«قاع»... رحلة إنسانية ومسرحية ضد الشر

العمل المصري اعتمد مزج الشعر بالموسيقى

«قاع»... رحلة إنسانية ومسرحية ضد الشر
TT

«قاع»... رحلة إنسانية ومسرحية ضد الشر

«قاع»... رحلة إنسانية ومسرحية ضد الشر

لا يخطر ببال من يشاهد العرض المسرحي «قاع» أنه مشروع تخرج لعدد من شباب الفنانين في ورشة فنية تحمل اسم «نجوم المستقبل»، فالأداء الصادق الحار وحركة الممثلين الذين ربما يقترب عددهم من الثلاثين التي تتسم بالسلاسة والانسيابية، فضلاً عن المؤثرات الصوتية والإضاءة والملابس، والتي جاءت متقنة على نحو جعل المشاهدين يتسمرون في مقاعدهم، كل هذا يوحي بأننا أمام ممثلين ناضجين ومحترفين وليس مجموعة من المواهب التي تخطو خطوتها الأولى على طريق طويل.
العمل يراهن بقوة على استعادة مسرح الشعر والغناء والموسيقى دون أن يفقد الحد الأدنى من القوام الدرامي في حبكته الرئيسية، وهو من إنتاج «فرقة مسرح إسكندرية» التابعة لـ«البيت الفني للمسرح» التابع بدوره لوزارة الثقافة المصرية. يرصد العرض في لوحات محكمة على المستويين التقني والجمالي، وبحساسية خاصة تمزج بين السخرية والشجن، رحلة الإنسان الروحية على الأرض وصراعه الدائم ضد الشر ممثلا في الشيطان، إنها بانوراما شاملة تطمح لرصد قصة الوجود الإنساني من البداية للنهاية وما يتخللها من أشواق للحق والخير والجمال يوازيها نزعة دخيلة تغوي بالقتل والسطو والأنانية.
هنا يراهن الشر على سلاح الغواية ببريقه الذي يخطف العيون الكليلة ويأسر القلوب الضعيفة، بينما يراهن الخير على الفطرة النقية في أعماق البشر، ولعل مؤلف أشعار العمل د. محمد مخيمر أحسن التعبير عن هذه الحالة حين قال في إحدى قصائده المغناة: كانَ الظلامُ وكنتُ غيباً غائماً - ثم ابتدأتُ ولمْ أجدْ لي نورا... مثلَ اليمامِ أطوفُ طيفا هائماً- والذنبُ كانَ بجنتي مسطورا... يا غربتي زادَ ابتلائي قسوة - فمتى أعودُ لجنتي مسرورا.
قد يبدو هذا الطرح بسيطاً على المستوى النظري، لكن تحويله إلى لغة بصرية هو التحدي الأساسي الذي واجه صناع العمل، فجاء تصميم ديكور وملابس وليد جابر لينفي فكرة وجود زمن أو مكان محدد بحيث يتماشى ذلك مع رؤية الرحلة السرمدية للوجود من بدايتها لنهايتها، فالبطل هنا هو الإنسان على امتداد العصور. كما جاءت الأزياء الموحدة للممثلين لتعطى نوعاً من «وحدة البشر» بصرف النظر عن لون البشرة أو المعتقد أو الانتماء الجغرافي. وعكست الموسيقى التي ألفها محمد شحاتة التحولات الحادة التي تعصف بالنفس الإنسانية ما بين القناعة والطمع، السكينة والقلق. تتهادى الموسيقى كقبلة على جبين سحابة حين يغمر البشر الحب ثم تدوي بقوة كزلزال عنيف في لحظات القتل وسفك الدماء! وتلعب الإضاءة التي صممها إبراهيم الفرن دوراً حاسماً في تجسيد التوتر الدرامي في العمل، فهي تخفت بشدة في لحظات الغواية والوساوس وتبرق بقوة بألوان صارخة في لحظات الفعل الشرير.
اللافت أن العمل الذي ألفه محمود حسن، ويستمر على مدار سبعين دقيقة جاء بالعربية الفصحى «المخففة» وقد أضفت على العمل شيئاً من الرقي وبدت مناسبة للأفكار الفلسفية التي تطرحها المسرحية التي تعرض في موسم جديد يستمر هذه بداية شهر يوليو (تموز) المقبل، على مسرحية «ليسيه الحرية» بالإسكندرية.
من جانبه، يؤكد مخرج العرض محمد مرسي أنه معتاد على العمل مع أعداد ضخمة من الفنانين الشباب، سواء كانوا محترفين أم هواة، خصوصاً أنه من المؤمنين بقيمة الورش الفنية المسرحية حيث كان مسؤولاً عن المسرح بمركز الإبداع الفني بالإسكندرية، التابع لوزارة الثقافة، وأنشأ استوديو «الممثل» الذي قام بتخريج دفعات عدة.
ويقول مرسي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إنه «يهوى العمل مع الشباب نظراً لطاقة الحماس التي يمتلكونها»، مضيفاً: «يحمل العرض إضافة بصرية تكاد تكون غير مسبوقة على مستوى التجارب المسرحية السابقة، ولهذا توقعنا له النجاح لأكثر من سبب، أبرزها الإخلاص والجهد المبذولين في الإعداد للعمل، كما أن النص نفسه مكتوب بطريقة تجعله يلامس كل متفرج ويجد ضمن أحداثه ما يمسه هو شخصياً، ولهذا لم نفاجئ بالإقبال الجماهيري والاحتفاء النقدي، موضحاً أنه لا يقول ذلك من باب الغرور ولكن من باب وضع الأشياء في نصابها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.