أمل بوشوشة لـ «الشرق الأوسط»: لا أُخضع اسمي للتصنيف... وهذا سرّي

الفنانة أمل بوشوشة
الفنانة أمل بوشوشة
TT

أمل بوشوشة لـ «الشرق الأوسط»: لا أُخضع اسمي للتصنيف... وهذا سرّي

الفنانة أمل بوشوشة
الفنانة أمل بوشوشة

صوّرت أمل بوشوشة شخصية «جولي» في «داون تاون» قبل شخصية «هند» الثقيلة في «على صفيح ساخن». خبطت الأرض بقدمها في رمضان الفائت، وبلغت درجات الفرادة الدرامية، بكاراكتير «هند الحجّار»، المتشظّية - المتمرّدة. يعرض تلفزيون «جوّي» حالياً مسلسل «داون تاون»، حيث تطلّ بدور مجبول بالمزاجية. انتهازية، متلوّنة، «ضحية» ماضيها. لا يمكن الاطمئنان إليها أو الثقة بها. ابتسامة أفعى، ونظرات ذئب. بوشوشة تلعب بالشخصيات كما يلعب طفل بمعجونة. تقلّبها وتدعكها، وتعيد تشكيلها. تقبض عليها وتتحكّم بها. تلتقيها «الشرق الأوسط» لقراءة النجاح وفكّ أسراره. تستعيد البدايات، وجملة جمال سليمان التي هزّتها. منذ الخطوات الأولى وهي تدرك وعورة الدرب، فمشت ووصلت. فنانة ناضجة، لا يغريها الاستسهال ولا تستميلها القوالب الجاهزة. الحوار معها متعة.
مستفزّة «جولي»، تشاء لو تقرصها وتفرك أذنها! وهي أيضاً متألّمة من كذبة الأب وخيبة العلاقة مع الرجل. نسأل أمل بوشوشة: أيمكن القول إنّ الاستفزاز هو شرطكِ للقبول بالشخصية؟ أتفضّلين كاراكتيرات ترقّصكِ على الشكر بكر؟ تُيقظ الرواسب الشريرة؟ «لستُ غارقة في أدوار الشرّ، وليس شرطاً أن تكون الشخصية مستفزّة لأمثّلها». تحسم وتُكمل: «الشرط هو أن تكون جديدة، لم أقدّمها من قبل». تلمح في «جولي» استفزازاً يتعلّق مباشرة بسلوكها ولغة جسدها، وإن تعمّدت تلطيفها بنكهة كوميدية. تتقصّد تحييد «هند» عن هذه «التهمة». تحلو المقارنة، وهي ورطة لا مفرّ منها: «هند ثقيلة. أنهكتني. حواراتها صعبة. مسارها في صعودٍ متواصل. جولي متقلّبة، (طالعة نازلة)، حواراتها أقل صعوبة. إن لم يكن الدور مستفزّاً، أحركش في أعماقه لإظهاره على حقيقته. المهم دائماً هي الروح في الشخصية».ولا مبالغة في وصفها بـ«فنانة اللهجات»، تتقن السورية واللبنانية، ولغة الأم: الجزائرية، من دون افتعال أو ارتباك، فما السرّ؟ وأي انتشار وتنوّع تحصده من حقل اللهجات العربية؟ تحمدُ الله، وتكشف: «أجتهد. صقل الذات هو السرّ». قرّرت منذ البداية ألا تكذب على المُتابع. يحرّكها الشغف، «بسببه تركتُ كلّ شيء خلفي، حتى الغناء، وانطلقتُ في التمثيل. أشعر بالانتماء إلى هذا المجال». لم تعتقد يوماً أنّ الأمور «فتِّحْ عين وغمِّضْ عين». هي مسار. تُخبرنا أنّه حين قدّمت «ذاكرة الجسد» بالعربية الفصحى، استفزّها جمال سليمان: «لديكِ موهبة، لكن اللهجة قد تصعّب الطريق». رنّت الجملة في بالها، وخاضت التحدّي: «سأصل». طوّرت نفسها وتقبّلت النقد. النتيجة؟ «فنانة عربية خارج الهوية. فنانة الهويات».
لكنّها تؤكّد: «أفتخر بالجزائر. وثق الجمهور بي منذ انطلاقتي كطالبة جزائرية في برنامج هواة. ثم طرحتُ نفسي في الدراما العربية. وضعتُ هدف الوصول إلى الجميع، من دون جدران الجنسيات واللهجات. أردتُ القول: وسامي وافتخاري جزائري، لكنّي أيضاً ممثلة عربية». والجمهور يحبّكِ في الجزائر والمشرق العربي، أمانة تقتضي الاعتراف بها، فتُعقّب: «محبتهم بحجم كنز».
