المخرج رودني حداد: لم نعد نملك الحجة لتقديم دراما غير جيدة

يحاكي مشاهد مسلسل «أمنيزيا» بلغة سينمائية متقنة

TT

المخرج رودني حداد: لم نعد نملك الحجة لتقديم دراما غير جيدة

فرض مسلسل «أمنيزيا» نفسه على الساحة الدرامية، منذ أول أيام لعرضه على منصة «شاهد» حتى اليوم. من حلقته الأولى يأسرك بقصته وبتقنياته العالية، بممثليه وبإدارة إخراجه، ينقلك إلى عالم دراما من المستوى الرفيع، بحيث لا تستطيع إلا أن تتابع حلقاته الثماني، الواحدة تلو الأخرى، من دون توقف. فعناصره الفنية مجتمعة، من صوت وصورة وموسيقى ومحتوى وتمثيل، ترتقي بمشاهدها إلى العالمية، ولكنها في الحقيقة صُنعت في لبنان.
كل الثقافة السينمائية التي يتمتع بها المخرج والكاتب والممثل رودني حداد، وضعها في تصرف هذا العمل (إنتاج «إيغل فيلمز»). وهو من بطولة الممثلين الكويتيين، فاطمة الصفي وحمد أشكناني. كما تشارك فيه مجموعة من نجوم الشاشة اللبنانية كديامان بوعبود وإيلي متري وختام اللحام وغيرهم. ويجمع في عمله الجديد فن المسرح ووهج السينما ومعالجة درامية ممتعة.
ويعلق حداد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الثقافة السينمائية مهمة عند أي مخرج. ومن الضروري أن يخزنها في أفكاره، فيستفيد من انعكاسها الفني عليه. ولكن من الضروري ألا يقوم بنقلها كنسخة طبق الأصل فتفقد قيمتها الفنية».
وعن كيفية تجميعه كل هذه الثقافة السينمائية المترجمة بوضوح في عملية إخراج «أمنيزيا» يقول: «أنا مسرحي أولاً، وأهم المخرجين في العالم دخلوا عالم الأفلام والدراما من هذا الباب. أما عملوا في مجال المسرح أو اطلعوا عليه باهتمام. أشاهد أفلاماً سينمائية عربية وغربية بشكل مكثّف حتى لو أن بعضها كان سيئاً. فكل اختبار عند غيرك لا بد أن ينعكس عليك بشكل أو بآخر».
قصة «أمنيزيا» من نوع السيكولوجي وتحكي عن مها (فاطمة الصفي) التي تتزوج من طلال (حمد أشكناني) صاحب شركة أدوية، رغم رفض والدها لهذا الارتباط. تسافر معه إلى لبنان حاملة حلمها في أن تصبح رسامة مشهورة، لتستيقظ بعد عشر سنوات من فقدان الذاكرة، داخل مصحة للأمراض النفسية، ومتهمة بعدد من الجرائم.
وضمن تغليفة درامية تخرج عن المألوف صورت بتقنية «وايد أنغل» الشبيهة بما تراه عين الإنسان المجردة، يأخذنا العمل إلى أبعاد وآفاق درامية تعتمد على المحتوى والتمثيل والصوت والموسيقى، تطبع العمل برونق فني مبتكر، يكمل جمال المشهدية ككل. ويعلق رودني حداد في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «استخدمت الموسيقى الاختبارية (إكسبريمنتال) للبنانيين شربل الهبر وفادي طبال إضافة إلى ثالثة أجنبية، لأنها تناسب فكرة العمل. وإذا ما تعمق المشاهد بكلمات الأغنيتين في بداية ونهاية المسلسل، سيكتشف مدى ارتباطها بالنص وقصة العمل. كما أن بعد المادة الصوتية هو أساسي بالنسبة لي، مع أنه يلاقي الإهمال مرات كثيرة في الأعمال الدرامية؛ فهو أداة لتلتقي فيه مع الزمان والمكان، وأحياناً يحل مكان المشهد الطويل، ويختصره بلقطة قصيرة تبرز أهمية الصوت».
لماذا هو ممتنّ من تجربته في «أمنيزيا»؟
«لأنها كانت تجربة ممتعة خضتُها مع ممثلين أصدقاء، وآخرين عرب، ما لبثنا أن أصبحنا قريبين جداً. كما أن التعاون مع شركة إنتاج رائدة كـ(إيغل فيلمز)، تضع في متناول يديك كل ما تحتاجه لصناعة درامية حقيقية. إن هذه التجارب العربية المختلطة تفتح أمامنا آفاقاً واسعة تلتقي فيها الثقافات واللغات والتقاليد». وماذا عن التكلم باللبنانية التي أجادها الممثل الكويتي حمد أشكناني؛ فهل كانت مقصودة لتقريب المسافات؟ يرد حداد: «كان من البديهي أن يتحدث باللبنانية، لأنه، وبحسب القصة، يعيش في لبنان منذ 10 سنوات. حمد بنفسه طلب التحدُّث بلهجتنا، المشهد صور بلقطة واحدة تطلب منا إعادات متكررة، كي يكون على المستوى المطلوب. فكان تحدياً من نوع آخر أظهرت فيه قدرات أشكناني الإنسانية».
وعن رأيه بالنجمين الكويتيين يقول: «فاطمة الصفي ممثلة وإنسانة رائعة، صاحبة موهبة تمثيلية رفيعة المستوى. وهي على فكرة تشبهني كثيرا كفنانة. الأمر نفسه يطبق على حمد أشكناني الذي قدّم شخصية تدور في السهل الممتنع فنجح فيها».
