الرئيس الجزائري يلتقي زعيمي حزبين حول تشكيل الحكومة

التحقيق قضائياً مع سياسي ومدير فضائية بشأن الإساءة للأمير عبد القادر

الرئيس تبون يتحدث بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (أ.ب)
الرئيس تبون يتحدث بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (أ.ب)
TT

الرئيس الجزائري يلتقي زعيمي حزبين حول تشكيل الحكومة

الرئيس تبون يتحدث بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (أ.ب)
الرئيس تبون يتحدث بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بالعاصمة الجزائرية (أ.ب)

التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، رئيس «حركة مجتمع السلم» عبد الرزاق مقري، وأمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» الطيب زيتوني، في ثاني يوم من المشاورات السياسية الرامية لتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وقال قيادي بـ«حركة مجتمع السلم» لـ«الشرق الأوسط» إن زعيم الحركة مقري «طرح على الرئيس رؤيته بخصوص تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحديد هدف واحد لها، وهو تطوير الاقتصاد بصفة عاجلة». وتابع نقلاً عن مقري أن «الجزائر بحاجة إلى توافق وطني بين كل المكوَنات السياسية لتحقيق تنمية شاملة».
وحسب المصدر ذاته، لم يقدم تبون لرئيس الحزب الإسلامي عرضاً لدخول الحكومة المنتظرة بعد تنصيب «المجلس الشعبي الوطني»، المنبثق عن الانتخابات التشريعية في 12 يونيو (حزيران) 2021. وحصلت «حركة مجتمع السلم» على 65 مقعداً في البرلمان، وبذلك أصبحت القوة السياسية الثانية، بعد «جبهة التحرير الوطني» (105 مقاعد)، والثالثة بحساب عدد المقاعد بعد المستقلين (84 مقعداً).
وكانت «حركة مجتمع السلم» قد غادرت الحكومة في 2012، بعد مشاركة فيها دامت منذ 1995، ورفضت العودة إليها في 2015، على الرغم من إلحاح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وقال مقري، الخميس الماضي، في بيان، إنه «سيشرع في اتصالات تشاورية مع مكونات الطبقة السياسية، المشاركة في العملية الانتخابية وغير المشاركة» تتناول -حسبه- مشروع «التوافق الوطني». وكان مقري مرفوقا برئيس «مجلس الشورى» عبد القادر سماري، وهو وزير سابق، ونائب رئيس الحزب عبد الرزاق عاشوري، والأمين الوطني للتنظيم والرقمنة عبد العالي حساني شريف، عندما التقى تبون وأبرز مساعديه.
والتقى الرئيس تبون، أمس، كذلك وفداً عن التجمع الوطني الديمقراطي (58 مقعداً) برئاسة الأمين العام للحزب الطيب زيتوني، وأعضاء المكتب الوطني للحزب علي رزقي ومصطفى ياحي ومنذر بودن، وسمع منهم مقترحاتهم حول الحكومة الجديدة، والأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومجريات الانتخابات.
وأكد مصدر من «التجمع» لـ«الشرق الأوسط» أن وفد الحزب لم يتلقَّ أي عرض بشأن الانضمام إلى الحكومة الجديدة، مضيفاً: «من جهتنا، اكتفينا بتقديم رأينا في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والمخاطر المحدقة بنا جراء أزمات الجوار، خاصة في ليبيا».
وكان الرئيس تبون قد التقى في اليوم الأول من المشاورات الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» أبو الفضل بعجي الذي صرح بعد اللقاء بأن العدد الأكبر من الوزارات في الحكومة سيعود لحزبه. كما التقى الرئيس أيضاً ممثلاً عن الأعضاء الأحرار (المستقلين) في البرلمان الجديد.
إلى ذلك، أحالت الشرطة نجل أحد أيقونات ثورة الاستقلال ومدير فضائية خاصة على النيابة لاستجوابهما حول «الإساءة» للأمير عبد القادر الجزائري مؤسس الدولة الجزائرية، والرئيس الراحل هواري بومدين. واستمع وكيل الجمهورية بـ«محكمة سيدي امحمد»، بالعاصمة أمس، إلى نور الدين آيت حمودة نجل رجل ثورة الاستقلال الشهير بـ«عميروش»، ومدير فضائية «الحياة» هابت حناشي، على أثر دعوى قضائية رفعها أحفاد الأمير عبد القادر الجزائري، قائد ثورات شعبية ضد الاستعمار الفرنسي في القرن الـتاسع عشر. وجاءت بعد اتهام آيت حمودة مؤسسَ الدولة الجزائرية الحديثة بـ«الخيانة»، على اعتبار أنه استسلم لفرنسا، وكان ذلك لدى استضافته في برنامج بثته القناة يوم الـ17 من الشهر الحالي. كما هاجم بحدة أحفاد الأمير، ومنهم إدريس الجزائري سفير الجزائر لدى سويسرا سابقاً، وانتقد أيضاً الرئيس الراحل هواري بومدين.
ووقف الناشط السياسي المثير للجدل أمام النيابة متهماً بـ«الإساءة لأحد الرموز الوطنية التاريخية». وقد اعتقل ليل السبت في فندق ببجاية شرق العاصمة. وقال سعيد يونسي، محامي هابت، في اتصال هاتفي، إنه حضر إلى المحكمة بناء على استدعاء من النيابة. وأكد أنه لا يعرف بالتحديد ما يؤخذ على مدير الفضائية. وتابع المحامي أن قاضي التحقيق قرار الإفراج عن حناشي في وقت لاحق أمس.
وتشبه هذه القضية إلى حد كبير سجنَ كاتب السيناريو رابح ظريف الذي أدانته محكمة بشرق البلاد بالسجن 6 أشهر مع التنفيذ مطلع 2020 بسبب منشور له في شبكة التواصل الاجتماعي اتهم فيه عبان رمضان، وهو أحد أبرز مهندسي حرب التحرير، بـ«خيانة رفاقه في السلاح» و«العمالة لفرنسا الاستعمارية». وكان ظريف يومها مديراً للثقافة بولاية المسيلة.
وقد أثارت «قضية ظريف»، كما هو الحال مع آيت حمودة، جدلاً حول «حدود حرية التعبير والرأي»، و«هل يجوز لغير الباحثين المتخصصين الخوض في المسائل التي تتعلق بالتاريخ؟».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم