«كورونا» ومشاكل القلب والأوعية الدموية

الفيروسات التنفسية تتسبب في ازدياد الاحتياجات من الأكسجين

«كورونا» ومشاكل القلب والأوعية الدموية
TT

«كورونا» ومشاكل القلب والأوعية الدموية

«كورونا» ومشاكل القلب والأوعية الدموية

لا يزال الأطباء يحاولون تفكيك الروابط بين المخاطر المرتبطة بالقلب والإصابات بفيروس «كورونا» المستجد.
من الواضح أن الأشخاص المصابين بأمراض القلب هم الأكثر عرضة للمضاعفات من فيروس «سارس - كوف - 2» SARS - CoV - 2. وهو الفيروس المسؤول عن جائحة «كورونا» الراهنة. ويقول الدكتور مايكل غيبسون، البروفسور في كلية الطب بجامعة هارفارد إن «فهمنا لكيفية تأثير فيروس (كورونا) المستجد على نظام القلب والأوعية الدموية لا يزال يتطور باستمرار». وحتى الآن، فإن الكثير من المعلومات تنبع من دراسات الملاحظة التي يمكن أن تشير إلى الاتجاهات والروابط. وتتطلب الإجابات الأكثر تحديدا إجراء المزيد من التجارب الإكلينيكية العشوائية طويلة الأجل التي تتحكم في مختلف العوامل (بما في ذلك تنوع التواريخ الطبية للأشخاص واستخدامهم الأدوية) في دراسة كيفية تأثير فيروس «كورونا» - والعلاجات المحتملة - على الأشخاص الذين تعرضوا، أو المعرضين حاليا، لمخاطر الإصابة بمرض القلب.
من العدوى إلى الالتهاب