لاقى «أمنيزيا» كغيره من الأعمال الدرامية انتقادات طالت بعض الجرأة التي تخللته في مشاهد تجمع حمد أشكناني بفاطمة الصفي وبسينتيا كرم. ويعلق رودني حداد: «دراما المنصات سيف ذو حدين؛ فالحرية في التعاطي معها تنتج عنها وجهات نظر مختلفة قد لا تناسب جميع المشاهدين، وهم أقلية. فالهدف منها هو الإبقاء على موضوعات تدور في بيئة معينة، وهو الهدف الأساسي من هذه الدراما، لأنها تخصص لكل بيئة موضوعاتها؛ فالأمر لا يتعلق بالتشبه بالغرب، وما طرحناه في (أمنيزيا) هو أخطر من قبلة أو غمرة حنان؛ فالقيام باختبارات على الإنسان من قبل شركات الأدوية ومن باب التجارة لهو معضلة عالمية. ونحن سلَّطنا الضوء عليها لأنها تلامسنا عن قرب. المهم هو رفع مستوى الذوق العام في العالم العربي، وتغيير نمطه التفكيري فيما يخص المسلسلات. فيتم التركيز على الأفكار والمعالجة البصرية والموسيقى، وما إلى هنالك من عناصر فنية جميعها تخدم المشاهد، بحيث لا يعود يقبل بمتابعة عمل أقل مستوى، فيرتقي إلى الدراما المتقنة وبالمستوى المطلوب».
ويرى حداد أن دراما المنصات أتاحت الفرصة أمام المخرجين الشباب لترجمة أفكارهم الفنية ونقلها من السينما إلى المنصة. «هؤلاء لديهم شغف بالسينما، وجاءت المنصات لتفتح أمامهم باباً واسعاً لصناعة الدراما العربية». وعما أضافت إليه هذه التجربة يقول: «إنها تجربة أتحمل مسؤوليتها كاملة. هناك تجارب سابقة تحملت فيها إلى جانب مسؤولياتي، مسؤولية غيري وهنا يكمن الفرق».
وعن سبب تركيز المخرج أحياناً، وضمن مشهد واحد على ممثل أكثر من غيره يقول: «التركيز الذي تتحدثين عنه هو من وجهة نظر عمل غير محترف، لا أقاربه بتاتاً، لأنه يرتكز على مصالح معينة. فالممثل الحقيقي لا يحتاج إلى التركيز عليه من قبل المخرج. كل ما في الأمر أن هناك أحياناً ضرورة لإبراز معلومة معينة، يقولها ممثل موجود بين 5 آخرين فيتم التركيز عليه».
يرسم رودني حداد مشاهد مسلسل «أمنيزيا» بريشة فنان يبني لوحة سوريالية. ويدفعك إلى استخدام جميع حواسك بحيث تحلل وتبتسم، تتنفس الصعداء وتخاف، تتجمد أطرافك وتلتقط أنفاسك، وأنت تشتم رائحة الظلم والجريمة.
يأخذك في استراحة قسرية مع موسيقى لمشاهد مشوقة، تتوّجها الإثارة غير المستهلكة. يتقصّد أحيانا كثيرة استخدام مساحة معينة أو موقعاً ومعلماً لا يتعلق بجمالية المشهد، بل لإرساء أجواء تخدم وقع الصمت عليها أو ضجيجاً يثير الريبة. ويوضح: «مرات استعمل هذه المساحات للتذكير بمشهد سابق، أو للإشارة إلى موقف معين؛ فأي لقطة آخذها لا يكون هدفها مجانياً، بل نابعاً من موضوعية وخلفية معينة».
الدراما اللبنانية آيلة إلى التحسُّن برأيه و«عندما نرفع السقف ونتجرأ ولا نخاف من ردة فعل المشاهد، سنكون على الطريق المطلوب. نحن اليوم نعيش في زمن منافسة سليم، ينعكس إيجاباً على صناعة الدراما العربية ككل. لدينا جميع القدرات الإبداعية المطلوبة وميزانيات إنتاج جيدة، لم نعد نملك الحجة لتقديم عمل غير جيد».
وعن سبب الابتعاد عن الدراما الرومانسية ومقاربة موضوعات تدور في فلك التشويق والإثارة يقول: «الرومانسية استهلكت كثيراً، بحيث لم تعد ترضي المشاهد، لا سيما الشباب. المطلوب الآن تقديم قصص تلامس مجتمعنا العربي في مصر وسوريا والخليج، والكتاب مدعوون للتحرك. ليس المهم أن نملك القصة فقط، إذ إن الأهم هو معرفتنا كيفية إخبارها للمشاهد. فالإنتاج كان محلياً وكذلك المشاهد. اليوم توسعت هذ الصناعة، ودخلنا عصرها الحديث، والمطلوب امتلاك لغة تصويرية صحيحة».
لم يتسنَّ له متابعة أعمال رمضانية كثيرة «هذه الأعمال تعد تلفزيونية ولها جمهورها وتختلف عن دراما المنصات، خصوصاً بعدد حلقاتها الـ30، وتتطلب وقتاً لمتابعتها. أنا لا أحب هذا النوع من الأعمال الطويلة، وأفضّل عليها القصيرة ذات الأحداث السريعة؛ فعندما تُتاح الفرصة لتقديم عمل يشبهك أو كما ترغبين أن يكون تسقطين من معادلتك أي أعمال أخرى».
وعن جديده يقول: «أحضّر لعمل درامي جديد مع (إيغل فيلمز)، هذه المرة سيكون من كتابتي، ولكن فكرته لم تكتمل بعد».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.