السفيرة الأميركية في بيروت: إيران تنظر إلى لبنان كدولة لتنفيذ أجندتها

عون شكر البابا فرنسيس على دعوة رؤساء الطوائف المسيحية لبحث الأزمة

TT

السفيرة الأميركية في بيروت: إيران تنظر إلى لبنان كدولة لتنفيذ أجندتها

أكدت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، أن الولايات المتحدة «كانت وستظل إلى جانب الشعب اللبناني، لكن إيران تنظر إلى لبنان كدولة تمكنها من تنفيذ أجندتها». وإذ تطرقت إلى الأزمة اللبنانية، أشارت إلى أنها التقت كبار المسؤولين الذين يحرصون على لبنان بشدة في الأسبوع الماضي ولاحظت في كلامهم «مدى خطورة الوضع أكثر مما ألاحظه في بيروت».
وقالت شيا في تصريح تلفزيوني لقناة «الجديد» المحلية، إن «حكومة المَهمة التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى إطلاق مبادرته تركز على معالجة تداعيات الانفجار والتصدي لوباء (كورونا)، والبدء بتنفيذ بعض الإصلاحات الرئيسية الضرورية لإحداث استقرار اقتصادي واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي»، مضيفة: «إنني مع الرؤية التي عبر عنها الرئيس ماكرون عندما قال إن ما يحتاجه لبنان فعلاً هو حكومة مَهمة».
وقالت إن «الحكومة المتمكنة أياً كانت يجب أن تبدأ بالتحضير للانتخابات المقرر إجراؤها في غضون أقل من السنة»، مؤكدة أن «الولايات المتحدة تنظر إلى أي محاولة لتعطيل الحكومة على أنها معارضة لنوع الحكومة التي يحتاجها لبنان خلال هذه الأزمة».
وقالت إنها تدرك أن اللوم «يقع على أكثر من حزب واحد لكن حجم المسؤولية يختلف من جهة إلى أخرى»، مضيفة أن اللبنانيين «أجدر مني بالإجابة عمن يعطل لكن أعتقد أن هذا الأمر واضح».
وفي موضوع الثلث المعطل، سألت شيا: «حين نتحدث الثلث المعطل أتظنون أنهم لا يفكرون بالانتخابات أم أنهم لا يفكرون سوى بالانتخابات؟»، وقالت: «لا أعلم ما هو الدافع وراء الثلث المعطل وقد سمعت ادعاءات بأن لا أحد يسعى إلى الثلث المعطل، وإن كان ذلك صحيحاً فهو رائع لكن حين أقوم بالحسابات غالباً ما أتوصل إلى هذا الرقم السحري، وقد تكون حساباتي خاطئة، وبالنسبة إلى الثلث المعطل يتعارض مع حكومة المَهمة والرؤية التي عبر عنها الرئيس ماكرون».
وفي الحديث عن تعامل الولايات المتحدة مع الجيش اللبناني وقائده العماد جوزيف عون، قالت السفيرة الأميركية، «أتعامل مع قائد الجيش جوزيف عون بمنصبه الحالي، ولا أمتلك أي رأي عما إذا من الممكن أن يكون مرشحاً مناسباً لرئاسة الجمهورية لكنه شريك جيد لنا في منصبه الحالي كقائد للجيش، واستثمرنا 2.2 مليار دولار في الجيش اللبناني خلال السنوات العشر الماضية، وأعتقد أن الاستثمار الذي قمنا به مهم ونحن نفتخر بهذا الاستثمار».
وتطرقت إلى الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها اللبنانيون وانعكاساتها على فئات كثيرة، وقالت: «أعلم أن الكثير من جنود الجيش اللبناني يعانون فعلاً في هذه الأوضاع الاقتصادية العصيبة، لذا يقع على عاتقنا وعاتق المستثمرين الآخرين محاولة مساعدتهم خلال هذه الأزمة الاقتصادية».
وتابعت شيا: «لا نعرف إلى متى سيستمر الدعم على المواد الغذائية وغيرها من المواد، ونحن لا نقدم المساعدة من خلال الحكومة بسبب مشكلة الفساد في لبنان».
وأكدت أن واشنطن «ستضاعف المساعدات المقدمة للجيش اللبناني لهذا العام بـ15 مليون دولار من خلال برنامج التمويل العسكري الأجنبي التابع لوزارة الخارجية، وبالتالي سنستثمر في 120 مليون دولار مع شركائنا في المعدات والتدريب».
وأشارت: «سألت جميع زملائي في واشنطن عن الصلاحيات القانونية التي تخولنا مساعدة الجيش اللبناني والجنود على نحو خاص، وقدمنا حوالي 59 مليون دولار من المبالغ المسددة لتغطية النفقات التي تكبدها الجيش اللبناني لتعزيز أمن الحدود».
واعتبرت شيا أن «الدولارات التي تقدم للبنانيين هي الضرائب التي يدفعها مواطنو الولايات المتحدة، والفضل يعود إليهم في تقديم المساعدة الإنسانية للمستفيدين الذين هم في أمس الحاجة إليها».
وعن موضوع استيراد المحروقات من إيران وتفريغها في المرفأ، قالت السفيرة الأميركية، «هذا ليس حلاً بالفعل، وإن تخلصتم من الفساد المستشري في قطاعي الطاقة والكهرباء فستُحل نصف المشكلة على الفور»، مضيفة: «ما تتطلع إليه إيران هو نوع من دولة تابعة يمكنها أن تستغلها لتنفيذ جدول أعمالها»، لافتة إلى أن «توفر حلول أفضل بكثير من اللجوء إلى إيران».
يأتي ذلك في ظل أزمة مالية واقتصادية وسياسية يعيشها لبنان. وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، أن «اللبنانيين ينظرون بكثير من الأمل والرجاء إلى اللقاء الذي دعا إليه البابا فرنسيس القيادات الدينية المسيحية اللبنانية في الأول من يوليو (تموز) المقبل في الفاتيكان، لا سيما أن لبنان يعيش في ظروف صعبة يحتاج فيها إلى دعم الدول الشقيقة والصديقة، في مقدمها دولة الفاتيكان، بالنظر إلى القيمة الكبيرة التي تمثلها في العالم والدور الذي يلعبه البابا فرنسيس على أكثر من صعيد».
وجاء كلام الرئيس عون خلال استقباله في قصر بعبدا، القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور جيوسيبي فرانكوني، حيث سلمه رسالة خطية إلى البابا فرنسيس، شكره فيها على «دعوته للقاء رؤساء الطوائف المسيحية اللبنانية في الفاتيكان في الأول من تموز المقبل». وضمن الرئيس عون الرسالة عرضاً للواقع اللبناني الراهن ورؤيته إلى دور لبنان واللبنانيين في محيطهم والعالم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.