استنكار للاعتداء على لوحة تذكارية في موقع اغتيال كمال جنبلاط

TT

استنكار للاعتداء على لوحة تذكارية في موقع اغتيال كمال جنبلاط

تعرضت لوحة تذكارية مثبتة في موقع اغتيال مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط، لاعتداء، مما أثار جملة استنكارات وتأكيدات بأن «التقدمي» متمسك بمصالحة الجبل.
ورُفعت لوحة من الرخام قبل فترة في موقع اغتيال جنبلاط في منطقة واقعة بين بلدتي دير دوريت وبعقلين في الشوف في جبل لبنان، تحمل اسمه واسم مرافقيه حافظ الغصيني وفوزي شديد. وفجر أمس، قالت مصادر قريبة من «الاشتراكي» إن شخصاً كان يستقل دراجة نارية يُشتبه في أنه رش اللوحة بطلاء باللون الأحمر، وشاهده فلاح من المنطقة كان يخرج إلى حقله باكراً، وأبلغ عن الاعتداء قبل معالجته وإزالة الطلاء والتشويه عن اللوحة.
ويأتي الاعتداء على اللوحة عشية الاستعداد للقاء الذي عقد أمس (السبت) بهدف إعادة ترتيب البيت الدرزي، وجاء بالتزامن مع عقد اجتماعات تهدئة بين «الاشتراكي» وخصومه لتهدئة الأرض وتطويق أي ذيول لحوادث يمكن أن تعكر صفو العيش المشترك، سواء في اجتماع الدامور، الذي عقد بين وفد لـ«الاشتراكي» مع وفد من «التيار الوطني الحر» في مقر الأخير في الدامور، أو عبر اللقاءات المفتوحة بين «التقدمي» من جهة، و«القوات» و«المستقبل» من جهة أخرى.
وقالت مصادر «الاشتراكي» إن الاجتماعات التي تُعقد «لا تناقش ملف التباينات السياسية، بل تسعى للتهدئة والتنسيق لتطويق ذيول أي اشتباك يمكن أن يؤدي إلى اهتزاز العيش المشترك»، مشيرة إلى أن جولة رئيس الحزب وليد جنبلاط في قرى عاليه في الأسبوع الماضي، سعت إلى هذا الهدف الميداني. ورأت المصادر أن الاعتداء على اللوحة في هذا الوقت «مثير للقلق ويُراد منه فتنة»، لافتة إلى أن تحقيقات أمنية فُتحت في هذا الملف.
وشجب عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمه طعمه «الاعتداء الآثم على النصب التذكاري للمعلم الشهيد كمال جنبلاط في الشوف»، معتبراً أنه «اعتداء على السلم الأهلي والقيم الإنسانية والسياسية والثقافية والأدبية التي كان يجسدها المعلم الشهيد»، متمنياً على «الأجهزة الأمنية المختصة أن تلاحق المعتدين وتسوقهم إلى العدالة لأن أمن الجبل والوطن خط أحمر».
وأكد: «عزيمتنا بالتشبث بمصالحة الجبل في أكثر من أي وقت مضى، والتوافق والتواصل بين سائر المكونات الروحية في الجبل والوطن، ولا سيما في هذه الظروف المفصلية التي يجتازها بلدنا ما يستوجب الوحدة والوئام والتنسيق من أجل أمن الناس الغذائي وتحصينهم في خضم هذا الانهيار الحياتي المريب، وهذه كانت مبادئ وتطلعات المعلم الشهيد الذي كان إلى جانب الناس والفقراء»، معتبراً زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى مطرانية بيت الدين «دليلاً على هذا العمق التاريخي والتواصل بين كرسي بيت الدين والمختارة وسائر العائلات الروحية في الشوف والجبل وعلى مساحة البلد».
من جهتها، استنكرت بلدية دير دوريت الشوفية التعدي الذي حصل على اللوحة التذكارية لجنبلاط، وقالت في بيان إن «بلدة دير دوريت تستنكر أشد الاستنكار العمل التخريبي الجبان الذي حصل للوحة الشهيد المعلم كمال جنبلاط على الطريق العام بين بلدة دير دوريت وبلدة بعقلين، وتتمنى على القوى الأمنية الإسراع في كشف الفاعلين، ومهما فعلوا وافتعلوا سيبقى العيش المشترك والمصالحة الوطنية عنواناً لأبناء الجبل أجمعين».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.