انسحبت تركيا رسمياً أمس (الخميس)، من اتفاقية مجلس أوروبا لمناهضة العنف ضد المرأة الموقّعة عام 2011 والمعروفة بـ«اتفاقية إسطنبول» وسط رفض واسع في أوساط المعارضة والمدافعين عن حقوق المرأة وإدانة الحلفاء الغربيين وتحذيرات من المنظمات الحقوقية الدولية من تصاعد العنف ضد المرأة.
ورفض مجلس الدولة التركي بأغلبية الأصوات، الثلاثاء، دعوى مقدمة من رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، طلبت فيها إلغاء الانسحاب من «اتفاقية إسطنبول» الذي أصدره إردوغان في 20 مارس (آذار) الماضي. وأكد أن تركيا خرجت من الاتفاقية في الأول من يوليو (تموز) أمس. وقالت أكشنار إنها سترفع الأمر إلى المحكمة الدستورية.
ودافع إردوغان عن انسحاب بلاده من الاتفاقية، قائلاً إن كفاح تركيا لإنهاء العنف ضد المرأة لم يبدأ مع «اتفاقية إسطنبول» ولن ينتهي بالخروج منها. وأكد إردوغان، في كلمة خلال اجتماع تعريفي بخطة العمل الوطنية الرابعة لمكافحة العنف ضد المرأة في أنقرة أمس، ضرورة تناول قضية العنف ضد المرأة بصدق وموضوعية دون تحويلها إلى أداة للنقاشات السياسية الداخلية.
واتفاقية إسطنبول أبرمها مجلس أوروبا وفتح باب التوقيع عليها في 11 مايو (أيار) 2011 بمدينة إسطنبول. ووقّعت 45 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، على الاتفاقية، غير أن معظم الدول الأعضاء، لم تُدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، وكانت تركيا من أولى الدول التي عملت على تطبيقها. ودخلت حيز التنفيذ في الأول من أغسطس (آب) عام 2014. وتركيا ليست الدولة الأولى التي تنسحب من اتفاقية إسطنبول، وكانت أعلى محكمة في بولندا قررت فحص هذه الاتفاقية بعد أن دعا عضو في الحكومة البولندية إلى الانسحاب منها بوصفها ليبرالية أكثر من اللازم.
ويشهد معدل قتل النساء في تركيا ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث سجلت مجموعة مراقبة حالة واحدة يومياً في السنوات الخمس الماضية. ويرى مؤيدو الاتفاقية والتشريعات المرتبطة بها أن ثمة حاجة إلى تنفيذ أكثر صرامة. لكنّ كثيرين من المحافظين في تركيا وحزب «العدالة والتنمية» بزعامة إردوغان يقولون إن الاتفاقية تقوّض الهياكل الأسرية التي تحمي المجتمع، ويرون أنها تروّج للمثلية الجنسية من خلال مبدأ عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.
وقالت جنان غولو، رئيسة اتحاد الجمعيات النسائية التركية، تعليقاً على انسحاب أنقرة من الاتفاقية: «سنواصل كفاحنا... تركيا تضر نفسها بهذا القرار... النساء والفئات الضعيفة الأخرى منذ 20 مارس الماضي (تاريخ قرار إردوغان الانسحاب من الاتفاقية) أكثر تردداً في طلب المساعدة وأقل احتمالاً لتلقيها، إذ أدى فيروس كورونا إلى تفاقم المصاعب الاقتصادية ما تسبب في زيادة كبيرة في العنف».
وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرار إردوغان، بينما تصاعدت الاحتجاجات والمسيرات الرافضة له في تركيا، وبلغت ذروتها مطلع الأسبوع الحالي وسط قمع شديد وعنف من الشرطة تجاه المحتجين. فيما يتوقع أن تتصاعد الاحتجاجات في الأيام المقبلة. وحذرت منظمة العفو الدولية، أمس، من أن العنف ضد المرأة آخذ في التصاعد في تركيا، في الوقت الذي تخرج فيه البلاد رسمياً من اتفاقية إسطنبول.
وقالت الأمين العامة للمنظمة أنيس كالامار: «لقد أعادت تركيا عقارب الساعة إلى الوراء 10 سنوات فيما يتعلق بحقوق المرأة».
على صعيد آخر، تلقى البرلمان التركي، أمس، مذكرة رئاسية تحمل توقيع إردوغان تطالب برفع الحصانة البرلمانية عن 20 نائباً من أحزاب المعارضة، في مقدمتهم رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، على خلفية دعاوى ومحاكمات بحقهم، وغالبيتهم من حزب الشعوب الديمقراطية، ثاني أكبر أحزاب المعارضة بالبرلمان، الذي يتهمه إردوغان بأنه الذراع السياسية بالعلاقة مع حزب العمال الكردستاني، ليبلغ عدد المذكرات التي ينظر بها البرلمان في الوقت الحالي 31 مذكرة. وسبق أن أرسلت الرئاسة التركية قبل أشهر مذكرة بحق 11 نائباً من نواب من حزب الشعوب الديمقراطية. إلى ذلك، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا لاحتجازها قاضياً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو عام 2016.
ورأى القضاة السبعة للمحكمة بالإجماع أن تركيا انتهكت بنوداً عدة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عبر وضعها في الحبس الاحتياطي قاضياً سابقاً في المحكمة الدستورية وتفتيش منزله غداة محاولة الانقلاب.
وفي 16 يوليو 2016 اعتُقل القاضي في المحكمة الدستورية التركية منذ عام 2011 إردال ترجان، للاشتباه بانتمائه إلى منظمة مسلحة، في إشارة إلى حركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه إردوغان بأنه مدبّر محاولة الانقلاب، وبقي في الحبس الاحتياطي حتى إدانته بالسجن عشر سنوات عام 2019، وتقدم القاضي السابق بطعن على هذه العقوبة لكن لم يبتّ فيه بعد. ورأت المحكمة الأوروبية أن احتجاز ترجان لم يجرِ وفق الإجراءات القانونية، مشيرة إلى غياب الأسباب المعقولة للاشتباه في أنه ارتكب مخالفة، وأنه لم تكن هناك دوافع مناسبة وكافية لإبقاء ترجان قيد الحبس الاحتياطي نحو 3 سنوات بانتظار محاكمته. وقضت بتغريم أنقرة 20 ألف يورو كتعويض معنوي للقاضي المحتجز.
تركيا تنسحب رسمياً من اتفاقية العنف ضد المرأة
إردوغان يطلب رفع الحصانة عن 20 نائباً بينهم زعيم المعارضة
تركيا تنسحب رسمياً من اتفاقية العنف ضد المرأة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة