بعد حرب غزة... خبير فلسطيني بأروقة المحكمة الجنائية الدولية يجمع أدلة ضد إسرائيل

محامي حقوق الإنسان الفلسطيني راجي الصوراني(ا.ف.ب)
محامي حقوق الإنسان الفلسطيني راجي الصوراني(ا.ف.ب)
TT

بعد حرب غزة... خبير فلسطيني بأروقة المحكمة الجنائية الدولية يجمع أدلة ضد إسرائيل

محامي حقوق الإنسان الفلسطيني راجي الصوراني(ا.ف.ب)
محامي حقوق الإنسان الفلسطيني راجي الصوراني(ا.ف.ب)

ينظر محامي حقوق الإنسان الفلسطيني راجي الصوراني من مكتبه في الطابق العاشر من مبنى مطل على المنطقة الساحلية في قطاع غزة إلى أكوام الركام التي خلفها القصف الإسرائيلي الشهر الماضي، بينما تتكدس أمامه ملفات جديدة يجمعها لتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويقول الصوراني إن اليوم الذي قرر فيه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في مارس (آذار) فتح تحقيق رسمي في جرائم إسرائيلية مفترضة في الأراضي الفلسطينية منذ العام 2014 هو «يوم مبهج».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اعتبر أن القرار «يجسد تماما معاداة السامية».
ومنذ 2015، رفع الصوراني (66 عاما) عشرات الدعاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل التي تحاصر القطاع الساحلي الفقير منذ أكثر من 14 عاما، ممثلا لفلسطينيين يقول إنهم ضحايا «جرائم حرب» ارتكبتها إسرائيل. وصار بإمكان الفلسطينيين رفع دعاوى أمام المحكمة بعدما صادقت السلطة الفلسطينية على نظام روما الأساسي للمحكمة.

ويرى الصوراني الذي درس في مصر ولبنان قبل أن يؤسس «المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان» في غزة في العام 1995، أن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في هذه القضايا «سيسمح للضحايا باستعادة كرامتهم وتحقيق العدالة المناسبة»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقول المحامي الذي يرأس فريقا من نحو ستين شخصاً، «نحن ثوار رومانسيون جدا وحالمون. الواقع من حولنا محزن وسيئ للغاية، وغير متوازن على الإطلاق».
ويقوم الفريق بتوثيق أدلة محتملة قد تساهم في إثبات تورط إسرائيل باستهداف مدنيين عمدا خلال الحروب بينها وبين قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. وتنفي إسرائيل تماما استهداف مدنيين.
وتتناول الملفات التي يجمعها الصوراني حصار غزة وروايات ضحايا في حرب 2014، وقمع احتجاجات «مسيرة العودة الكبرى» العام 2018، وصولا إلى الحرب الأخيرة في مايو (أيار). وفيها صور مبان مدمرة، وقوائم تفصيلية بأسماء الضحايا، وتقارير عن الصواريخ التي استخدمها الجيش الإسرائيلي، وخرائط للمواقع التي تم قصفها... كلها موضبة بعناية في عشرات الملفات والخزانات.

وأنهى وقف لإطلاق النار في 21 مايو تصعيدا داميا استمر 11 يوماً بين الدولة العبرية وحركة حماس الفلسطينية وأسفر عن مقتل 260 شخصاً بينهم 66 طفلا ومقاتلون، بالإضافة إلى 13 شخصاً في الجانب الإسرائيلي بينهم طفلان وجندي.
وأطلقت حركة حماس والفصائل الفلسطينية في القطاع آلاف الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، وقصفت إسرائيل جوا وبالمدفعية القطاع، مؤكدة أنها استهدفت فقط مواقع عسكرية لحماس والفصائل، ومشيرة إلى احتمال وقوع أضرار جانبية غير مقصودة.
لكن الصوراني يقول «بكلمة واحدة، عار على إسرائيل»، مضيفا «الحروب تقع بين الجيوش»، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي «جيش جبار في الشرق الأوسط يتحدى إيران وحزب الله ويقصف سوريا». ويضيف «يجب تحييد المدنيين. هل حماس هي برج الشروق، برج هنادي، برج الجلاء؟»، في إشارة إلى أسماء أبراج قال الفلسطينيون إن فيها مساكن وحولتها إسرائيل إلى كومة ركام لأنها تضم مقار لحماس.

ويتابع الصوراني «ما علاقة أنابيب المياه بحماس؟ ما علاقة الكهرباء ونظام الصرف الصحي بحركة حماس؟».
وألحق القصف الإسرائيلي دماراً كبيرا بالبنى التحتية في القطاع المكتظ بأكثر من مليوني شخص.
ويرى الصوراني أن الإجراءات الإسرائيلية لـ«تحييد المدنيين» غير كافية.
ثم يتابع المقارنة بين طرفي النزاع ردا على المدافعين عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، «أحد الجانبين يمتلك طائرات حربية مقاتلة بينما الطرف الآخر هم سكان تحت الحصار»، مضيفا «غزة هي أكبر سجن مفتوح يريدون إرسالنا إلى العصر الحجري».
وأمضى الصوراني ثلاث سنوات في سجن إسرائيلي بسبب نشاطه السياسي داخل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. ويقول إنه استغل «كل دقيقة» في السجن لدراسة القانون الإسرائيلي ومعاهدة جنيف حول القانون الإنساني الدولي.
ويضيف «عشت حياتي كلها تحت الاحتلال، لا أحد يستطيع أن يقول إن الاحتلال الإسرائيلي عادل».

على رفوف مكتبته المليئة بالكتب، يضع الحقوقي البارز تمثال جائزة روبرت ف. كينيدي (السيناتور الأميركي الراحل) البارزة في مجال حقوق الإنسان، وهي جائزة عريقة تمنح في ذكرى رحيل كينيدي الذي لطالما اعتقد أن الشجاعة الأخلاقية للأفراد قادرة على التغلب على الظلم.
ويقول الصوراني عن الجائزة التي حصل عليها العام 1991 مناصفة مع المحامي الإسرائيلي أفيغدور فيلدمان، إنه «فخور بالتكريم»، لكنه يشعر بخيبة أمل إزاء حصول الرئيس الأميركي جو بايدن على الجائزة نفسها العام 2016 عندما كان يشغل منصب نائب الرئيس.
ويتابع «نريد أشخاصاً يدافعون عما قاله روبرت كينيدي بأن العدالة للجميع»، منتقدا تبرير إدارة بايدن لسلوك إسرائيل بأنه حق مشروع في الدفاع عن النفس.
ويضيف «لا نريد أن نرى أكثر من حكم القانون وتحقيق العدالة والكرامة للضحايا الذين نمثلهم. ليست لدينا رغبة شخصية في الانتقام، لكنني أعتقد أن للفلسطينيين الحق في العدالة والكرامة».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.