لا يوجد شيء جديد بشأن العدوى التي تؤذي القلب. وفي واقع الأمر، تهاجم بعض الجراثيم أجزاء معينة من القلب بشكل غريب راجع: «عندما تغزو الميكروبات القلب». وأي عدوى أو مرض خطير يترك أثره الشديد على القلب، وذلك جزئيا، بزيادة حاجة القلب إلى الأكسجين. والفيروسات التنفسية التي تسبب السعال والاحتقان تجعل هذه المشكلة أسوأ كثيرا.
وبالإضافة إلى ذلك، يطلق الجهاز المناعي العنان للجزيئات الالتهابية المحاربة للعدوى. ومن شأن هذه الخلايا أن تزيد من احتمالات حدوث الجلطات الدموية، مما قد يفسر سبب ظهور النوبات القلبية في غضون أسبوع واحد بعد الإصابة بالإنفلونزا بمقدار 6 مرات أكثر عند المقارنة بفترات زمنية أخرى.
غزو الميكروبات للقلب
يمكن للفيروسات، والبكتيريا، وحتى الفطريات أن تؤدي إلى التهابات تصل إلى القلب، مما يسفر عن اضطرابات غير شائعة تسمى «التهاب عضلة القلب» myocarditis. والفيروسات مثل فيروس «كوكساكي» Coxsackie، وفيروس الهربس، وغيرها، هي الجناة الأكثر شيوعا. غير أن اثنين من الالتهابات البكتيرية الشائعة نسبيا - مثل التهاب الحلق بالبكتريا العقدية strep throat ومرض لايم Lyme disease - أحيانا ما تعيث فسادا داخل القلب.
تتسبب المجموعة (أ) من البكتيريا المكورة العقدية Streptococcus bacteria في التهاب الحلق الحاد والحمى القرمزية، التي يمكن أن تتطور إلى الحمى الروماتيزمية إذا لم تُعالج بصورة صحيحة. ومن شأن ردة الفعل المفرطة في الجهاز المناعي أن تسبب الالتهاب في جميع أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى أعراض مثل الحمى، والآلام الخفيفة في المفاصل. غير أن المرض يمكنه أن يؤذي الصمام المترالي بالقلب، والذي يتحكم في تدفق الدم بين الحجرات العليا والسفلى اليسرى للقلب. ورغم أن الحمى الروماتيزمية نادرة الآن في الولايات المتحدة، فهي لا تزال شائعة في البلدان النامية.
كما أن مرض لايم، الذي ينتقل عن طريق القراد الماص للدماء، يمكن أن تكون له عواقب قلبية نادرة وإنما خطيرة. أما القراد الذي يحمل البكتيريا الجانية، أو بكتيريا «بوريلاورغدورفيري» Borrelia burgdorferi أو بكتيريا «بوريلامايونيي» Borrelia mayonii، فهو شائع في مناطق شمال شرقي ووسط المحيط الأطلسي، وأجزاء من الغرب الأميركي الأوسط. والأعراض التقليدية لمرض لايم هي الطفح الجلدي الأحمر الداكن، والصداع، والإرهاق. ولكن إذا وصلت العدوى إلى أنسجة القلب، يمكنها أن تعطل الإشارات الكهربائية التي تنظم ضربات القلب. ويحدث هذا النوع من التعقيد، والمعروف باسم «التهاب القلب الليمي» Lyme carditis، في حوالي حالة واحدة من كل 100 حالة من حالات الإصابة بمرض لايم التي يتم الإبلاغ عنها إلى مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
الجلطات وتلف القلب
> جلطات «كورونا». هل الجلطات الدموية أكثر شيوعا بين المصابين بفيروس «كورونا» المستجد مقارنة بالإصابات الخطيرة الأخرى؟ نحن لا نعرف على وجه التحديد، حيث لا توجد دراسات مقارنة جيدة بهذا الشأن، كما يقول الدكتور غيبسون. ومجرد كون المرء طريح الفراش يجعله أكثر عرضة لحدوث الجلطات في الأوردة، وهي المشكلة المعروفة باسم «الجلطات الدموية الوريدية» venous thromboembolism (VTE). ومع ذلك فإن معدلات الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية كانت أن لدى الأشخاص الذين لم يدخلوا المستشفيات للعلاج، مماثلة لتلك التي لدى الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض الإصابة بفيروس«كورونا»، والذين جاءت نتيجة فحوصهم إيجابية، وكذلك أولئك الذين ثبتت سلبية إصابتهم بالفيروس، وفقا للأبحاث الحديثة.
* تلف القلب. يغزو فيروس (سارس - كوف - 2) الخلايا عن طريق الارتباط ببروتين يسمى (إيه سي إي 2) ACE2 الموجود في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الخلايا في القلب، والرئتين، والأوعية الدموية. وأثارت التقارير الأولية المخاوف بشأن الأضرار المحتملة في عضلات القلب (التهاب عضلة القلب) جراء الإصابة بعدوى فيروس «كورونا» المستجد لدى الشبان الرياضيين الأصحاء. غير أن البيانات الأخيرة تشير إلى أن هذه المخاطر أقل من نسبة 5 في المائة. يقول الدكتور غيبسون: «أكدت الدراسات اللاحقة وجود مستويات عالية من الخلايا الالتهابية، ولكن ليس بالضرورة في عضلة القلب نفسها».
> ارتفاع ضغط الدم. هناك فئتان من العقاقير التي تستخدم غالبا في علاج ارتفاع ضغط الدم هما: مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE inhibitors، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين angiotensin - receptor blockers (ARBs)، التي تتفاعل مع بروتين (إيه سي إي 2) لخفض ضغط الدم.
في بداية الأمر، لم يكن من الواضح ما إذا كانت هذه الأدوية قد تساعد أو تؤذي الأشخاص المصابين بفيروس (سارس - كوف - 2)، ولكن المراجعات التي جمعت النتائج من 52 دراسة شملت أكثر من مليون شخص قد وفرت قدرا من الارتياح. وعلى العموم، تبدو مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين آمنة لدى الأشخاص المصابين بفيروس «كورونا» المستجد.
*رسالة هارفارد الصحية
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أفريقيا المرض الغامض أودى بحياة أكثر من 67 شخصاً (رويترز)

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أعلن وزير الصحة في إقليم كوانغو بجنوب غربي الكونغو، أبولينير يومبا، اليوم (الأربعاء)، وفاة 67 شخصاً على الأقل في الأسبوعين الماضيين نتيجة مرض غامض.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأنشطة الروتينية عالية الكثافة مثل صعود السلالم تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية إلى النصف (رويترز)

4 دقائق من المجهود اليومي تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية

أكدت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يقمن يوميّاً بـ4 دقائق من المجهود اليومي والأنشطة الروتينية عالية الكثافة يقللن من خطر إصابتهن بالنوبات القلبية إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم
TT

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم، لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة، وفق ما نشرت صحيفة «الغارديان».

