لوحات «بصر وبصيرة» في «إثراء» الظهران

الفن المعاصر للحيل البصرية يدعو إلى التفكر والتأمُل

جانب من معرض «بصر وبصيرة» الذي أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء» (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «بصر وبصيرة» الذي أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء» (الشرق الأوسط)
TT

لوحات «بصر وبصيرة» في «إثراء» الظهران

جانب من معرض «بصر وبصيرة» الذي أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء» (الشرق الأوسط)
جانب من معرض «بصر وبصيرة» الذي أطلقه مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء» (الشرق الأوسط)

أطلق مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي بالظهران «إثراء» النسخة الرابعة من المعرض السنوي «بصر وبصيرة» الذي يشارك فيه أكثر من 20 فنانا على مستوى العالم وقد حلت الفنانة السعودية آلاء فضل ضيفا على النسخة الحالية بعد ما قدمت من ابداعات في هذا المجال.
ويسعى المنظمون لإثارة التساؤل عن واقع وماهيّة الفنّ البصري الذي يرونه أمامهم، وذلك من خلال استنباط المعنى بطرق عديدة، وزوايا مختلفة تفتح آفاقًا لا متناهية لتأويل المحتوى الفنّي وفهمه.
المعرض ومن خلال عنصر التفكّر والتأمُّل يسعى إلى مراجعة ومحاولة استيعاب كل ما حولنا - وربما إعادة تكرار المحاولة بلا حد - والدخول في حوار مع الآخر لفهم كل ما يحيطُ بنا. معرض «بصر وبصيرة»، الذي سيستمر على مدار تسعة أشهر، سيضم 26 عملًا فنّيًا، من بينها 16 قطعة تعود لمجموعة إثراء، و4 أعمال تم صنعها خصيصًا للمعرض إلى جانب 6 أعمال تمت استعارتها من فنانين ومعارض عالمية مختلفة، ويهدف معرض «بصر وبصيرة»، من خلال الأعمال الفنية لنخبة من الفنانين التشكيليين المعاصرين، إلى التفكّر والتأمُّل ومحاولة استيعاب كل ما يدور حولهم، وستخلق الأعمال الفنيّة والخدع البصرية من الوهلة الأولى انطباعًا أوليًّا بصريًا يخلو من المعنى الحقيقي؛ تمكّن الزوّار من التفاعل والتركيز في ثنايا المحتوى الفني، واستنباط معاني الفنون البصرية المعروضة.
ويستضيف إثراء مجموعة مختارة من الأعمال الفنية المعاصرة صُنعت على أيدي نخبة من الفنانين على الصعيدين الدولي والإقليمي،
تهدف لإعادة نسج منظور المتلقي لتلك الأعمال، من منظور الفنانين أنفسهم. عبر جملة من الأعمال الجديدة التي تم تكليف الفنانين لإنتاجها بالإضافة إلى أعمال أخرى من مجموعة إثراء الخاصة، إلى جانب مجموعة من القطع المستعارة، ويمتد المعرض حتى الربع الأول من عام 2022.
ومن أبرز الأعمال التي يضمها المعرض، هو عمل الفنانة السعودية ولاء فضل «نورٌ على نور» وقد استنبط اسم العمل من سورة النور من القرآن الكريم، وعمل «ستة أبواب متحركة» للفنان كارستن هولر، وهو عبارة عن ستة أبواب متحركة مغطاة بالمرايا تم وضعها على أبعاد متساوية تعمل تلقائيًا، كما تشارك الفنانة عائشة خالد في عملها «الماء ينشد الظمآن»؛ ليعكس العلاقة الشخصية للفنانة بالمملكة العربية السعودية من خلال استخدام الأقمشة والدبابيس الفولاذية المطلية بالذهب، إلى جانب الفنّان روبرت إيروين في عمله «جنوب الجنوب الغربي»، الذي يعكس تجارب الفنان المستمرة مع القدرات الإدراكية للإضاءة الفلورية، وردود الأفعال التكميلية للّون والظل والتباعد.
وقال الدكتور أشرف فقيه، المشرف على البرامج في إثراء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الفن في إثراء هو إحدى الركائز الخمس التي تبنى عليها استراتيجيتنا ويشمل الفن والمعرفة والعلوم وخدمة المجتمع والثقافة. وأضاف: «على هذا الأساس ليس غريبا أن يكون الحضور الفني في إثراء كثيفا وقويا جدا، ما نقدمه في معرض بصر وبصيرة هو تجربة مختلفة لها أبعاد واسعة حيث إن الأعمال والأفلام يجمعها تخاتل البصر لتخاطب ذهنك من خلال بصيرتك». وتابع قائلاً إنّ «التشكيلة الموجودة في المعرض تضم 20 فنانا على مستوى العالم منهم فنانة سعودية حيث يكمن الغرض الأساسي منها في دفع الزائر غير المهتم بالفن بشكل كبير إلى أن يكتشف وجوها أخرى لهذا الفن وكذلك دعوة الفنانين القدماء لأن يحضروا المعرض ليجددوا شغفهم وينموا ذائقتهم لذا فنحن نسعى إلى استفزاز النظرة الفنية لهؤلاء بمواد جديدة».
وعن كيفية المشاركة للهواة من الفنانين من مختلف مناطق السعودية خاصة ودول العالم عامة قال فقيه: «دأب إثراء على تقديم دعوات مفتوحة موجهة للفنانين الواعدين من أجل التقدم لمنافسات مفتوحة فالمنافسة مهمة لشحذ الهمم وانتقاء الأفضل واليوم توجد وستبقى الفنانة ولاء فضل حتى مارس المقبل 2022 كواحدة من الاستجابات لهذه الدعوات المفتوحة».
وعن الأهداف التي تحققت خلال 4 سنوات لإثراء والمعارض التي نُظّمت، قال فقيه «خلال هذه السنوات استُقبل أكثر من مليون و700 ألف زائر، وحاولنا أن نزرع في كل واحد منهم بذرة لاكتشاف شيء جديد والنظر للعالم بشكل جديد ولنفسه بشكل مختلف».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».