السعودية تقود حقبة «خضراء» بأضخم مشروع للتشجير

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: زيادة الغطاء النباتي بنسبة 40 %

TT

السعودية تقود حقبة «خضراء» بأضخم مشروع للتشجير

تواصل السعودية مسيرة البناء والتطوير نحو «رؤية 2030» التي أُطلقت في عام 2016، مستهدفة تحقيق نقلة نوعية في عدة مجالات، من بينها حماية البيئة والاستجابة الظاهرة للتغير المناخي. ويمثل إعلان مبادرة «السعودية الخضراء» استكمالاً لتنفيذ هذه الرؤية، من خلال أضخم مشروع تشجير عالمي تحت اسم «الشرق الأوسط الأخضر».
وتعد مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لزراعة 50 مليار شجرة إضافية أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.
يقول الدكتور خالد العبد القادر، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، لـ«الشرق الأوسط» إنه خلال السنوات الأربع الماضية، زاد الاهتمام بالغطاء النباتي في المملكة، مما نتج عنه زيادة بنسبة 40 في المائة، ورفع مساحة تغطية المحميات الطبيعية من 4 في المائة إلى 16 في المائة.
وتهدف مبادرة «السعودية الخضراء» في مجال التشجير إلى توحيد الجهود، والعمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية وفق «رؤية 2030». وسوف يواصل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر تحقيق مستهدف الغطاء النباتي، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الموائل البرية.

- التحديات البيئية
يتحدث العبد القادر قائلاً إن المملكة والمنطقة تواجهان كثيراً من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديداً اقتصادياً للمنطقة، حيث يسجل استنزاف 13 مليار دولار جراء العواصف الرملية في المنطقة كل سنة. ويضيف أنه -كما بيَّن ولي العهد- أن المبادرة ستتضمن عدداً من المبادرات الطموحة، من أبرزها زراعة 10 مليارات شجرة داخل السعودية خلال العقود المقبلة، ما يعادل إعادة تأهيل نحو 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة ستسهم في الحد من التصحر، وانخفاض درجات الحرارة، وحماية التنوع الحيوي في جميع مناطق المملكة.
ويقول الدكتور العبد القادر إن «المياه هي أثمن مواردنا، لذلك نعتمد في التشجير على المياه المعالجة، وعلى حصاد الأمطار، وعلى السدود، وهناك برنامج استمطار سيوظف في هذا العرض. وقد وضعت مبادرة السعودية الخضراء أهدافاً وخططاً طويلة الأمد للحفاظ على هذا المورد الثمين. ونحن نعمل حالياً على زيادة الغطاء النباتي بهدف حماية نظامنا البيئي الطبيعي، وتحسين جودة الحياة للأجيال القادمة».
وبيَّن العبد القادر أن ري الأشجار الجديدة سيتم من خلال محطات معالجة وإعادة تدوير المياه، بالإضافة إلى استخدام تقنية الاستمطار الصناعي للتخفيف من الآثار السلبية على مصادر المياه غير المتجددة، مثل المياه الجوفية.
ويشير العبد القادر إلى أنه يجري العمل على تأسيس مركز للتغير المناخي، حيث يتم السعي لاعتماد تقنيات صديقة للبيئة، تسهم في تقليل استهلاك المياه، من بين 64 مبادرة أخرى ضمن الاستراتيجية الوطنية للبيئة في المملكة.
وحسب العبد القادر، ستوفر المشاريع والبرامج المتعددة في إطار مبادرة «السعودية الخضراء» فرص عمل مميزة لمواكبة النهضة الاقتصادية الواسعة التي تشهدها المملكة في إطار «رؤية 2030»، عبر إطلاق مزيد من المشاريع خلال السنوات المقبلة. وتعد المتنزهات الوطنية التي يعمل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر على تطويرها مورداً اقتصادياً مهماً في جميع المناطق.
وعما إذا كانت ستتحمل الأشجار الأنظمة البيئية، وخصوصيات التربة في مناطق السعودية، أكد العبد القادر أن الأشجار ستنمو ضمن الأنظمة البيئية الحالية، لافتاً إلى أن السعودية كانت تتمتع بطبيعة خضراء وغطاء نباتي متنوع جداً. وقد بدأت ظاهرة التصحر تتوسع بشكل كبير خلال السنوات الأربعين الماضية فقط، موضحاً أن الأشجار التي ستزرع ستكون محلية مختلفة في كل منطقة، حسب الظروف المناخية التي تناسبها. وشدد العبد القادر على اختيارهم لأشجار محلية قادرة على تحمل أقسى الظروف الصحراوية لزراعتها في المناطق ذات المناخ الدافئ والأمطار النادرة. وعن فوائد التشجير، قال إنه يمكن للأشجار أن تسهم في الحد من آثار التغير المناخي، إذ تساعد بشكل كبير على زيادة تماسك التربة وامتصاص الكربون. كما أن زراعة الأشجار هي الطريقة الأقصر للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.

