وساطة إسبانية لدعم إنتاج لقاح كوبي

ممرضة تجهّز جرعة من لقاح «أبدالا» في هافانا الأربعاء (رويترز)
ممرضة تجهّز جرعة من لقاح «أبدالا» في هافانا الأربعاء (رويترز)
TT

وساطة إسبانية لدعم إنتاج لقاح كوبي

ممرضة تجهّز جرعة من لقاح «أبدالا» في هافانا الأربعاء (رويترز)
ممرضة تجهّز جرعة من لقاح «أبدالا» في هافانا الأربعاء (رويترز)

أكد مصدر في المفوضية الأوروبية أن محادثات تجري مع السلطات الكوبية بشأن إمكانية التعاون بين الطرفين لإنتاج لقاح «أبدالا» الذي طوره مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في كوبا، والذي أظهرت نتائج المرحلة الثالثة (الأخيرة) من التجارب السريرية فاعليته بنسبة تزيد على 92 في المائة؛ أي ما يعادل فاعلية لقاحي «فايزر» و«مودرنا» اللذين يستخدمان تقنية مرسال الحمض الريبي النووي التي راهن عليها الاتحاد الأوروبي لمشترياته في المرحلة المقبلة.
وقال المصدر في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن المحادثات التي بدأت منذ أيام بوساطة إسبانية تهدف إلى مساعدة المركز الكوبي على إنتاج كميات إضافية من اللقاح، في حال الموافقة على استخدامه من طرف الوكالة الأوروبية للأدوية، وتوزيعها على البلدان التي تعاني من عجز في اللقاحات، وتفتقر إلى القدرة على شرائها في أميركا اللاتينية.
وأضاف المصدر أن محادثات موازية تجري أيضاً من السلطات الأميركية لتذليل العقبات التي قد تنشأ عن إجراءات العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة منذ عقود على كوبا، والتي تطال أيضاً الشركات والمؤسسات غير الأميركية التي تتعامل مع الجزيرة. وأعرب المصدر عن تفاؤله بتجاوب واشنطن مع المساعي الرامية إلى تعليق مفاعيل العقوبات في الظروف الصحية الراهنة.
كان المركز الكوبي المذكور، المعروف بخبرته الطويلة في إنتاج اللقاحات، الذي يعمل على تطوير لقاحين ضد «كوفيد - 19» قد أعلن أن فاعلية لقاح «أبدالا» الذي يوزع على 3 جرعات بلغت 92.8 في المائة بنهاية التجارب السريرية التي شارك فيها 48 متطوعاً، بينما بلغت فاعلية لقاح «Soberana02» الذي يوزع على جرعتين 62 في المائة، في انتظار معرفة مستوى فاعليته بعد الجرعة الثالثة.
وفي أول تعليق رسمي لمنظمة الصحة العالمية على هذا النبأ، قال مندوب المنظمة في هافانا الخبير الوبائي خوسيه مويا الذي تابع من كثب مراحل تطوير اللقاحين: «إنه خبر ممتاز يدفع إلى التفاؤل في هذه المنطقة التي ما زالت تعاني من عجز كبير في اللقاحات لتغطية احتياجاتها».
وأكد مويا أن المركز الرسمي لمراقبة الأدوية والمستلزمات الطبية، وهو الهيئة الناظمة في كوبا، سيوافق في الأيام القليلة المقبلة على الاستخدام الطارئ لهذين اللقاحين على نطاق واسع في الجزيرة، علماً بأنه سبق أن استخدما ضمن دراسة اختبارية في المناطق الكوبية، وبين الفئات الأكثر تعرضاً للوباء، وذلك خلال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية.
وكانت السلطات الكوبية قد أفادت بأنه حتى نهاية الأسبوع الماضي، بلغ عدد السكان الذين تناولوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاحين 2.2 مليون؛ أي ما يعادل 20 في المائة من المجموع، وأن خطة التلقيح تهدف إلى تطعيم 70 في المائة من السكان في نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، و100 في المائة قبل نهاية العام الحالي.
وقال مندوب منظمة الصحة العالمية في الجزيرة إن الملف الكوبي أصبح جاهزاً لطلب الموافقة على استخدام اللقاحين، لكنه أوضح أن هذه الإجراءات قد تستغرق أشهراً من التحاليل والدراسات والمقارنات العلمية الدقيقة، بعد إنهاء المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على اللقاحات التي تؤكد فاعليتها الهيئات الوطنية الناظمة.
وتوقع مويا، في حال سارت الأمور على ما يرام، أن ينضم اللقاحان الكوبيان إلى اللقاحات الثمانية التي وافقت منظمة الصحة العالمية حتى الآن على استخدامها.
تجدر الإشارة أن المركز الكوبي للهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية يعمل حالياً على تطوير 5 لقاحات ضد «كوفيد - 19»، أحدها في شكل بخاخ عن طريق الأنف، تعتمد جميعها تقنية الحمض النووي التقليدية.
ويذكر أن هذا المركز الذي ينتج 80 في المائة من اللقاحات التي توزع في الجزيرة منذ 3 عقود سبق أن طور لقاحاً ضد التهاب الكبد من نوع (B) ما زال إلى اليوم يعد الأكثر فاعلية، ويوزع بدعم من منظمة الصحة في أميركا اللاتينية وكثير من البلدان النامية.
وإذ تتوقع المنظمة العالمية أن يستمر عجز اللقاحات في أميركا اللاتينية خلال السنة المقبلة، دعت دول المنطقة التي تملك القدرات التقنية لإنتاجها، مثل البرازيل والمكسيك والأرجنتين، إلى التعاون وتنسق الجهود ونقل التكنولوجيا لإنتاج ما تحتاج إليه من اللقاحات، تحسباً لمزيد من الموجات وظهور طفرات جديدة.
واللافت أن هذا الإنجاز العلمي الكوبي يتزامن مع ذروة انتشار الوباء في الجزيرة، ومع أزمة اقتصادية خانقة تعاني خلالها البلاد من نقص حاد في كل المستلزمات الأساسية، بما في ذلك الأدوية والمضادات الحيوية.


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.