أميركا تقدم 436 مليون دولار لسوريا وتطالب بـ«فتح المعابر»

TT

أميركا تقدم 436 مليون دولار لسوريا وتطالب بـ«فتح المعابر»

في جهود حثيثة لمواجهة الانهيار الإنساني في سوريا، دعت الولايات المتحدة المجتمع الدولي إلى العمل معاً من أجل تمديد تفويض الأمم المتحدة لعمليات الإغاثة الإنسانية عبر الحدود السورية، وفتح بقية المعابر الأخرى لإيصال المساعدات الإنسانية.
وأعلن أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي في المؤتمر الوزاري لمحاربة «داعش» بإيطاليا أول من أمس، عن تقديم أكثر من 436 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية للشعب السوري، مشيراً إلى أن هذا التمويل الجديد المقدم من خلال وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سيوفر مساعدات حيوية إضافية للأسر المحتاجة في سوريا، واللاجئين السوريين، والمجتمعات المضيفة في البلدان المجاورة.
وأوضحت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في بيان أمس، أن التمويل الإضافي الذي أعلن عنه بلينكن، سيدعم الشركاء الإنسانيين في توفير المياه الصالحة للشرب في سوريا، وإمدادات النظافة والإغاثة، والمساعدات النقدية لمساعدة السوريين المتضررين من الأزمة الاقتصادية في البلاد، كما سيساعد التمويل أيضاً في معالجة آثار جائحة (كوفيد - 19)، من خلال توفير المساعدة الصحية والغذائية، فضلاً عن خدمات الحماية بما في ذلك دعم «الصحة العقلية للأطفال الذين يحتمون في المخيمات، والمساحات الآمنة للنساء والأطفال، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، ومساعدة الأطفال الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي».
ولفتت الوكالة إلى أن هذا التمويل الجديد يأتي في وقت حرج، قبل العاشر من 10 يوليو (تموز) المقبل، إذ سينتهي التفويض الحالي للأمم المتحدة للعمليات عبر الحدود في سوريا، مؤكدة أن الولايات المتحدة تواصل دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى إعادة تفويض وصول مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود في باب الهوى، آخر معبر متبقٍّ على العمل، والمناداة وإعادة معابر الأمم المتحدة الأخرى للحدود لضمان قدرة المجتمع الإنساني على تقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى ملايين السوريين، الذين يعتمدون على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وأضاف البيان: «لا يوجد بديل عملي للمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود لتلبية نطاق وحجم المساعدات المطلوبة في سوريا، حيث تكون الاحتياجات الإنسانية في أعلى مستوياتها على الإطلاق، والتي تنبع من عقد من الصراع، وتفاقمت بسبب جائحة (كورونا)، والأزمة الاقتصادية المتصاعدة».
واعتبرت وكالة التنمية الدولية الأميركية، أن الولايات المتحدة لا تزال أكبر مانح في العالم للاستجابة للأزمة السورية، حيث قدمت ما يقرب من 13.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية منذ بداية الصراع، الذي دام عقداً من الزمن، وفي كل شهر، تصل المساعدات الإنسانية الأميركية من خلال الوكالة ووزارة الخارجية إلى ما يقرب من خمسة ملايين سوري، في جميع المحافظات الـ14 في سوريا، بالإضافة إلى أكثر من مليون لاجئ سوري في البلدان المجاورة.
وبدا واضحاً مواصلة الإدارة الأميركية الحالية إلى حد كبير على النهج الذي تم اتخاذه خلال إدارة إدارة الرئيس ترمب السابقة، بسيطرة القوات الأميركية على منطقة شمال شرقي سوريا الغنية بالنفط والزراعة، إلى أجل غير مسمى، مع عزل نظام الرئيس بشار الأسد اقتصادياً من خلال قانون قيصر.
ويعتقد الكثير من المراقبين للسياسة الأميركية، أن الاستراتيجية السياسية الأميركية لإدارة الرئيس بايدن في سوريا لا تزال غائبة، في ظل المفاوضات غير المباشرة مع المسؤولين الإيرانيين في فيينا، ورغم التركيز الصارم على محاربة داعش الإرهابي، فإن استمرار وجود الجيش الأميركي في سوريا، وسياسة العزلة التي تمارسها وزارة الخارجية تجاه دمشق، قد تأثرت بطموحات كل من إيران وروسيا في البلاد والمنطقة بشكل أوسع.
وقال بلينكن في روما يوم الاثنين الماضي: «معاً، يجب أن نبقى ملتزمين بأهداف تحقيق الاستقرار كما فعلنا في حملتنا العسكرية التي أسفرت عن النصر في ساحة المعركة»، إلا أن مسؤولاً غربياً مطلعاً على الاجتماع قال لعدد من وسائل الإعلام: «إنه لم يتغير شيء يذكر منذ آخر عرض قدمته الولايات المتحدة بشأن الصراع».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.