فلنضع النقاط على الحروف، إن كانت أمل بوشوشة نجمة الجزائر الأولى، فأين موقعها في لبنان وسوريا؟ «لا أركض خلف المراتب. حتى النمبر وان (الرقم واحد) قد تتراجع مرتبته. أردتُ صناعة اسم خارج التصنيف بالمفهوم الضيّق. وصلتُ بإصراري، خصوصاً أنّني أعمل خارج وطني، والجميع يدرك الحسابات المتحكّمة بالسوق والمتعلّقة بالجنسيات». ما رأيكِ لو نعود إلى «جولي»؟ توافق. هذه الشخصية معقّدة نفسياً، وصولية، عينها في الأخضر واليابس. أي صعوبات واجهتكِ في أدائها؟ تكشف اللعبة: «أمسكتُ طرف الخيط و(كرجت)»؛ أي انجرفتْ وانسابتْ. كانت كلّما أنهت تصوير مَشاهد في شخصية «هند» ضمن مسلسل «على صفيح ساخن» (كتابة علي وجيه ويامن حجلي، إخراج سيف سبيعي)، شعرتْ بانقطاع أنفاسها. «أول مشوار لي من الشام إلى بيروت، هدّني التعب. بدوتُ مُرهقة». أتطلّبت وقتاً للخروج منكِ؟ «لا، أجيدُ الدوزنة». تُشبّه التمثيل بالعملية الحسابية: «أمام الكاميرا، أنا الشخصية، وفي المنزل أنا أمل». كلّ شأنٍ له شأن.
غرّدت عن العمل كفريق حين يقود إلى نجاح المسلسل، لا نجاح الشخص أو البطل. أيعني ذلك أنّ زمن البطولة المطلقة ولّى؟ وأين الشقاء بالضبط، في حمْل المسلسل على أكتاف بطليه، أم في تشارُك الأحمال ضمن البطولة الجماعية، فلا يعود الإخفاق، في حال وقع، مسؤولية نجم بذاته؟ ترمي أمل بوشوشة الكرة في ملعب الجمهور: «هو الحكم. كم من أعمال بطلها نجمان راهنا عليها فلم تنجح، وكم من أعمال أبطالها نجوم نجحت وانتشرت. يصحّ العكس». بالنسبة إليها، تحبّذ الاثنين. قدّمتْ «دولار» مع عادل كرم، ضمن بطولة مطلقة؛ و«على صفيح ساخن» الرمضاني، واليوم «داون تاون» ضمن بطولة جماعية. «الإضافة هي الأهم. أن أضيف للعمل ويضيف إليّ. وأن أوصله ويوصلني». أتخشين الفشل؟ تجيب بأنّ قلبها قوي، «وقد أفشل لأتعلّم وأنهض». النهوض يصنع الإنسان.
تقول «جولي» في «داون تاون»، وهو من تأليف كلود أبي حيدر، سيناريو وحوار محمود إدريس، وإخراج زهير قنوع: «ما بحب الأشياء السهلة»، فنسأل بوشوشة عن السهل والصعب اليوم في خياراتها الفنية. كيف يتغيّر شكل المعايير مع النضج والخبرة؟ تجيب أنّها منذ بداياتها لا تعرّض النفس لدعسات ناقصة: «يمكن أن أقول لا وأنا في أمسّ الحاجة إلى النَعم. استطعتُ خلال حياتي أخذ الكثير من القرارات الصائبة. لقد تزوّجت وأنجبت، ثم عدتُ إلى العمل. أمثّل بشغف، لا لإثبات وجودي. لم أرَ الفن يوماً مسألة تجارية، ولم ألهث خلف دور. صحيح أنّ النجاح يصعّب الخيارات، لكنّني منذ البداية واضحة». يرافقها إحساسٌ بـ«الحياء»، ممتدّ من مرحلة الطفولة، وحرصٌ على صون حياتها الشخصية. مَن يتابع أمل بوشوشة في «السوشيال ميديا»، يتأكّد أنّها تدير حساباتها بذكاء. تعطي جمهورها ما يُهدّئ بعض الفضول، وتحتفظ بالباقي لنفسها. تساءلتْ: «ماذا أريد من وسائل التواصل؟ هل أنا فاشينيستا؟ هل أنا مدوّنة؟ لا، أنا ممثلة. إذن، المبالغة مضرّة».
تستريح حالياً، قبل الاستعداد للمرحلة المقبلة. «شوية وقت لنفسي». لم تكتمل بعد ملامح أدوارها الآتية، ولم تحسم أمراً. نسألها عن حقيقة التحضير لجزء ثانٍ من «على صفيح ساخن» لرمضان 2022. تجيب بالنفي: «لم أتبلغ».
متزوّجة من لبناني، ابنتها لبنانية جزائرية، وتعيش في لبنان النازف بلا التئام. «بزعل» (أحزن)، تجيب رداً على أحواله. «كان منارة الشرق، انطلقتُ منه، احتواني وأعطاني الشهرة». أنتِ جزء من هذه الأرض المحترقة، فكيف تتجنّبين نارها؟ نسألها، فتُصحح: «بل جزء لا يتجزأ. أتشارك الوجع مع الجميع ومعاً ننتظر الفرج. لا خلاص لأحد إن غرق المركب».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».