أسابيع الموضة الرجالية لـ2022 تتوق للانطلاق والتفاعل المباشر

المصممون يديرون ظهورهم للعروض الافتراضية

من اقتراحات دار «تودز»
من اقتراحات دار «تودز»
TT

أسابيع الموضة الرجالية لـ2022 تتوق للانطلاق والتفاعل المباشر

من اقتراحات دار «تودز»
من اقتراحات دار «تودز»

اختتم أسبوع الموضة الرجالي لعام 2022، فعالياته أول من أمس، في باريس، بعد أن تسلم المشعل من ميلانو، يوم الثلاثاء الماضي.
ومنذ انطلاقه في العاصمة الإيطالية، والمصممون يعبرون عن أملهم بأن يكون صيف 2022 أفضل، وفي الوقت نفسه يعبرون عن تعبهم من العروض الافتراضية التي تطلبت منهم جهوداً كبيرة لشد انتباه الزبائن، لقاء مردودية لا ترقى للكثير.
تشكيلاتهم في الأسبوعين الأخيرين تشير إلى أن الحياة بدأت تدب من جديد، على الأقل حسبما أكدته عدة بيوت اختارت العرض المباشر، أمام ضيوف انتقتهم بعناية وديكورات لم تبخل عليها بأي من عناصر الإبهار المعهودة. دار «ديور» مثلاً استقبلت مغني الراب ترافيس سكوت في باريس، الذي تعاون مع مصممها كيم جونز على تصميم هذه التشكيلة. قدمت الدار العرض في إطار مبهر. زينت الأفق بـ650 لمبة إضاءة فيما نثرت على الجوانب 27 منحوتة، أربع منها على شكل شجرة صبار يفوق طول واحدة منها الـ4 أمتار، و12 على شكل فطر و11 على شكل ورود. كانت الفكرة إعادة تصميم حديقة السيد كريستيان ديور التي شهدت طفولته وتأثر بها، وفي الوقت ذاته إحضار أجواء تكساس مكان نشأة سكوت ترافيس بصحاريها وشمسها الحارقة وغبارها.
لم يختلف المشهد في ميلانو الذي اختتم فعاليته المصمم جيورجيو أرماني، يوم الاثنين الماضي، أي قبل يوم من انطلاق أسبوع باريس. ورغم إصابة أرماني البالغ من العمر 86 عاماً، بكسر في كتفه استدعى 17 غرزة، إلا أنه أصر على أن «العرض يجب أن يستمر كي يستعيد وهجه من جديد»، مُنوهاً بأن روح الموضة تكمن في عروضها الحية. حسب تصريحه: «لقد توصلنا إلى نتيجة مهمة هي أن الموضة لا يمكن أن تتقوقع في عالم افتراضي». صحيح أن العروض الافتراضية مهمة على المستوى العالمي، إلا أنها غير كافية ولا تستوفي كل الشروط المطلوبة «فالموضة تحتاج إلى أرض صلبة وملموسة وتفاعل».
مثل «هيرميس» و«ديور» في باريس وجيورجيو أرماني و«دولتشي أند غابانا» و«إيترو» في ميلانو، فإن عودة العروض الحية التدريجية تعكس رغبة المصممين المحمومة للتفاعل مع زبائنهم بشكل مباشر. بالنسبة لدومينكو دولتشي، فإن العروض الافتراضية كانت حلاً مؤقتاً فرضته جائحة «كورونا»، ولم تنجح في التعويض عن عناصر التشويق والإبهار التي توفرها العروض الفعلية بحضورها وإضاءتها وموسيقاها وجلبتها وفضول مصوريها وهلم جرا. «بالنسبة لنا، فإن العروض تُمثل تلك اللحظة المثيرة التي يتفاعل فيها الجمهور مع الأزياء، فضلاً عن أنها تُعطينا فكرة عن رأيهم فيها من خلال ردود أفعالهم».
كاين إيترو المدير الإبداعي لدار «إيترو» يوافقه الرأي قائلاً «يمكنك أن تسجل كل ما تُريد وتبثه على أي منصة تريد، ولكن، لكي تعكس نفسك وأسلوبك بشكل واضح وصحيح لا بد أن نرى بعضنا البعض بشكل مباشر».
بالنسبة لكيم جونز مصمم دار «ديور» للأزياء الرجالية، فإن التفاعل مهم، كذلك الحركة التي يعتبر السفر جزءاً منها للترويح عن النفس من جهة، والتعرف على ثقافات أخرى، وتثقيف الذهن من جهة ثانية.
رأي يوافقه عليه الكل. فالحياة من دون سفر أو لقاءات لحوالي 16 شهراً لم تكن هينة على أي أحد. كيم جونز عبر عن هذه الحاجة الملحة للانعتاق من السجن المفتوح الذي فرضته الحكومات على مواطنيها، من خلال أزياء منطلقة ومريحة، مشيراً إلى أن تعاونه مع صديقه الموسيقي ترافيس يجمع ثقافتين وحقبتين مختلفتين، وفي الوقت يتضمن الكثير من القواسم المشتركة.
عنوان التشكيلة «كاكتوس جاك ديور» (Cactus Jack Dior)، مستوحى من علامة تسجيل مغني الراب وكاتب ومنتج الأغاني «ترافيس سكوت»، المولود في تكساس.
تشير الدار إلى أن الصديقين اتفقا، منذ البداية على نقاط رئيسة، منها إعادة تصميم مكان العرض، وهو الحديقة التي أمضى فيها كريستيان ديور، طفولته بشكل واضح، حتى تعكس جانباً من نشأة سكوت في تكساس. وهكذا زُرعت بشجر الصبار الذي تتميز به الصحراء الأميركية عوضاً عن ورود الزنبق وغيرها من الورود التي تعود عليها السيد ديور. هذا التزاوج بين الباريسي والأميركي تجسد أيضاً في الألوان التي بيضتها أشعة الشمس الحارة، كالبنفسجي، ولون القهوة، الأخضر الفستقي، ودرجات اللون الأزرق الباهتة، فيما تحول نمط «توال دو جوي» الخاص بالدار إلى «توال دو كاكتوس» باستخدام تقنية اللون الممشح «شينيه» مع رسوم مستوحاة من مشاهد صحراوية.
مفهوم السفر وما يتضمنه من حركة وانطلاق طبع أيضاً تشكيلة جيورجيو أرماني التي جاءت بعنوان «العودة إلى نقطة الانطلاق».
ابتعد أرماني فيها عن الشكليات والرسميات الكلاسيكية، محتضناً في المقابل الطابع غير الرسمي للملابس الرياضية، إلى حد أنه اقترح في إحدى الإطلالات تنسيق البدلة بشكل جديد: قميص سهرة مع سترة من الدنيم وبنطلون ذي ثنيات مصنوعة من الصوف المقلم، أو جيليه - جاكيت مع شورت برمودا.
فيرونيك نيشانيان، مصممة دار «هيرميس»، لم تغفل بدورها عن أن صيف 2022 ستغلب عليه الرغبة في الحرية والانطلاق، لهذا قدمت حوالي 41 تصميماً تلعب على التنوع وإمكانية استعمال القطعة الواحدة بشكلين أو أكثر، حتى تلبي رغبة صاحبها في التجديد وأيضاً في الاستثمار. فالمستقبل قد يعني عودة عروض الأزياء إلى سابق عهدها، لكنه قد لا يعني عودة الاستهلاك بالشكل الذي كان عليه قبل الجائحة.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».