أخرى على جناح النضج والوعي من جهة، مع الحفاظ على حالة العفوية والتلقائية من جهة أخرى.
فيما كان البرونز هو الخامة الجذابة المرهقة التي تم نحت تلك التماثيل منها لتعبِّر عن بهجة محلّقة وأفراح منسية ودفء قديم نفتقده في عصر السرعة والإيقاع اليومي اللاهث للأشياء. النسب والخطوط والزوايا تبدو أقرب للفن الفطري، بساطة مدهشة ومشاعر تفيض من العيون، لكن خلف هذا السطح المخادع، ثمة حالة من الاحترافية العالية لمبدعة تملك أدواتها وتعرف تماماً كيف تتحكم في الخامة لتوصيل رسالتها.
تتنوع حالة العرائس، بين من تقف وحيدة تطل على العالم من شرفة الوحدة أو من يتعانقان معاً في مواجهة واقع قاسٍ لا يرحم، أو تلك الوجوه المحلقة في فضاء القاعة وهي تشبه أقنعة لفتيات خجلى آثرن أن يتحجبن قليلاً هرباً من شعاع من الفضول المزعج تلاحقهم به أعين جريئة! وبالإضافة إلى المنحوتات البرونزية، هناك الجزء الثاني من المعرض، وهو عبارة عن أعمال مركبة تجمع معظم مفردات البيت الريفي القديم والمرتبطة ارتباطاً عضوياً بعملية «الخبيز» نفسها مثل: «الحطب والقش، وتراب الفرن، والأواني الفخارية، ومقاطف الغلال». لقد تحولت قاعة العرض بأضوائها الباهرة وأجهزة التكييف المبثوثة في أرجائها إلى قاعة من نوع آخر، تنهض فيها مفردات الريف المصري التي اندثرت أو تكاد، تتلقفها ذاكرة عاشقة لتنقذها من السقوط في هوة النسيان.
وتؤكد الفنانة سماء يحيى أن «عرائس الخبيز» هي تجربتها الأولى مع خامة البرونز حيث كانت تعتمد في معارضها السابقة على اللوحة المرسومة أو العمل المركّب أو النحتيّ المشتقّ بالأساس من خامة الخشب، المشتقّ بدوره من أبواب المنازل القديمة أو عروق الخشب في الأسقف الخاصة بها، مشيرة إلى أن التحدي الذي واجهها كان يتمثل في تطويع تلك الخامة بحيث تعبّر عن هذا المزيج الساحر من البهجة والشجن المختبئ في العيون.
وتضيف الفنانة في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن زياراتها في مرحلة الطفولة إلى بيت جدها الريفي بمحافظة الشرقية (دلتا مصر) كوّنت لديها ذاكرة بصرية استثنائية، كما أوقدت شموع الشغف بداخلها تجاه مفردات القرية الحميمة لا سيما الموالد الشعبية والأراجوز والطراطير وغرفة الخبيز وغرفة التخزين والأسقف المنزلية المصنوعة من الخشب والتماثيل المصنوعة من العجين أو الطمي، مشددةً على أن سنوات التكوين الأولى في حياة أي فنان تلعب دوراً حاسماً في خياراته الإبداعية فيما بعد خصوصاً أن مثل هذه المفردات أطلقت ينابيع الدهشة والحب بداخلها وخلقت نوعاً من الحنين الذي لا يريد أن ينتهي ويلحّ عليها طوال الوقت ليخرج في صورة أعمال إبداعية. وتعترف سماء يحيى بأن التواصل مع الجمهور شيء أساسي وحاسم في تجربتها، سواء على مستوى اختيار عناوين معارضها التي تحاول أن تأتي بسيطة وحميمة وقريبة من القلب أو على مستوى مضمون المعرض نفسه وفكرته العامة، موضحةً أن المتلقي يأتي في المقام الأول وفوق كل اعتبار آخر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.