وأثبتت دراسات سابقة أن التعرض لتلوث الهواء ربما يسهم في العقم، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت السموم تؤثر على الرجال أم النساء لأن الوالدين يتعرضان لمستويات مماثلة من التعرض. وهذا يجعل من الصعب أيضاً تحديد وقت حدوث الضرر أثناء عملية الحمل.

ونظرت الدراسة الجديدة إلى نحو 1400 رجل وامرأة يحاولون إنجاب طفل من خلال التلقيح الصناعي. وسمح ذلك للباحثين بالنظر إلى بويضات المتبرعات، والحيوانات المنوية التي تم تطويرها بمعزل عن بعضها بعضاً، وفي مناطق مختلفة جسدياً.

وكان من المفترض عموماً أن تلوث الهواء يضر بالنساء أكثر، ولكن البحث الجديد يظهر أن التعرض الأبوي يشكل مشكلة أيضاً.

وفي هذا الإطار، قالت أودري جاسكينز، باحثة في جامعة «إيموري» ومؤلفة رئيسة للدراسة: «نحن لا نفكر عادة في تعرض الذكور في فترة ما قبل الحمل، ولكننا وغيرنا نظهر بشكل زائد أن التعرض الذكوري مهم، سواء من حيث الخصوبة، وربما لاحقاً في نتائج صحة الطفل».

ونظرت الورقة في بيانات جودة الهواء في الرموز البريدية للمشاركين وفي عيادات الإخصاب لتحديد التعرض لمجموعة من الملوثات. ووجدت أن التعرض للكربون العضوي والجسيمات أثناء دورات نمو البويضة والحيوانات المنوية يرتبط بقوة بالتأثيرات الضارة على بقاء البويضة والإخصاب وجودة الجنين.

والجسيمات هي ملوث هواء شائع تنتجه المركبات التي تعمل بالديزل ومحطات الطاقة والمرافق الصناعية الأخرى، فضلاً عن دخان حرائق الغابات. وخفضت وكالة حماية البيئة هذا العام العتبة التي تتخذ عندها إجراءات لخفض المستويات لأن الأبحاث أظهرت أن المادة أكثر سمية مما كان يعتقد سابقاً.

وأشارت جاسكينز إلى مثال محتمل في العالم الحقيقي في بحث سابق وجد أن زوجات رجال شرطة المرور في الهند، حيث مستويات تلوث الهواء مرتفعة، لديهن معدلات أقل من الحمل الناجح.

يبدو أن التعرض للكربون العضوي، وهو أحد مكونات الجسيمات، أثناء تحفيز المبيض، وهي الفترة التي يتم فيها تحفيز الإباضة طبياً، يزيد من احتمالية عدم بقاء البويضات. ويبدو أن الملوث يؤثر أيضاً على تكوين الجريبات وتكوين الحيوانات المنوية، وهي خطوات حاسمة في نمو البويضات والحيوانات المنوية.

وقالت جاسكينز: «تؤكد الدراسة حقاً أن حتى هذه التعرضات قصيرة المدى خلال النوافذ الحرجة مهمة».

وأضافت أن دخان حرائق الغابات غني بالكربون العضوي، لذا فإن المناطق المتأثرة بالحرائق تشكل قلقاً خاصاً.

وحتى جودة الهواء داخل العيادة بدت مهمة، ووجدت الدراسة أن مستويات الكربون العضوي الأعلى كانت مرتبطة بانخفاض بقاء البويضات، في حين ارتبطت مستويات الأوزون الأعلى بانخفاض معدلات الإخصاب. تم العثور على هذا الارتباط على الرغم من أن العيادات لديها عموماً أنظمة تنقية الهواء.

كما لم يجد البحث أي تأثيرات على العملية لكثير من ملوثات الهواء، مثل ثاني أكسيد النيتروجين.

ويمكن لأولئك الذين يحاولون الحمل اتخاذ بعض الخطوات لحماية أنفسهم، مثل استخدام نظام ترشيح هواء داخلي عالي الكفاءة، أو استخدام مرشحات أفران ذات تصنيف عالٍ، والتي تعالج الجسيمات الدقيقة. كما أوصت جاسكينز بتجنب المناطق ذات الازدحام الشديد، والبقاء بالداخل في الأيام التي تكون فيها مستويات تلوث الهواء مرتفعة بشكل خاص.