- تأثير التشجير
أوضح العبد القادر أن الغطاء النباتي سيؤثر على البيئة بصورة إيجابية، نظراً لدوره في تقليل تآكل التربة وتبخر المياه، وزيادة الاحتفاظ بالمياه، وعزل الكربون في التربة، مشيراً إلى أن السعودية كانت تتمتع تاريخياً بغطاء نباتي وافر، وأن زراعة 10 مليارات شجرة سيساعد في إعادة التوازن الطبيعي لبيئتنا، وتحسين جودة الحياة، فضلاً عن زيادة التنوع البيولوجي.

- الاستمطار الصناعي
ولفت العبد القادر إلى أن الاستمطار الصناعي أحد الوسائل المتقدمة للحصول على الكميات الكافية من المطر، مشيراً إلى أن المملكة تجري أبحاثاً واسعة في مجال الاستمطار الصناعي منذ عدة عقود، وأنها أقرت العام الماضي خططاً لاعتماد وتطبيق هذه التقنية بهدف زيادة معدلات الأمطار المحلية بنسبة 20 في المائة تقريباً. وتتضمن تقنية الاستمطار الصناعي تحليق طائرات خفيفة نحو قاعدة السحب، وإطلاق مشاعل تحتوي على كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم والماغنيسيوم التي تساعد في تكثيف بخار الماء في السحب، وتحويله إلى قطرات ثقيلة بما فيه الكفاية للتساقط في صورة أمطار صناعية.
وحسب العبد القادر، يمكن أن يساعد الاستمطار الصناعي في تخفيف الضغط على محطات تحلية المياه ومصادر المياه غير المتجددة، وتأمين كميات وافرة من المياه لأغراض الزراعة والتشجير، مما يساعد في تحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء وجميع برامج التشجير.


مقالات ذات صلة

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

الاقتصاد جانب من التحضيرات للجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وزير البيئة السعودي: المملكة تركز على أهمية معالجة تحديات الأمن الغذائي

نوّه وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي، بريادة المملكة في دعم جهود «مجموعة العشرين»، لتحقيق أهداف تحديات الأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الاقتصاد رئاسة «كوب 16» الرياض ستخصص منطقة خضراء لتنظيم 7 أيام للمحاور الخاصة لتحفيز العمل العالمي لمواجهة تحديات تدهور الأراضي والجفاف والتصحر (الشرق الأوسط)

تحديد 7 أيام في «المنطقة الخضراء» بـ«كوب 16» لتقديم حلول تدهور الأراضي

أعلنت رئاسة «كوب 16» عن إقامة منطقة خضراء وتنظيم 7 أيام للمحاور الخاصة، مشيرة إلى أن هذا البرنامج غير المسبوق يأتي في إطار الجهود التي تبذلها السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات نبعث منها كميات من غاز الميثان أكبر من أي وقت مضى.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد مؤثر... قال الغوّاص (أ.ف.ب)

اكتشاف شعاب مرجانية عمرها 300 عام «أكبر من الحوت الأزرق»

اكتشف علماء أكبر شعاب مرجانية سُجِّلت على الإطلاق في جنوب غربي المحيط الهادئ... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.